حكم من يُصِرُّ على هجران إخوانه وثواب العافين عن الناس

الشيخ محمد مكركب أبران mohamed09aberan@gmail.com/ الفتوى رقم:752 الســــــــــــؤال قال سائل: له صهر أخو زوجته تخاصم معه منذ أكثر من عام، وهجره لا يتكلم معه، قال السائل: وزرته ولا يستقبلني، وقال له: لا أكلمك إلى يوم القيامة؟؟!! وهو يسأل: ما ذا أفعل معه إذا ظل مُصِرًّا على الهجران؟ وأنا أخاف على صومي؟ الجـــــــــــواب بسم الله الرحمن …

فبراير 24, 2025 - 16:36
 0
حكم من يُصِرُّ على هجران إخوانه وثواب العافين عن الناس

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/

الفتوى رقم:752

الســــــــــــؤال
قال سائل: له صهر أخو زوجته تخاصم معه منذ أكثر من عام، وهجره لا يتكلم معه، قال السائل: وزرته ولا يستقبلني، وقال له: لا أكلمك إلى يوم القيامة؟؟!! وهو يسأل: ما ذا أفعل معه إذا ظل مُصِرًّا على الهجران؟ وأنا أخاف على صومي؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: بيان التحذير الذي رُوِيَ عن البشير النذير عليه الصلاة والسلام: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ] (البخاري:6065) والْمُقاطع لإخوانه المؤمنين في خطر، وعليه إثم، ويُفَوِّت عن نفسه خيرا كثيرا، ومما يخسره المهاجر المعادي إخوانه بركة العمر، ويؤخر عنه الغفران. ففي الحديث. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا] (مسلم: 2565) فالنصيحة لكل مؤمن يهجر أخاه أي يعاديه ولا يتكلم معه فهو في خطر، ويرتكب الحرام. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: ما ذا يفعل المتسامح مع الحاقد؟: قال السائل: (وزرته ولا يستقبلني، وقال له: لا أكلمك إلى يوم القيامة؟؟!! وهو يسأل: ما ذا يفعل معه إذا ظل مُصِرًّا على الهجران؟) تفعل ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام. عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ.] (الترمذي:1924). أنت تزوره فيطيل الله عمرك، ويبارك لك في رزقك، وتربح الأجر، والمهاجر المعادي ينال خسارة وإثما.
لأن معنى [لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه] معناه يحرم عليه فالمهاجر أخاه هو في حرام، بمعنى كلما كان مصرا على الهجران، كان مصرا على الحرام. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: وفي البيان النبوي: عن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أَصِلُهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: [لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ] (مسلم:2558) واعلموا أنه في شعبان ترفع الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى. فمن أراد أن يفوز بالدراجات والمراتب العليا فليجتنب كل الموبقات، والمعاصي المهلكات، ومن المهلكات الهجران بين أهل الإيمان. وليكثر من عمل الخير. فحاول أن يرفع عملك وأنت تائب غير مهاجر لإخوانك. فانتبه فهذه نصيحة الفتوى. فعن أسامة بن زيد، قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تَصُومُ لَا تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ، وَتُفْطِرَ حَتَّى لَا تَكَادَ أَنْ تَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ وَإِلَّا صُمْتَهُمَا قَالَ: [أَيُّ يَوْمَيْنِ؟] قَالَ: قُلْتُ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ. قَالَ: [ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ] قَالَ: قُلْتُ: وَلَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ: ؟ [ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ.] (أحمد:21753) أيها المهاجر إخوانه، أيها المعادي إخوانه، يا من ما زلت معاديا مقاطعا إخوانك، أفتريد أن ترفع أعمالك وأنت مُصِرٌّ على هجران إخوانك؟؟ وترجو أن تقبل أعمالك؟؟؟ ألا فتصالحوا مع إخوانكم ليصلح الله شأنكم، وينزل البركات عليكم.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.