أسرى التاريخ والأوهام!

أسرى جمع أسير، وهو المتحكَّم فيه من جهة ما بشعور ومن دون شعور: كأنه عبد مملوك، أو أسير حرب، أو سجين، ولكن هناك نوعا من الأسْر غير هذا الذي تظهر فيه هيمنة الغالب على المغلوب، وهو أسْر الفكرة والعادة والتقليد وإلى ما هنالك من المؤثرات النفسية والعقدية والاجتماعية. والأسرى كثّر، منهم أسير التاريخ وأسير المعتقد […] The post أسرى التاريخ والأوهام! appeared first on الشروق أونلاين.

يوليو 11, 2025 - 18:42
 0
أسرى التاريخ والأوهام!

أسرى جمع أسير، وهو المتحكَّم فيه من جهة ما بشعور ومن دون شعور: كأنه عبد مملوك، أو أسير حرب، أو سجين، ولكن هناك نوعا من الأسْر غير هذا الذي تظهر فيه هيمنة الغالب على المغلوب، وهو أسْر الفكرة والعادة والتقليد وإلى ما هنالك من المؤثرات النفسية والعقدية والاجتماعية.
والأسرى كثّر، منهم أسير التاريخ وأسير المعتقد وأسير العادة… ويمكن جمع هذه النماذج كلها في بوتقة واحدة هي: أسرى الأوهام، وأسوأ هذا النوع من الأسرى أسرى التاريخ، الذين توقّفوا عند حدث معين من التاريخ تحوّل مع الأيام إلى معلم رئيسي في حياتهم، إذ أصبح هذا الحدث هو المرجع والمصدر لهدايتهم وهداية غيرهم، بل وأصل أصيل في تصوراتهم للهاديات التي يبحثون عنها، وهم ثلاثة أصناف: صنف أسرى لمعتقدات دينية، وأسرى لعادات وتقاليد اجتماعية وأسرى لوقائع سياسية.
والأسرى لمعتقدات دينية، هم الذين يجترّون معتقدات دينية تاريخية، ويعتبرونها أصلا في حياتهم اليومية، ويبنون عليها ما لا نهاية له من الآراء والمواقف، مثل التيار السلفي ومواقف الشيعة من غيرهم من المسلمين، فينطلقون في بناء تصوراتهم وفهومهم وعلاقاتهم مع غيرهم من المسلمين من وقائع تاريخية لها حكمها الزمني.
التيار السلفي بنى تصوراته على فهوم معينة لنصوص وعمَّمها على الكليات التصورية للتدين والسلوك والتعامل مع الناس، فقول الرسول صلى الله عله وسلم “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم”، هل المراد من هذا التفضيل وتزكية المنهجية التي تعاملت بها هذه الطبقات الثلاث مع الواقع والوحي، أم المقصود استنساخ أفعالهم وإعادتها كما هي؟ وهل الاختلاف في النصوص المحتملة تقتضي الموالاة والبراءة كما هو الأمر مع القضايا الكلية والأصلية؟ وهل يمكن لفرع فقهي أن يكون حَكَما على الأصول، كما يقول بعضهم الموقف من البدعي أسوأ وأشد من الكافر الأصلي، إذ يمكن أن نتعامل مع الكافر أما البدعي فلا بدَّ من مقاطعته!
أما الشيعة فجميعُ تصرفاتهم وتعاملهم اليوم مع غيرهم من المسلمين ينطلق من موقف سياسي من الانقلاب على الخلافة الإسلامية من قبل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، التي كانت سببا في منع الإمام علي رضي الله عنه من حقه في قيادة الأمة.

انحراف السلطة السياسية لبني أمية تاريخ، وخروج الخوارج تاريخ، ونشأة الشيعة وخياراتهم السياسية والثقافية تاريخ، ومقاومة الإمام علي لخصومه تاريخ، ومقاومة الحسين حتى الاستشهاد تاريخ، واختلاف الحسن عن الحسين رضي الله عنهما تاريخ، فلماذا يبقى الناس أسرى لهذا التاريخ الذي ولّد فينا أوهاما لا علاقة لها بالنهضة والإصلاح ومقاومة الاستكبار الغربي؟

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post أسرى التاريخ والأوهام! appeared first on الشروق أونلاين.