الشراكة بدون عدالة… التبعية مرفوضة!
آلاء أسيل بوالأنوار في كل مرة تتخذ فيها الجزائر موقفًا سياديًا مستقلًا عن الأجندات الدولية، تُسارع بعض الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق الاتهامات أو التلميحات التي تمس بالقرار الجزائري. آخر هذه المواقف جاءت بعبارات توحي بالقلق من “اتجاهات الجزائر السياسية” أو “تعاملها مع الحريات”، وكأن السيادة الوطنية باتت محل مراجعة خارجية من عواصم ما …

آلاء أسيل بوالأنوار
في كل مرة تتخذ فيها الجزائر موقفًا سياديًا مستقلًا عن الأجندات الدولية، تُسارع بعض الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق الاتهامات أو التلميحات التي تمس بالقرار الجزائري.
آخر هذه المواقف جاءت بعبارات توحي بالقلق من “اتجاهات الجزائر السياسية” أو “تعاملها مع الحريات”، وكأن السيادة الوطنية باتت محل مراجعة خارجية من عواصم ما وراء البحر.
لكن الحقيقة الواضحة، والتي يجب أن يدركها صناع القرار الأوروبي، هي أن الجزائر اليوم ليست الجزائر بالأمس. هي دولة تعرف تمامًا موقعها، ومصالحها، وشروط شراكتها. دولة لا تقبل أن تكون طرفًا تابعًا في أي علاقة مهما كانت موازين القوى. فالسياسة الخارجية الجزائرية تستند إلى مبدأ واضح: الشراكة تقوم على الاحترام المتبادل، لا على الوصاية المقنّعة.
لقد أثبتت الجزائر عبر مواقفها في ملفات عدة – من قضية فلسطين إلى الأزمات الإفريقية والملف الطاقوي – أنها شريك استراتيجي لا يُستهان به، قادر على اتخاذ قرارات مستقلة، حتى لو لم ترُق لبعض الأطراف الدولية. فهل يُعقل أن يُعاقب الاستقلال في القرار، وتُكافأ التبعية؟
الاتحاد الأوروبي والرهان الخاطئ
بدل أن ينخرط الاتحاد الأوروبي في خطاب يُعيد إنتاج علاقات ما بعد الاستعمار بوجه جديد، كان عليه أن يُعيد النظر في سياساته التجارية والاقتصادية غير المتكافئة مع دول جنوب المتوسط، ومنها الجزائر. فمن غير المقبول أن تبقى الشراكة الأوروبية-الجزائرية رهينة مصالح ضيقة تخدم الطرف الأقوى اقتصاديًا، بينما تُهمّش المطالب الجزائرية المشروعة بإعادة التوازن إلى بنود الاتفاقيات.
إن الجزائر لا تُغلق أبوابها، لكنها ترفض أن تكون مجرد سوق أو تابع سياسي. وقد جاء تصريح الرئيس عبد المجيد تبون أكثر من مرة ليؤكد على أن “الجزائر الجديدة” لن تكون نسخة مكررة من مرحلة سابقة، ولن تخضع لأي ضغوط أو ابتزاز.
نحو شراكة حقيقية أو لا شراكة
الجزائر تدعو إلى شراكة تقوم على العدالة، الاحترام، وتوازن المصالح. وهذا ليس مطلبًا تعجيزيًا، بل هو القاعدة الأولى لأي علاقة دولية متزنة. أما الشراكة غير المتكافئة، التي تُبنى على أساس التفوق الأوروبي و”الامتثال” الجزائري، فهي ببساطة تبعية مرفوضة، ولا مكان لها في سياسة الجزائر الجديدة.
فلتكن الرسالة واضحة: الشراكة بدون عدالة، تبعية مرفوضة. ومن أراد أن يكون شريكًا للجزائر، فليكن على قدر المبدأ لا على حسابه.