التفكير وصلته بالتعلم

أ. علي أوحيدة */ التفكير من أهم الوظائف العقلية الرئيسية التي يعتمد عليها الإنسان في مجابهة الكثير من مواقف الحياة، ومن المشكلات التي تعرض له في حياته اليومية، والتفكير أساسي في مواقف التعليم والتعلم في جميع المراحل من التمهيدي إلى الجامعي، ولذا قال الله تعالى:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ سورة محمد 24. أي …

أكتوبر 6, 2025 - 13:19
 0
التفكير وصلته بالتعلم

أ. علي أوحيدة */

التفكير من أهم الوظائف العقلية الرئيسية التي يعتمد عليها الإنسان في مجابهة الكثير من مواقف الحياة، ومن المشكلات التي تعرض له في حياته اليومية، والتفكير أساسي في مواقف التعليم والتعلم في جميع المراحل من التمهيدي إلى الجامعي، ولذا قال الله تعالى:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ سورة محمد 24. أي ويتفكرون، ويتأملون، ويتفحّصون، ويجهدون أذهانهم، ويحاولون فهمه … الخ.
فهذه الآية تحدد لنا طريقة التعليم والتعلم ومنهجية التدريس داخل حجرات الدراسة، لأن عملية التفكير هي العملية التي ينظم بها العقل خبراته السابقة بطريقة جديدة لحل مشكل قائم … ومن وظيفة التربية تدريب المتعلمين على التفكير السليم عن طريق صياغة الأسئلة، وبناء الوضعيات، وحل المشكلات، ونقد ما يراه أو يسمعه أو يقرأه، ويكون ذلك بتعويدهم طريقة التفكير العلمي بأن يناقشوا كافة الصعوبات القائمة، ويزنوا كافة الاحتمالات، ثم يختاروا أكثر الطرق المؤدية إلى الحل.
ولكن السؤال المطروح هو: ما هو التفكير، وما أنواعه، وما هي أدواته؟ وكيف نعلّم التفكير؟ وما هي معوقاته؟ كل هذه الأسئلة أوضحها بأسلوب عملي بسيط ليتمكن كل من له علاقة بالتدريس من التمهيدي إلى الجامعي تطبيقها بيسر مع من يعلّم …!
التفكير نشاط عقلي يقوم به المتعلم عندما يتعرض لمثير ما، أي إلى سؤال، أو وضعية، أو مشكلة من المشاكل، أو فكرة خطرت بباله من الماضي، أو الحاضر أو المستقبل، وللتفكير تعاريف لا حصر لها، ولذا اقتصر على التعاريف التي يمكن فهمها وتطبيقها.
التفكير: – نشاط عقلي – عملية ذهنية – كل ما يجول في الذهن – مهارة تتحسن بالممارسة – عمل يحتاج إلى وقت وممارسة – سلسلة من النشاطات العقلية – جهد ذهن يبذله المتعلم – عمل عقلي يبذله المتعلم، والخلاصة: أن التفكير مهارة من المهارات تحتاج إلى وقت، لأنها تتحسن وتكتسب وتصبح عادة بالممارسة، ويمكن تعريفه بألفاظ مختلفة في الشكل، ومتفقة في المعنى والهدف والمقصد، ولكن ما هي الأدوات والوسائل التي تساعد المتعلم على التفكير.
أدوات ووسائل التفكير: – إن أهم أدوات ووسائل التفكير هي: اللغة ومعانيها، أفكار ومفاهيم الأنشطة التي تعلمها وأدركها وفهمها، نظريات ورؤى، رموز وقواعد علمية، معلومات، تعريفات مصطلحات. وهذا القول يعني أن المتعلم من التمهيدي إلى الجامعي لا يستطيع أن يفكر في سؤال، أو تمرين، أو مسألة، أو وضعية إلا إذا كانت لديه معلومات ومفاهيم ومصطلحات لغوية وعلمية، ومهارات وآليات لها علاقة مباشرة بالإشكالية المطروحة أمامه.
وهذا يعني أيضا أن الطفل أو التلميذ أو الطالب الذي يفشل في الإجابة عن سؤال، أو تمرين، أو حل مسألة، أو تحليل وضعية يحتاج إلى معلومات ومهارات لم يكتسبها بعد، أو اكتسبها ولم يستطع تذكرها واستحضارها بفعل النسيان، أو لم يفهمها ولم يستوعبها أصلا أثناء الحصص التي قدمت إليه، ولهذا ينبغي للمربية أو الأستاذ أن يعالج هذا النقص (الاحتياج) حتى لا يكون عائقا للتلميذ في المستقبل، ويتسبب في تأخره الدراسي، ولكن كيف نعلم المتعلم التفكير أثناء تقديم الأنشطة؟ أو بعبارة أدق متى يفكر المتعلم؟
متى يبدأ التفكير؟ – أي متى يفكر المتعلم ؟! يبدأ المتعلم في التفكير عندما يجد صعوبة – عندما تكون الحلول متعددة – عندما تتنوع الوضعيات والأمثلة – عندما نركز على عمليات التفكير أكثر من النتيجة – عند نركز على الأهداف البعيدة (تنمية القدرات العقلية) أكثر من الإجابات – عند ما نصيغ أسئلة غير مباشرة – عندما نترك وقتا للتفكير قبل الإجابة – عندما نطلب منه الإعادة – عندما نطلب منه التصحيح – عندما نطلب منه تقليل الإجابة – عندما نشك في إجاباته.
وهذا كله يعني أن المتعلم لا يفكر الا إذا تعرض لمثير، أو صادف صعوبة، أو تركنا له وقتا للتفكير – أو طلبنا منه الإعادة أو التعليل أو التبرير – أو صغنا الأسئلة صياغة غير مباشرة، أو قدمنا له وضعيات مفتوحة – وجهنا له أسئلة مفتوحة … الخ. فهذه الحقائق وغيرها كثيرة ينبغي، بل يجب على كل مربية أو أستاذ أن يوظفها في تحضير وتقديم الأنشطة، وصياغة الأسئلة والتمارين والوضعيات. ولكن ما هي عوائق تعليم التفكير حتى نبتعد عنها؟
عوائق التفكير: – إن عوائق التفكير كثيرة ومتداخلة، ورغم هذا يمكن اختصارها في النقاط التالية: – التركيز على النتيجة أكثر من مهارات التفكير – رفض كل إجابة تخالف المألوف – انعدام التوجيه والتشجيع – عدم إتاحة زمن كاف للتفكير – عدم تقدير إنجازات المتعلم – التسرع في طرح الأسئلة – طلب الإجابة بعد السؤال مباشرة – الاعتماد على فئة من المتعلمين – عدم إتاحة فرصة المشاركة للجميع – الاعتماد على الأسئلة المباشرة – غياب التشجيع الفردي – التمييز بين المتعلمين بالتشجيع أو ملامح الجسد (خاصة المثلث الاجتماعي) – إهمال بعض المتعلمين … الخ. كل هذه العوائق تعوق التفكير وتتسبب في التأخر الدراسي. والسبب هنا يرجع إلى منهجية التدريس داخل حجرة الدرس.
– مما سبق ندرك ونتأكد أن المتعلم يتوقف عن التفكير إذا ظهر في أداء المربية أو الأستاذ عامل أو أكثر من العوامل المشار إليها أعلاه، ولذا يجب على كل مربية أو أستاذ أن يبتعد عن هذه السلبيات التي تعوق الاطفال والتلاميذ والطلبة عن التفكير.
الخلاصة: – إن هذه المعلومات النظرية لا تستطيع المربية توظيفها في تحضير الأنشطة وتقديمها وتقويمها إلا إذا قدّمت إليها بأسلوب عملي له علاقة بما تقدمه مع أطفالها داخل حجرة الدرس عن طريق تنظيم ندوات محلية.

* مؤلف ومفتش التعليم الابتدائي (سابقا)