الفن الجزائري.. رحلة هوية تمتد من صخور الطاسيلي إلى الفنون الرقمية

يمتد تاريخ الفن الجزائري على مدى آلاف السنين، حاملاً في طياته انعكاسات عميقة لهوية متعددة الأوجه، ومرآة دقيقة للتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي مرت بها البلاد. من رسوم الطاسيلي ناجر الصخرية إلى الفن الرقمي المعاصر، حيث ظل الفن افي الجزائر رفيقًا دائمًا لمسيرة الإنسان الجزائري في التعبير عن ذاته ومحيطه. في جنوب شرق الجزائر، تقع […] The post الفن الجزائري.. رحلة هوية تمتد من صخور الطاسيلي إلى الفنون الرقمية appeared first on الجزائر الجديدة.

يونيو 9, 2025 - 11:20
 0
الفن الجزائري.. رحلة هوية تمتد من صخور الطاسيلي إلى الفنون الرقمية

يمتد تاريخ الفن الجزائري على مدى آلاف السنين، حاملاً في طياته انعكاسات عميقة لهوية متعددة الأوجه، ومرآة دقيقة للتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي مرت بها البلاد. من رسوم الطاسيلي ناجر الصخرية إلى الفن الرقمي المعاصر، حيث ظل الفن افي الجزائر رفيقًا دائمًا لمسيرة الإنسان الجزائري في التعبير عن ذاته ومحيطه.

في جنوب شرق الجزائر، تقع هضبة الطاسيلي ناجر، إحدى أهم مناطق الفن الصخري في العالم. وتُقدّر رسوماتها بنحو 8000 سنة، حيث وثّقت هذه الجداريات مشاهد من الحياة اليومية، من الصيد إلى الرقص والطقوس الدينية، ما يعكس عمق الحضارة التي سكنت الصحراء الكبرى قبل تحوّلها إلى مناخها الجاف الحالي.

تعدّ هذه الجداريات من أقدم أشكال التعبير الفني في إفريقيا والعالم، وتدلّ على حس جمالي وروحي متطور لدى الإنسان الأول في المنطقة.

مع دخول الإسلام إلى الجزائر في القرن السابع الميلادي، تطور الفن ليعكس الطابع الديني والحضاري الجديد. وقد تميزت هذه المرحلة بالزخرفة الهندسية، والخط العربي، وفنون المعمار الإسلامي.

من أبرز المعالم:

  • جامع كتشاوة بالجزائر العاصمة

  • جامع سيدي عبد الرحمن الثعالبي

  • زوايا التصوف والفن الشعبي التي انتشرت في كل من الشرق والغرب الجزائري

استخدم الفن الإسلامي كأداة للتأمل والروحانية، مع الحفاظ على الطابع المحلي من خلال الدمج بين الزخرفة العربية والأمازيغية.

في العهد العثماني، شهدت الجزائر نهضة في العمارة والموسيقى والزخرفة، لا سيما في المدن الساحلية. أما خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، فقد دخل الفن مرحلة أكثر حساسية، حيث استُخدم كوسيلة للمقاومة والتوثيق في ظل قمع الهوية الوطنية.

أبرز فناني هذه الفترة:

  • محمد راسم: رائد فن المنمنمات، ومؤسس أول مدرسة جزائرية لهذا الفن.

  • باية محي الدين: فنانة تشكيلية لفتت أنظار بيكاسو برسوماتها السريالية النسوية.

بعد عام 1962، شهدت الجزائر نهضة فنية جديدة، حيث أصبح التعبير الفني مساحة لتأكيد الهوية والتفاعل مع قضايا اجتماعية وسياسية معقدة.

ازدهرت الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية، وبرزت أسماء مثل:

  • رشيد قريشي

  • مصطفى كاتب

  • محمد خدة

كما نالت السينما الجزائرية إشادة عالمية من خلال أفلام مثل وقائع سنين على الجمر (1975)، الذي حاز على السعفة الذهبية في مهرجان كان.في العقود الأخيرة،

تطورت أشكال الفن الجزائري تماشياً مع العولمة والانفجار الرقمي. وبرز جيل جديد من الفنانين الذين استعملوا أدوات مثل:

-الرسوم الرقمية والفن المفاهيمي

-فن الشارع (الغرافيتي) كوسيلة احتجاج وتعبير حضري

-NFTs ومنصات العرض الإلكتروني

يسعى هذا الجيل لخلق توازن بين الانتماء الثقافي الأصيل والانفتاح على الأساليب العالمية في الفن

يُعد الفن الجزائري شاهدًا على التحولات العميقة التي عاشتها البلاد عبر العصور. وقد شكّل دائمًا مساحة للمقاومة، والروح، والإبداع المتجدد. وبينما تمضي الجزائر قُدمًا في عصر التكنولوجيا، يظل تراثها الفني حجر الأساس في تشكيل هوية وطنية تتجاوز الجغرافيا والزمن.

The post الفن الجزائري.. رحلة هوية تمتد من صخور الطاسيلي إلى الفنون الرقمية appeared first on الجزائر الجديدة.