جهادُ الواقفين على جبهة الغذاء في غزة
إنَّ جهاد الواقفين على جبهة توفير الغذاء في غزة، لا تقلُّ قيمة ولا قوة تأثير عن جهاد الواقفين على الجبهة العسكرية؛ كل يوم يَنفد الغذاء أكثر، ويتضور الغزّاويون جوعا وعلى رأسهم الأطفال والمرضى والعجزة… وكل يوم تسعى القوى الصهيونية الظالمة إلى تحقيق -من خلال رغيف الخبز- ما لم تستطع تحقيقه عبر القنابل زنة 970 كلغ! […] The post جهادُ الواقفين على جبهة الغذاء في غزة appeared first on الشروق أونلاين.


إنَّ جهاد الواقفين على جبهة توفير الغذاء في غزة، لا تقلُّ قيمة ولا قوة تأثير عن جهاد الواقفين على الجبهة العسكرية؛ كل يوم يَنفد الغذاء أكثر، ويتضور الغزّاويون جوعا وعلى رأسهم الأطفال والمرضى والعجزة… وكل يوم تسعى القوى الصهيونية الظالمة إلى تحقيق -من خلال رغيف الخبز- ما لم تستطع تحقيقه عبر القنابل زنة 970 كلغ!
ويصمد الواقفون على جبهة الغذاء صمود الواقفين على جبهة القتال، ومعهم يصمد الأطفال والشيوخ والمرضى والعجزة، وتصمد معهم النساء والأرامل وأمهات الشهداء والشهيدات… ويواصل المجاهدون كفاحهم البطولي على جبهات القتال، في تضامن غير مسبوق عبر التاريخ وبصبر أسطوري لم نعرف له مثيلا.
لم تنطق قطّ طفلة أو ينطق طفلٌ وهو في انتظار لقمة غذاء عند إحدى “التكّيات” الخيرية (حيث يوزَّع الحد الأدنى من الطعام) بكلمة يلوم فيها المقاومة أو المجاهدين على الدفاع عن أرضهم وتصدِّيهم لقوات الاحتلال الظالمة. الإجابات دائما واحدة: الاحتلال هو السبب، غلق المعابر من قبل الاحتلال هو السبب، الصهاينة هم السبب… فقط الجهاتُ الخانعة والخاضعة للعدو والفاقدة للشرعية هي التي تُروِّج لآراء قيلت خلاف ذلك، ربّما قالها بعض الأفراد وقد اشتدّت عليهم المصائب، وضاقت بهم الدنيا بما رحُبت، وتفاقمت عليهم المصاعب إلى الحد الذي لا يطيقه البشر، ولا أحد يلومهم على ذلك.
هو ذا الوضع في غزة اليوم، يؤكّده برنامج الغذاء العالمي ووكالة غوث اللاجئين والصليب الأحمر حتى لا أذكر المكتب الإعلامي الحكومي والمكتب الغذائي، وحتى لا أُذَكِّر بتلك المشاهد المباشرة من أمام المواقع القليلة لتوزيع الحد الأدنى من الطعام التي تبثّها القنوات التلفزيونية على المباشر، وتُظهِر أطفالا في عمر الزهور يقفون لساعات وهم يتضوَّرون جوعا لعلّهم يحظون ببعض الطعام يوضَع على عجل في أوانيهم الفارغة.
ومع ذلك، لا يتمكّن الأعداء الصهاينة من تحقيق النصر المزعوم، إن على الجبهة العسكرية أو على جبهة الغذاء، ولن يتمكّنوا من تحقيقه في المستقبل بإذن الله، مادام هناك من يقف صابرا محتسبا على الجبهتين معا، واثقا من عدالة قضيَّته مستعدا كل الاستعداد للفوز بإحدى الحُسنيين: النصر أو الشهادة. وقد استُشهد عشراتُ الآلاف إلى اليوم من أجل فلسطين، ورَوَت دماؤهم الزكيّة أرضها الطاهرة، ولن تذهب كافة هذه التضحيات سُدى كما لم تذهب في كل البلاد المكافِحة من أجل حريتها واستقلالها وعدالة قضيتها.
ولن يُهزم سوى المُثبِّطين الذين بخلوا وامتنعوا عن مدِّ إخوانهم برُبع رغيف خبز، أو حفنة طحين، أو جرعة ماء، بل وتحالفوا مع الأعداء، وزوَّدوهم بكل ما يحتاجونه من مال وغذاء ودعم سياسي، لعلهم يرون المقاومة تُهزم، ومشروع الهزيمة الصهيوني الأمريكي يحقق أهدافه على أرض فلسطين الطاهرة، ويفرحوا لذلك… وهو ما لن يحدث مادام هناك من يقف صامدا على جبهتي القتال والغذاء بالحد الأدنى من الإمكانات والوسائل ومن غير أي مدد أو عون خارجي إذا استثنينا المدد الإلهي غير المحدود.
إنها صورةٌ قلَّما رأيناها عبر التاريخ، صورة مليئة بالدماء والدموع والآلام والتضحيات، ولكنها أيضا مليئة بالعبر والدروس، ليس فقط لأمة الإسلام المعنية الأولى بقضية فلسطين، إنما لكل العالم الذي يُسمِّي نفسه “حرًّا” ويتغنى بحقوق الإنسان والقانون الدولي والديمقراطية والسلوك الحضاري..
لقد أحجم، ثم تردّد، ثم استجمع قواه رئيسُ أكبر دولة في العالم ليقول يوم الجمعة للمجرم نتنياهو “عليك بالرأفة بالفلسطينيين”، وما كاد يفعلها، أما إخوانُهم في الدين جيرانهم، فنحن جميعا قلَّما فَكَّرنا عند وضع اللقمة تلوى الأخرى في أفواهنا أن نتوقف لحظة، لِنُقرِّر تخصيص جزء منها على الأقل لدعم الواقفين على جبهة الغذاء في غزة بعد أن أوجدنا لأنفسنا كل الأعذار لدعم الواقفين على جبهة القتال، وما فعلنا.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post جهادُ الواقفين على جبهة الغذاء في غزة appeared first on الشروق أونلاين.