السعادة قرار.. رحلة نحو الرضا الحقيقي

هل سبق لك أن تسألت عن السعادة  و رددت في نومك ويقظتك عبارة “سأكون سعيدًا عندما أمتلك كذا وكذا أو أصبح هذا أو ذاك”؟ غالبًا ما نربط سعادتنا بتحقيق إنجازات معينة، أو امتلاك أشياء ثمينة، أو الوصول إلى مناصب مرموقة. هذه النظرة، للأسف، قد تحوّل حياتنا إلى سلسلة لا تنتهي من الانتظار والقلق، وتبعدنا عن […] The post السعادة قرار.. رحلة نحو الرضا الحقيقي appeared first on الجزائر الجديدة.

يوليو 2, 2025 - 13:39
 0
السعادة قرار.. رحلة نحو الرضا الحقيقي

هل سبق لك أن تسألت عن السعادة  و رددت في نومك ويقظتك عبارة “سأكون سعيدًا عندما أمتلك كذا وكذا أو أصبح هذا أو ذاك”؟ غالبًا ما نربط سعادتنا بتحقيق إنجازات معينة، أو امتلاك أشياء ثمينة، أو الوصول إلى مناصب مرموقة. هذه النظرة، للأسف، قد تحوّل حياتنا إلى سلسلة لا تنتهي من الانتظار والقلق، وتبعدنا عن الاستمتاع باللحظة الحالية.

في عالم يركز على الأهداف التي في غالب الاحيان تكون غير واقعية استنادا الى الامكانيات المتاحة و كذلك الإنجازات التي لا تنتهي و المطلوب انجازها في وقت زمني محدد قد يكون غير واقعي، قد نقع في فخ “السعادة المؤجلة”. هذا المفهوم يدفعنا إلى الاعتقاد بأن السعادة تكمن في المستقبل، في ما هو قادم، في تحقيق هدف تلو الآخر، لا في ما هو موجود ومتاح.

لكن الحقيقة هي أن هذا النمط من التفكير يغذّي الشعور المستمر بعدم الرضا، ويمنعنا من تقدير ما نملك الآن. دعونا نستكشف كيف يمكننا تغيير هذا التفكير السلبي والبدء في عيش حياة أكثر سعادة ورضا. اكتشف أسرار السعادة الحقيقية: تحرر من قيود “عندما أمتلك كذا وكذا “! هل سبق لك أن وقعت في فخ مقولة “سأكون سعيدًا عندما أمتلك كذا وكذا”؟ إنها جملة خادعة توهمنا بأن سعادتنا مرهونة بامتلاك شيء مادي أو تحقيق هدف معين في المستقبل.

لكن ماذا لو أخبرتك أن مفاتيح السعادة الدائمة ليست محبوسة خلف أبواب “المستقبل” أو مرهونة بـ “الممتلكات”؟ حان الوقت لتكسر هذه الدائرة الوهمية وتكتشف أن السعادة رحلة مستمرة، لا وجهة نهائية. بدلًا من الانتظار، دعنا نتعلم كيف نحول أهدافنا من قيود تحد من سعادتنا إلى محفزات إيجابية تدفعنا نحو حياة أكثر إشراقًا ورضا. إليك بعض الأفكار العملية والقابلة للتطبيق التي ستساعدنا على تغيير منظورنا نحو السعادة، وتحريرها من سجن “الامتلاك”: السعادة ليست في كمية المال: الطموح المالي أمر جيد ومشروع، ولكن ربط السعادة بامتلاك مبلغ معين من المال في حساب بنكي بالدينار او الدولار او اليورو هو طريق مسدود. عندما نحقق هدفًا ماليًا، غالبًا ما نجد أنفسنا نطمح للمزيد، وتتحول رغبتنا في المال من وسيلة لتحسين الحياة إلى قيد لا ينتهي.

بدلًا من ذلك، لنركز على استخدام المال كوسيلة لتحقيق الاستقرار، ومساعدة الآخرين وزرع الابتسامة والفرحة والأمل في قلوب الفقراء والمساكين والمحتاجين، وتجربة أشياء جديدة تثري حياتنا وتعطيها معنى. السعادة الحقيقية تأتي من الرضا والقناعة بما نملك، ومن القدرة على إيجاد الفرح في الأمور الصغيرة والبسيطة التي تحيط بنا وفي متناولنا، صديق محب و أم أو أب على قيد الحياة تستمتع بالتحدث إليهم أو الاستماع إلى حكاياتهم، أو زوجة صالحة تعينك على أمور دينك ودنياك، أو جيران طيبين لا تسمع منهم إلا الخير. المنصب الرفيع ليس نهاية المطاف: السعي للتقدم المهني مهم لتطوير الذات وتحقيق الطموحات.

ومع ذلك، عندما نعلّق سعادتنا بالوصول إلى منصب معين، فإننا نخاطر بالوقوع في دائرة من عدم الرضا المستمر. فبمجرد تحقيق منصب، نبدأ في التطلع إلى الأعلى، مما يغذي شعورًا دائمًا بعدم الكفاية. السعادة المهنية تكمن في الاستمتاع بالعمل الذي نقوم به، وفي التعلم المستمر، وفي إحداث فرق إيجابي، بغض النظر عن المسمى الوظيفي. الشريك المثالي هو وهم: البحث عن شريك حياة أمر طبيعي، ولكن الإيمان بوجود شخص “مثالي” تمامًا يمكن أن يحرمنا من علاقات حقيقية ومرضية. لا يوجد إنسان مثالي، والتركيز على العيوب البسيطة يمنعنا من رؤية الجمال في الأشخاص من حولنا. السعادة في العلاقات تنبع من التقبل، والتفاهم، والقدرة على تقدير الآخر بكل ما فيه من إيجابيات وسلبيات. جسد الأحلام: رحلة صحية لا مقارنة: السعي للحصول على جسد صحي ورشيق هو هدف نبيل، ولكن تحويله إلى هاجس والمقارنة المستمرة بالآخرين يمكن أن يؤدي إلى عدم الرضا الدائم. الرضا عن الجسد يأتي من العناية به، وتغذيته بشكل صحي، وممارسة الرياضة للحفاظ على حيويته، وليس من مطابقة معايير خارجية غير واقعية اطلاقا او كما نشاهده على قنوات التلفاز او نجوم هوليوود وبوليوود التي لا تمت للواقع بصلة . احتفل بالتقدم الذي تحرزه، وركز على صحتك ورفاهيتك الشخصية. منزل الأحلام هو ما نصنعه: امتلاك منزل هو حلم للكثيرين، ولكن تعليق السعادة بامتلاك “منزل أحلام” كبير وفخم قد يحرمنا من الاستمتاع بما لدينا. السعادة في المنزل تكمن في جعله مكانًا دافئًا ومريحًا، يعكس شخصيتنا ويجمع أحبائنا، بغض النظر عن حجمه أو فخامته. استمتع بمساحتك الخاصة، واجعلها مصدرًا للراحة والسكينة. التقدير الخارجي لا يصنع السعادة الداخلية: السعي للحصول على الثناء والتقدير من الآخرين يمكن أن يكون دافعًا، لكن ربط سعادتك به يجعلها مرهونة بآراء الآخرين المتقلبة. السعادة الحقيقية تأتي من الرضا الذاتي والثقة بالنفس، ومن إنجازاتك التي تفتخر بها بغض النظر عن اعتراف الآخرين. قم بما تؤمن به، ودع قيمك توجهك، فالسعادة تنبع من داخلك. الطفل المثالي الذي لا وجود له على ارض الواقع : الأبوة والأمومة نعمة من الله محروم منها الكثير من الناس وهي رحلة مليئة بالتحديات والبهجة. عندما نعتقد أن سعادتنا تتوقف على أن يكون أطفالنا “مثاليين” في كل شيء، شكلاً وعقلاً وسلوكاً، فإننا نضع عليهم وعلينا ضغوطًا غير ضرورية ونفقد متعة لحظات الفرح معهم. ركزوا على تربية أطفال أسوياء، محبين، ومتقبلين لذواتهم، وتعلموا كيف تستمتعون بلحظاتهم العفوية والصادقة. الإجازة و الاستمتاع باللحظة: العمل الجاد يستدعي أخذ فترات راحة، والإجازات فرصة لتجديد الطاقة. ومع ذلك، عندما نعلّق سعادتنا الكبرى بالإجازة، ثم نفكر في المشاكل التي تنتظرنا عند العودة منها، فإننا نفقد متعة الاسترخاء. استمتع بكل لحظة في الإجازة، وكن حاضرًا فيها، ودع القلق جانبًا لتجديد طاقتك بالكامل. الظروف المثالية قد لا تأتي أبدًا: تأجيل بدء مشروع أو هواية جديدة بحجة انتظار “الظروف المثالية” هو عائق كبير أمام تحقيق الذات. لا توجد ظروف مثالية على الإطلاق؛ الحياة مليئة بالتحديات. ابدأ بما لديك، استغل الفرص المتاحة، وستجد أن الشجاعة في البدء هي مفتاح تحقيق الأحلام. المشاكل جزء من الحياة: الحياة لا تخلو من المشاكل، والاعتقاد بأن سعادتك ستأتي فقط بعد “حل جميع المشاكل” هو وهم خطير. المشاكل جزء طبيعي من النمو والتطور. تعلم كيفية التعامل معها، والتركيز على الحلول، والاحتفال بالانتصارات الصغيرة، فالسعادة تكمن في القدرة على التكيف والتغلب على التحديات، وليس في غيابها. السعادة قرار داخلي ورحلة مستمرة: في الختام، إن وهم “سأكون سعيدًا عندما أمتلك كذا وكذا أو عندما أصبح هذا أو ذاك” ليس طريقًا للسعادة الحقيقية، بل هو وصفة لرحلة لا تنتهي من القلق. السعادة هي قرار داخلي وليست وجهة نصل إليها. إنها تكمن في الامتنان لما لدينا، في عيش اللحظة الحالية، وفي تقدير الجمال في تفاصيل الحياة اليومية. هل أنت مستعد لتقبل أن السعادة تنبع من داخلك، وأنها رحلة مستمرة من النمو والتقدير؟ أم أنك تفضل الاستمرار في مطاردة الأوهام التي تبعدك عن الرضا الحقيقي وتجعلك تركض دون توقف وربما لن تحقق منها إلا القليل فقط؟

الاستاذ بوعلام زيان

The post السعادة قرار.. رحلة نحو الرضا الحقيقي appeared first on الجزائر الجديدة.