أمام ترسانة قوانين أوروبية تمنع ذبح الأضاحي.. كيف يحتفل مسلمو الغرب بعيد الأضحى المبارك؟
محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا/ يواجه المسلمون في الدول الغربية في مثل هذه المناسبات عددا من المشكلات والتحديات عند الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، وخاصة عند قيامهم بذبح الأضاحي في أول أيام العيد، حيث تتعالى أصوات المنظمات الحقوقية والهيئات التي تسمي نفسها بالمعنية بالدفاع عن «شؤون الحيوانات»، لتطالب بمنع المسلمون من ذبح الأضاحي بدعوى أن …

محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا/
يواجه المسلمون في الدول الغربية في مثل هذه المناسبات عددا من المشكلات والتحديات عند الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، وخاصة عند قيامهم بذبح الأضاحي في أول أيام العيد، حيث تتعالى أصوات المنظمات الحقوقية والهيئات التي تسمي نفسها بالمعنية بالدفاع عن «شؤون الحيوانات»، لتطالب بمنع المسلمون من ذبح الأضاحي بدعوى أن هذا يعد تعذيبا للحيوانات ومنهم من يقترح على المسلمين بصعق الحيوانات لقتلها أو تخديرها قبل الذبح، وهو ما يتنافى مع شريعتنا الإسلامية، ومع تلك الأوضاع يجد المسلم الغربي نفسه -عموما ومنذ عقود – أمام حلين أحلاهما مر، إمّا أن يضحي خلسة في بيته أو في مكان بعيد ما، أو التخلي عن الذبح أصلا وإرسال مبالغ مالية بقيمة الأضحية إلى الجمعيات الخيرية، والتي تقوم بذبح الأضاحي نيابة عنهم أو شراء اللحوم وتوزيعها على فقراء المسلمين.
معركة الحصول على اللحم الحلال المذبوح حسب الشريعة الإسلامية:
كما يواجه المسلمون في أوروبا إلى جانب معركة عيد الأضحى، تحدياً كبيراً جداً وهو الحصول على اللحم الحلال المذبوح حسب الشريعة الإسلامية، لأنّ كثير منهم لا يثقون بالطريقة التي يتم بها ذبح تلك الحيوانات، حيث يؤكدون أن تلك الحيوانات من الممكن أن تكون قد صعقت بالكهرباء قبل الذبح، أو أن تكون غير مذبوحة أصلا وتم قتلها بالصعق فقط، الأمر الذي يجعلها غير صالحة للتناول من المنظور الإسلامي، بل طالعتنا العام الماضي الصحافة الفرنسية بأنّ «80 في المائة من اللحم المباع في فرنسا على أنه حلالا ليس حلالا»!!، و قد أعلن مسجد باريس الكبير، في بيان رسمي أيامها، أنّ «الهيئة (أو الشخص) المكلفة من مسجد باريس للذبح الحلال، قد نصبت عليهم، منذ أكثر من عشر سنوات، و حسب منه الختم «!!
نفس المسرحية حول»الغش في تسويق اللحم الحلال للمسلمين»، اكتشفت أدوارها في العديد من الدول الأوروبية، إلاّ أنّ سياسة الردع القانوني كانت باهتة وواهية منها غرامات مالية حتى ولو كانت معتبرة، لم ترقى لحد منع التاجر من ممارسة تلك المهنة، أخرها العام الماضي، تداولت وسائل الاعلام السويسرية، أن «أزيد من نصف لحوم محلات الشاورما والكباب ليست حلالا»، خاصة في محلات الاتراك والاكراد.. بل اللحوم في أصلها، إما هي لحوم خنازير أو بغال، أجل الله قدركم!!.
أثناء وبعد كورونا، قبضت الشرطة الفدرالية التجارية على تاجر كبير مسلم من أصول ألبانية، «يسوق للمسلمين لحم الخنزير بدل لحم البقر والأغنام»، ومرّ أمام العدالة «مرور الكرام»، وحكم عليه بغرامة معتبرة إلاّ أنّه لا يزال يتاجر لحد الساعة في اللحم الحلال؟؟
رواج التجارة في اللحم «المصعوق» حتى لدى بعض المسلمين.
أما التجارة في اللحم «المصعوق» فحدث عن البحر ولا حرج، فحسب أحد الأطباء البيطريين المسلمين في سويسرا، باتت تجارة منتشرة دون حسيب ولا رقيب، حتى في دولنا الإسلامية التي تستورد اللحوم المجففة، وذكر لنا هذا الطبيب تحديدا أن بعض الشركات التي تسوق اللحم المصعوق في أوروبا، هي نفسها الشركات التي عاينها هو شخصيا حتى في فنادق ومحلات مكة، منذ سنوات.. ولا غرابة في الأمر أنّ أكبر مستوردي اللحم الحلال في سويسرا، هو تاجر من أصول يهودية من مدينة بازل، وأخبرنا أحد التجار، أنّ هذا التاجر الكبير، لا يفرق بين اللحم الحلال الخاص بالمسلمين المذكى على الطريقة الإسلامية، واللحم «الكوشر» المذكى على الطريقة اليهودية.
جل الدول الأوربية، تحظر قانونا عملية الذبح خارج المجازر الرسمية:
في الوقت الذي تمنع فيه سويسرا رسميا، منع الذبح الحلال، تأتي دول أخرى كبريطانيا على رأس الدول الأوربية، التي تحظر قانونا عملية الذبح خارج المجازر الرسمية، غير أنها تحظى بمرونة كبيرة، فيما يتعلق بتشجيع تبرع المسلمين، لمساعدة العائلات المحتاجة، كما تدعم التنسيق بين المساجد، والمجتمعات التي تقوم بها، من أجل إعداد وجبات طعام في أيام العيد، وتوزيعها مجانا على المحتاجين، سواء كانوا من المسلمين أو غير المسلمين.
وتعتمد دول أوربية أخرى، من قبيل فرنسا وبلجيكا، نفس القواعد فيما يتعلق بنحر الأضاحي مع بعض التشدد، وتفرض فرنسا على سبيل المثال عقوبات، وغرامات مالية كبيرة، على من يقوم بنحر الأضاحي في مذابح عشوائية، أو في المنازل أو على قارعة الطريق، وهو ما يدفع بالكثير من أبناء الجالية العربية المسلمة هناك، إلى شراء الأضاحي مذبوحة وجاهزة من قبل المجازر المعتمدة، وهو ما يخل من وجهة نظرهم بشروط الأضحية.
كيفية توزيع الاضحية في الغرب وإعطاء نصيب منها حتى لغير المسلم
حسب فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء، أوسط الأقوال وأعدلها في تقسيم الأضحية وتوزيعها أن يقسمها أثلاثا: ثلث للفقراء، وثلث للأقارب والجيران، وثلث لنفسه، والتصدق بأكثرها أو كلها أكمل وأفضل، فإن الأكل منها مستحب لا واجب، وقد ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ادخار اللحوم في سنة من السنوات من أجل وفود من الفقراء أو اللاجئين باللغة المعاصرة
يدعو المجلس الأوروبي للإفتاء، والأئمة والمراكز الإسلامية في أوروبا، إلى الذبح حيث يقيمون مع رعاية الشروط الصحية والقانونية في الذبح قدر الإمكان، وحث النّاس على التصدق بالمال في بلادهم والبلدان الفقيرة أو الجمع بين الأضحية في أوروبا والبلد الأصلي أو الأشد حاجة، كاليمن وفلسطين وغيرهما… عيدكم مبارك.