الكيان يصفع الجميع !

القصف الذي استهدف قطر من قبل الكيان الإسرائيلي لم يكن مجرد حادث عابر في سجل المنطقة المتخم بالدم والنار، بل كان صفعة مدوّية تكشف أن التطبيع، بكل أوهامه ومجاملاته، لم يعد درعًا يحمي أي نظام أو عاصمة، والنتيجة أن من راهن على أن الانبطاح السياسي وفتح الأبواب أمام تل أبيب وواشنطن سيضمن له الحماية أو يُكسبه حصانة، صحا – وربما متأخرًا – أن لا حصانة في عرف الكيان، ولا أمان في ظل أمريكا التي تبيع الحلفاء كما تبيع السلاح.

لقد أثبتت التجربة أن الخنوع لا يصون الأوطان، بل يسلبها آخر ما تبقى لها: كرامتها، والسؤال المعلق: ما معنى أوطان بلا كرامة؟ غير أنه حين تتحول الدول إلى مجرد توابع، يقرر عنها الآخرون متى تُقصف ومتى تُعفى، فإنها تفقد جوهر سيادتها، وتُختزل في صورة “دولة – ملعب” بلا جيش ولا حماية.

الرسالة اليوم أوضح من أي وقت مضى: النهاية الحتمية للخضوع أن يُهان الحاكم قبل أن يُهان الوطن، وأن تفقد الدولة خاتمتها الإنسانية والأخلاقية قبل حدودها الجغرافية، وما جرى في سماء الدوحة ليس سوى إنذار جديد بأن زمن شراء الأمن عبر التطبيع أو الرضا الأمريكي انتهى، وأن البديل الوحيد هو الاعتماد على قوة الذات، وإلا ستبقى العواصم العربية مكشوفة، تنتظر دورها في طابور القصف والذل والمهانة .