بحثا عن الأمل والوطن ستون عاما من كفاح وديعة قدورة في سبيل القضية الفلسطينية
أ.د حجيبة أحمد شيدخ/ كنت في مقال سابق قد تحدثت عن الأستاذة الدكتورة زاهية قدورة ودفاعها عن قضايا الأمة، وهي تنحدر من أسرة لبنانية تميزت باهتمامها بالعلم والقضية الفلسطينية. وكان لها أثر كبير في الحركة الفكرية والاجتماعية في لبنان. سيدة المقام اليوم أخت زاهية قدورة السيدة: وديعة قدورة، من مواليد بيروت 1915 م، زاولت دراستها …

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/
كنت في مقال سابق قد تحدثت عن الأستاذة الدكتورة زاهية قدورة ودفاعها عن قضايا الأمة، وهي تنحدر من أسرة لبنانية تميزت باهتمامها بالعلم والقضية الفلسطينية. وكان لها أثر كبير في الحركة الفكرية والاجتماعية في لبنان.
سيدة المقام اليوم أخت زاهية قدورة السيدة: وديعة قدورة، من مواليد بيروت 1915 م، زاولت دراستها في لبنان إلى أن التحقت بالسنة الثانية تخصص طب، لكنها لم تكمل دراستها وتزوجت من الطبيب: أديب خرطبيل، وهو من مواليد: طبريا، التقى بها بكلية الطب، فتزوجا فيما بعد، ورحلت معه إلى فلسطين ليكملا معا رحلة الدفاع عن القضية الفلسطينية التي طالما ارتبطت بها، حنت إلى أرض الرباط، لتكون في صفوف المدافعين عن أرض فلسطين التي سلبها المستدمر اليهودي.
بدأت الرحلة إلى فلسطين التي أحبتها حبا جما، سنة 1932م رفقة زوجها، وانتقلت معه بحكم عمله بين عدة مدن بدءا من طبريا، ثم القدس، ثم إلى مدينة نابلس وبعدها إلى غزة وأخيرا استقرت بمدينة طولكرم، حيث أسست رفقة زوجها: مستشفى الجهاد سنة 1936 م، الذي كان يعالج الجرحى.
في هذه الفترة انخرطت السيدة وديعة في العمل النسوي الفلسطيني، وتوّلت في طولكرم رئاسة (جمعية النساء الخيرية)، وافتتحت مستوصفا لعلاج المحتاجين، وكانت فاعلة في العمل الاجتماعي، إذ أسست فرعا لرعاية الأمومة والطفولة، ودارا للحضانة، ومشغلا للخياطة والتطريز. وساهمت في تزويد مجاهدي ثورة 1936بالأدوية والأطعمة والألبسة، ومساعدة عائلات الشهداء.
كان للسيدة وديعة تمثيل لفلسطين في المؤتمرات الدولية ومنها: المؤتمر النسائي العربي العام، سنة 1944م، وكانت لها فيه مشاركة بعنوان:» نداء الأرض « وبعد نكبة سنة 1948 م عادت رفقة زوجها وأبنائها إلى لبنان. وبقيت تعمل مجاهدة بكل الطرق لنصرة القضية الفلسطينية، ولذلك اختيرت سنة 1963 م ضمن الوفد الفلسطيني الوافد إلى هيئة الأمم المتحدة برئاسة: أحمد الشقيري.
لم تنقطع وديعة قدورة عن العمل، ودعت إلى ضرورة توحيد الاتحادات النسائية الفلسطينية في اتحاد عام، وحدث ذلك واختيرت لتكون ضمن اللجنة التحضيرية التي أسست: الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، في المؤتمر المنعقد بالقدس سنة: 1965 م، وانتخبت عضوا في مجلس إدارة الاتحاد على نهج عمتها: ابتهاج قدورة وأختها زاهية، عاشت وديعة قدورة مدافعة على قضايا الأمة، وبخاصة القضية الفلسطينية، والجزائرية قبل الاستقلال، وقضايا المرأة …
بعد العدوان الإسرائيلي سنة1967م قامت المجاهدة وديعة بحملة جمع التبرعات الطبية والغذائية والألبسة لتقديمها إلى ضحايا العدوان بالأردن وسوريا، وفي سنة 1983م أحيت نشاط الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني، الذي توقف بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان سنة 1982 م وفي سنة 1985م أعادته إلى النشاط، واعترافا بجهودها انتخبت رئيسة له على مدى حياتها.
تركت وديعة قدورة إلى جانب أعمالها الميدانية النضالية، كتابا عنوانه: «بحثا عن الأمل والوطن : ستون عاما من كفاح امرأة في سبيل القضية الفلسطينية» أرّخت فيه للقضية الفلسطينية ,تحدثت فيه بعين مشاهدة فاعلة، ووثّقت ذكرياتها وذكريات أسرتها في الدفاع عن القضية .وجاء في تسعة فصول : الأول : بيروت _ ــفلسطين ، والثاني : نكبات خاصة ، والثالث : فلسطين والمرأة ، والرابع :أربعون يوما في الأمم المتحدة ، والخامس : القدس أبدا، والسادس : سنوات النار والرماد، والسابع : عراقيل ونشاط متقطع ، والثامن : الحضور زمن الغياب، والتاسع : إسعاد الطفولة المعذبة وخاتمة ووثائق مصورة …
انتقلت وديعة قدورة إلى العالم الآخر سنة: 2007م، ولكن أعمالها خلدتها لأنها لم تعش لنفسها بل عاشت للأمة، رحمها الله وأسكنها فسيح الجنان.
( المقال مستخلص من مجموع ما كتب عن السيدة : وديعة قدورة )