باريس تطلب الصفح من سكان بولينيزيا بسبب التفجيرات النووية
خلص تقرير أعدته لجنة برلمانية فرنسية، كُشف عنه اللثام، إلى ضرورة اعتذار فرنسا لسكان “بولينيزيا”، عن التجارب النووية التي أجرتها باريس في جزرها المرجانية، وهو تطور يزيد من حجم الضغوط على السلطات الفرنسية، التي لا تزال ترفض التجاوب مع المطالب الجزائرية، المتعلقة بملف الذاكرة. وتحدث التقرير الذي عُمم يوم الثلاثاء 17 جوان الجاري، عن “وجوب” […] The post باريس تطلب الصفح من سكان بولينيزيا بسبب التفجيرات النووية appeared first on الشروق أونلاين.


خلص تقرير أعدته لجنة برلمانية فرنسية، كُشف عنه اللثام، إلى ضرورة اعتذار فرنسا لسكان “بولينيزيا”، عن التجارب النووية التي أجرتها باريس في جزرها المرجانية، وهو تطور يزيد من حجم الضغوط على السلطات الفرنسية، التي لا تزال ترفض التجاوب مع المطالب الجزائرية، المتعلقة بملف الذاكرة.
وتحدث التقرير الذي عُمم يوم الثلاثاء 17 جوان الجاري، عن “وجوب” اعتذار فرنسا لسكان بولينيزيا، وهي مجموعة من الجزر تقع في أقصى جنوب شرق المحيط الهادي، ولا تزال تحت السيطرة الفرنسية، لأن التجارب النووية الفرنسية، التي امتدت على مدار ثلاثة عقود من سنة 1966 إلى 1996، سببت متاعب صحية وبيئية خطيرة لسكان المنطقة.
وقال معدو التقرير إن “طلب الصفح ليس رمزيا فحسب، ولا هو طلب توبة”، وشدد على أنه “يجب أن يكون هذا نهجا صادقا، وخطوة أساسية في عملية المصالحة بين بولينيزيا الفرنسية والدولة”، كما كتب رئيس اللجنة، النائب ديديي لو جاك، والنائب المقررة، ميريانا ريد أربيلو. كما لاحظ التقرير أن التعامل مع هذا الجزء من التاريخ الفرنسي بطريقة “هادئة” هو “عمل رصين”، ويجب على البرلمان أن “يقوم بهذه البادرة باسم الأمة”.
كما أوصى التقرير بإنشاء لجنة من المؤرخين والباحثين “لإجراء عمل معمق يركز على دراسة جميع المحفوظات المتعلقة بسياسة التجارب النووية الفرنسية في بولينيزيا الفرنسية”، والتي تهدف إلى تشكيل “الأساس التاريخي للذاكرة المشتركة”، علما أن باريس كانت قد أجرت ما لا يقل عن 193 تجربة نووية في بولينيزيا تحت رعاية مركز التجارب في المحيط الهادئ.
وتتقاسم الجزائر وبولينيزيا تاريخا من الجرائم الفرنسية، فقد تعرضت الجزائر بدورها لما لا يقل عن 17 تفجيرا نوويا في جنوب البلاد (رقان ووادي الناموس)، في الفترة الممتدة ما بين 1960 و1966، وهي التجارب التي مكنت فرنسا من الحصول على السلاح النووي، ولكن بالمقابل تركت الأراضي موبوءة بالإشعاعات النووية والنفايات الكيميائية، مسببة العديد من الأمراض المستعصية التي طالت السكان والحيوانات بسبب التلوث الإشعاعي.
وقدرت هيئة الضمان الاجتماعي المحلية في بولينيزيا، تكلفة الأمراض الناجمة عن الإشعاع بأكثر من مليار يورو، وتعتزم تمرير مشروع قانون بهذا الخصوص، فيما لا تزال مسألة التعويضات لضحايا التجارب النووية التي استمرت 30 عاما شائكة، على حد ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، “فرانس براس”، التي أشارت إلى أن السكان المحليين (البولينيزيين) لا يزالون ينتظرون الاعتراف الرسمي بالأمراض التي كانت التفجيرات النووية سببا فيها.
وبينما يعترف التقرير البرلماني الفرنسية بالعواقب الصحية والبيئية الخطيرة على بولينيزيا، ويقترح سلسلة من التوصيات بشأن رعاية الضحايا وتعويضهم، والاعتراف بالأضرار البيئية وإصلاحها، تصر باريس على عدم الاعتراف بمسؤوليتها في التجارب التي أجرتها في جنوب الجزائر، وترفض حتى تعويض الضحايا استنادا إلى ما أسمته “قانون موران”، الذي سن في سنة 2010، ولم يفعّل إلى غاية الآن، بسبب العقبات البيروقراطية والعلمية التي وضعها هذا القانون، ليحول دون تمكن الضحايا الجزائريين من التعويض، بحيث لم يتم تعويض ولا ضحية جزائرية واحدة حتى الآن، بعد مرور 15 سنة كاملة من صدور هذا القانون.
ويعتبر قضية التفجيرات النووية الفرنسية في جنوب الجزائر، من بين الملفات التي ساهمت في تأزيم العلاقات بين الجزائر وباريس، لأن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لم يحقق أي تقدم على هذا الصعيد، بالرغم من مخاطره الماثلة للعيان، فيما راح يتحدث عن مبادرات رمزية من قبيل طلب الصفح من عائلة المناضل المناصر للثورة الجزائرية، موريس أودان، والاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في تصفية العربي بن مهيدي وعلى بومنجل.
ومن شأن المبادرة البرلمانية الفرنسية حول التفجيرات النووية في أقصى جنوب شرقي المحيط الهادي، أن تعيد ملف التجارب النووية بجنوب الجزائر، إلى الواجهة، لأن باريس تصر على سياسية الهروب إلى الأمام، فهي لا تزال ترفض تنظيف المناطق التي أجرت فيها التفجيرات من الإشعاعات والنفايات النووية، كما ترفض أيضا تعويض الجزائريين ضحايا هذه التفجيرات، رغم وجود قانون ينص على ذلك.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post باريس تطلب الصفح من سكان بولينيزيا بسبب التفجيرات النووية appeared first on الشروق أونلاين.