أعمال سحر في المقابر! بين التهويل والتهوين!
خلال الأسابيع الماضية، تطوّع بعض الشّباب في كثير من مدن وبلدات الوطن، في حملات لتنظيف المقابر، وقد فوجئوا بالكمّ الهائل من أعمال السّحر التي وجدوها في القبور، أعمال من عُقد وصور عليها طلاسم. ومع أنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي توسّعوا في نشر الصّور دون مراعاة لخصوصية أصحابها، وانخرط كثير منهم في حملة تضخيم وتهويل ضررها […] The post أعمال سحر في المقابر! بين التهويل والتهوين! appeared first on الشروق أونلاين.


خلال الأسابيع الماضية، تطوّع بعض الشّباب في كثير من مدن وبلدات الوطن، في حملات لتنظيف المقابر، وقد فوجئوا بالكمّ الهائل من أعمال السّحر التي وجدوها في القبور، أعمال من عُقد وصور عليها طلاسم. ومع أنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي توسّعوا في نشر الصّور دون مراعاة لخصوصية أصحابها، وانخرط كثير منهم في حملة تضخيم وتهويل ضررها أكثر من نفعها، إلا أنّ الموضوع يحتاج إلى وقفة جادّة؛ فلم يعد في صالح المجتمع الإصرار على إهمال هذه المعضلة، بحجّة انتشار الوساوس والأوهام واستشراء ثقافة البحث عن مبرّرات للفشل.
كثير هم أولئك الذين يبحثون عن مبرّرات لفشلهم في الحياة، أو عن أسباب أخرى غير واقعية تغطّي على الأسباب الحقيقية لما نزل بهم من ضيق وتأخر في تحقيق المطالب، وهؤلاء من الواجب أن يؤخذ بتلابيبهم ليستفيقوا من غفوتهم ويتركوا أوهامهم ويتخلّوا عن مبرّراتهم الواهية التي أقنعهم بها شياطين الجنّ والإنس.. لكنّ وجود السّحر وتأثيره الملموس أصبح من الكثرة والانتشار إلى حدّ جعل التّهوين من شأنه لا يقلّ خطورة عن التهويل.
كلّ المقابر التي عرفت حملات تنظيف، وجد فيها الشّباب من أعمال السّحر ما يفوق التوقّعات؛ شباب في عمر الفتوّة والعطاء، وفتيات ونساء في عمر الزّهور، أعدّت لهم أعمال سحر قلبت حياة كثير منهم رأسا على عقب، فمنهم من يعاني الهموم والغموم والكآبة، ومنهم من أصيب بأمراض نفسية وبدنية لم يجد الطبّ لها تفسيرا ولا أثرا، ومنهم من اختلط عقله، ومنهم من يعاني الوساوس المبرحة، ومنهم من تعسّرت وتعطّلت أموره، ومنهم من يكابد مشاكل أسرية لا يكاد يعرف لها سببا، ومنهم من مات بقضاء الله أولا ثمّ بسبب تلك الأعمال الشيطانية التي يعملها سحرة كفرة.
السّبب في أعمال السّحر هذه هو في الغالب نساء خلت قلوبهنّ من خوف الله، وبعن آخرتهنّ بالدّنيا. نساء عشعش الحقد والحسد في قلوبهنّ، وحسدن عباد الله على ما آتاهم من فضله واعترضن على الله في قسمة أرزاقه بين عباده؛ فسلكن أقصر الطّرق وأحقرها للتنفيس عن أحقادهنّ الدّفينة وبلوغ مآربهنّ الخسيسة. ترى الواحدة منهنّ نعمة اختصّت بها جارتها أو قريبتها أو زوجة حماها، فلا تدعو لها بالبركة، بل تحسدها وتحقد عليها وتتمنّى زوال تلك النّعمة عنها، بل تسعى في إزالتها بالاستعانة بشرار خلق الله من السّحرة والمشعوذين.
تجد –مثلا- زوجةً تسمع من أختها كيف يعاملها زوجها بالمودّة والرّحمة، أو ترى جارتها تسعد بحسن معاملة زوجها، وبدل أن تتقي –الحاسدة- الله في زوجها وتحسن عشرته وتتودّد إليه لعلّه يحسن إليها، إذ بها تختار طريق السحر والشعوذة، فإمّا أن تسحر زوجها هي ليتحوّل إلى خاتم في يدها، أو تطلب لزوج جارتها أو أختها سحرا من ساحر خبيث، في صورة الزّوج أو شيء من أثره، ليتحوّل ذلك الزّوج إلى زوج غضوب صخاب يرى زوجته شيطانا بعد أن كان يراها ملاكا!
تجد أُمًّا تريد أن تنتقم من زوجة ابنها لأنها ترى أنّها أخذت منها ابنها، فتلجأ إلى السّحرة.. وتجد زوجة ترى أولاد حماها -أي أخي زوجها- ناجحين في دراستهم منظّمين في حياتهم، في حين ترى أبناءها فاشلين في دراستهم وحياتهم، وبدلا من أن تسأل الله أن يصلح لها أبناءها وتتعب في تربيتهم وإصلاحهم، تختار طريق الشّيطان، طريق الكفر والظّلم والفساد، وتلجأ إلى ساحر كافر ليعدّ لها سحرا لأسرة حماها، على صورةٍ توضع في قبر من القبور، أو في عُقد توضع في بيت المسحور أو بخور ومياه ترش عند بابه!
هناك أشباه رجال –بينهم مثقّفون!- ينفقون الملايين على السّحرة لأجل أن ينفّسوا أحقادهم في عباد الله المؤمنين، وهناك نساء قلوبهنّ قلوب الشّياطين، يعرفن كلّ السّحرة، بل وأصبحن معروفات وزبونات دائمات عند المشعوذين.. وهناك سحرة ومشعوذون يتظاهرون بأنّهم رقاة يرقون بالقرآن ويلبسون للنّاس لباس الصّلاح، وهم من أفجر خلق الله، ولو وجد الواحد منهم سبيلا إلى الفواحش ما تركه. يشترون الكفر بالإيمان ويطيعون الشّياطين ويشركون بالله ويمتهنون كلام الله يكتبونه بالنجاسات ودماء الحيض، ويدخل الواحد منهم بيت الخلاء بالمصحف وربّما يربط المصحف في قدمه ويدخل به الخلاء، كلّ ذلك لأجل أن يَرضى عنه الجنّ ويخدموه ويأتوه بأخبار النّاس ويعينوه في التنكيل بعباد الله!
فما هذا الذي يحصل في واقعنا؟ ما هذا الدّرك السّحيق الذي أوصلنا إليه الشّيطان وأوصلتنا إليه الأنفس المريضة الأمّارة بالسّوء، حتى يرضى عبد مسلم بأن يتخلّل من دينه ويكفر بالله ويخسر آخرته، لأجل أن يُنفّس حقده على جاره أو قريبه أو شريكه؟! أيّ كراهية هذه وأيّ حقد هذا الذي ملأ به الشّيطان قلوبنا؟ ثمّ لأجل ماذا؟! لأجل دنيًا فانية. لأجل عرض فانٍ ترضى امرأة بأن تبيع دينها وتفسد آخرتها وتضمن لنفسها النّار وتُحل عليها لعنة الله والملائكة.
أذية المسلمين كبيرة من أعظم الكبائر
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post أعمال سحر في المقابر! بين التهويل والتهوين! appeared first on الشروق أونلاين.