التحول الجيواستراتيجي في العالم قبل وبعد الطوفان…نهاية حقبة الهيمنة الصهيونية
يُلاحِظ المُتَتبِّع لِلتحولات الكبرى على الصعيد العالمي قبل طوفان الأقصى، أنَّ الحرب في أوكرانيا كانت هي المفتاح الأساس الذي كان بالإمكان تفسير الصراع الدولي من خلاله. بدا وكأن الولايات المتحدة قد تمكَّنت من توريط روسيا في حرب طويلة الأمد لكي تتفرغ إلى منطقة المحيط الهادي وتتولى أمر الصين. لقد كان هذا في حينه متطابقا مع […] The post التحول الجيواستراتيجي في العالم قبل وبعد الطوفان…نهاية حقبة الهيمنة الصهيونية appeared first on الشروق أونلاين.


يُلاحِظ المُتَتبِّع لِلتحولات الكبرى على الصعيد العالمي قبل طوفان الأقصى، أنَّ الحرب في أوكرانيا كانت هي المفتاح الأساس الذي كان بالإمكان تفسير الصراع الدولي من خلاله. بدا وكأن الولايات المتحدة قد تمكَّنت من توريط روسيا في حرب طويلة الأمد لكي تتفرغ إلى منطقة المحيط الهادي وتتولى أمر الصين. لقد كان هذا في حينه متطابقا مع الخلاصات الاستراتيجية التي وصل إليها الأمريكيون: أن العدو رقم واحد للولايات المتحدة في العقود القادمة هو الصين، لذا ينبغي التفرغ تدريجيا لهذا التهديد الاستراتيجي المرتفع.. جاء في استراتيجية الأمن القومي بايدن-هاريس الصادرة في شهر أكتوبر 2022 ما يلي: “سوف نتنافس بفعالية مع جمهورية الصين الشعبية التي تُعَد المنافس الوحيد الذي يمتلك النية، والقدرة على نحو متزايد على إعادة تشكيل النظام الدولي، في حين نعمل على تقييد روسيا الخطيرة”. وكذلك كان الحال، بعد إغراق روسيا في الحرب مع أوكرانيا وإبقائها في حالة اللاّغالب واللاّمغلوب، ينبغي الخروج من أفغانستان ومن الشرق الأوسط والتركيز على التوجه شرقا نحو المحيطين الهندي والهادئ بسياسات مناسبة خاصة مع الهند وتايوان وأستراليا واليابان والفلبين وبقية جزر المحيطين الأخرى…
ولم تكن القيادات الإسرائيلية ببعيدة عن هذا التحليل، كان عليها أن تُكيِّف استراتيجيتها الإقليمية مع القادم من التحولات العالمية لتحقيق أقصى ما يمكن من مكاسب سياسية وأمنية واقتصادية، والأهم من كل ذلك تغيير الواقع الجيواستراتيجي في المنطقة لصالحها وتصفية القضية الفلسطينية. وهكذا لاحظنا كيف تسارعت الأحداث موازاة مع الحرب في أوكرانيا، تم الانتقال من مشروع صفقة القرن التي بموجبها يتم التنازل عن الحقوق الفلسطينية مقابل مشاريع تنموية ضخمة إلى التركيز على الاتفاقيات الإبراهيمية التي جرَّت إليها كل من الإمارات والبحرين والمغرب بسرعة فائقة، حتى بات وكأن الأمر كان مُعَد سلفا، (وفي ذلك بعض الواقع لما للعلاقات غير العلنية السابقة من تأثير على هذا التوجه)… كما لم تكترث قيادة الاحتلال الإسرائيلي لردود الأفعال العربية الرافضة لهذا “الهرولة” نحو التطبيع كما سمّتها الجزائر، بل اعتبرت ذلك تغريدا خارج السرب، باعتبار أن الأمر محسوما انطلاقا من حسابات عالمية وإقليمية ومحلية وانطلاقا من مصالح لا يمكن القفز عليها لمنع تحقيقها في الميدان. فلِيُثَرثِر من أراد أن يُثَرثِر، كان لسان حال الإسرائيلي يقول، مادام الأمر محسوبا ومحسوما بهذه الكيفية، ومادام التحول الجيواستراتيجي في المنطقة أصبح واقعا وليس مُجرد سيناريوهات يجري بناؤها أو هي بصدد المراجعة. بدا وكأن الأمر قد حُسِم وتَحدّد مستقبل المنطقة وانتهي الأمر. وتعزَّز هذا التوجه بلقاء مجموعة العشرين في الهند بتاريخ9 سبتمبر 2023(شهر قبل الطوفان) حيث اجتمع على هامش هذه المجموعة، كبار العالم الغربي مع الممثلين الإسرائيليين ليناقشوا المخطط التنفيذي (وليس المشروع) لما سيكون عليه الشرق الأوسط وعلاقته بالغرب والشرق ولما ستكون عليه مكانة “إسرائيل” المحورية من كل هذا. واغتنم ممثل الصهيونية العالمية والغرب الفرصة التي منحتها إياه الأمم المتحدة ليعلن “نتنياهو” يوم 23 سبتمبر 2023(15 يوما قبل الطوفان) وبالخرائط تفاصيل هذا العالم الجديد ويرسم خارطة الممر بين الشرق والغرب الذي يُبشِّر به،لاغِيًا أي وجود للعرب والمسلمين إلا كأدوات ضمنه، وناكرًا تماما وجود أرض اسمها فلسطين أو شعب اسمه الشعب الفلسطيني، بل ماحيًا من خرائطه التي رفعها بيده أمام الحضور الأممي أي وجود لإقليم اسمه غزة أو أرض محتلة اسمها الضفة الغربية ناهيك عن فلسطين!.الكائن الوحيد الذي أبقاه على خريطته للمنطقة والذي يُمثِّل الغرب والحضارة والمستقبل،أعلنها يومها هو “إسرائيل”!!، والبقية إنما هي أدوات تندرج ضمن مشروعها العالمي الضخم الذي يتقاطع مع المشروع الجيواستراتيجي الكبير للولايات المتحدة ويدعمه، وفي ذات الوقت يخدم الاتحاد الأوروبي- بزعمه- الذي ستتعزز قوته من الآن فصاعدا تجاه القوة الروسية القادمة من الشرق إن لم تقض عليها.. وانقسم العالم بين مُنبهر بهذا المظهر وخائف منه، وسارع البعض للتودد إليه مادام الأمر هكذا! لم يبق إلا مجاراة هذا التّحول الكبير في النظام العالمي وعدم الوقوف في وجه رياحه العاتية…
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post التحول الجيواستراتيجي في العالم قبل وبعد الطوفان…نهاية حقبة الهيمنة الصهيونية appeared first on الشروق أونلاين.