بين النجاح والرسوب رسائل لأبنائنا الطلبة
حشاني زغيدي أبارك لجميع أبنائنا الذين اجتازوا امتحان البكالوريا بنجاح، فهذه خطوة أولى في طريق طويل نحو بناء مستقبلهم ،وأوجّه كلمة صادقة لأولئك الذين لم يوفَّقوا هذه المرة: لا تجعلوا الرسوب نهاية المطاف. بل اعتبروه بداية جديدة لإعادة التقييم، والانطلاق في مسار يتوافق مع طاقاتكم ومواهبكم. من خلال تجربتي في ميدان التعليم، تعلّمت أن النجاح …

حشاني زغيدي
أبارك لجميع أبنائنا الذين اجتازوا امتحان البكالوريا بنجاح، فهذه خطوة أولى في طريق طويل نحو بناء مستقبلهم ،وأوجّه كلمة صادقة لأولئك الذين لم يوفَّقوا هذه المرة: لا تجعلوا الرسوب نهاية المطاف. بل اعتبروه بداية جديدة لإعادة التقييم، والانطلاق في مسار يتوافق مع طاقاتكم ومواهبكم.
من خلال تجربتي في ميدان التعليم، تعلّمت أن النجاح لا يُقاس فقط بالأرقام والنتائج، بل بالقدرة على تحويل كل محطة، حتى الفشل، إلى نقطة انطلاق نصف طلابنا اجتازوا العتبة، والنصف الآخر أمامهم خيارات متعددة لا تقلّ أهمية: التكوين المهني، اكتساب المهارات العملية، إعادة التوجيه… كلها مسارات تستحق التقدير والاحترام من المؤسف أن بعض الخطابات المثبّطة تُلقي بثقلها على كاهل طلاب قضوا 12 عامًا في الدراسة والاجتهاد.
بعضهم لا يُدرك تأثير كلماته السلبية على هؤلاء الشباب، بينما هم في أمسّ الحاجة إلى دعم نفسي وتربوي ينهض بهم لا يُثقلهم.
واجبنا أن نُعزّز فيهم الإيمان بقدراتهم، ونُعلّمهم أن الفشل تجربة، لا نهاية ،كثير من طلابنا يمتلكون طاقات ومواهب في مجالات لم تنجح المنظومة التعليمية في اكتشافها أو توجيهها: التقنية، الفنون، المهارات الحرفية، أو ريادة الأعمال لذلك يجب أن يكون التوجيه مبنيًّا على الميول والقدرات، لا على رغبات الأهل أو ضغط المجتمع.
التكوين المهني ليس خيارًا أدنى، بل مسار استراتيجي ينبغي أن يُدعم ويُعزّز من الأسرة والمدرسة معًا.
بالنسبة للناجحين، أنصحهم بعدم التسرع في اختيار التخصص الجامعي. من المهم استشارة مستشاري التوجيه، والمشاركة في المنتديات والمعارض الأكاديمية لاكتشاف الفرص المتاحة، وفهم متطلبات كل تخصص.
أما من لم يُوفّق، فليطرح على نفسه سؤالًا صادقًا: هل الإعادة ستكون فرصة جديدة أم عبئًا؟من المفيد في هذه المرحلة تجربة دورات لاكتشاف الميول، والاطلاع على برامج التكوين المهني المتوفرة، التي قد تفتح آفاقًا أرحب وأنسب التوجيه لا يجب أن يُلقى فقط على عاتق المدرسة. بل يجب أن تتضافر جهود الأسرة، والمجتمع، والسلطات التربوية.
نحتاج إلى آليات عملية للتوجيه المبكر، وإلى شراكة حقيقية مع مراكز التكوين والمؤسسات الاقتصادية ،كما أن دعم الإعلام في تقديم نماذج ناجحة من خريجي التكوين المهني سيكون له أثر بالغ في تغيير العقليات ،أعرف تلميذًا رسب في البكالوريا، فاختار التكوين المهني في مجال الميكانيك.
اليوم، يملك ورشة ناجحة، ويُوظف شبابًا يحملون شهادات جامعية النجاح ليس حكرًا على مسار واحد، بل في معرفة الذات، والجد في العمل، وحسن التقدير.
خلاصة الرسالة:
النجاح الحقيقي هو اختيار الطريق المناسب لكل طالب فهم الذات واكتشاف الميول هما مفتاحا التميز ومسؤوليتنا كأولياء ومربّين أن نكون داعمين، لا مثبّطين.
اللهم وفّق أبناءنا لما فيه خيرهم، وأعنهم على اتخاذ القرارات الصائبة، وارزقهم التوفيق في مساراتهم، واجعلهم لبِناتٍ صالحة في بناء أوطانهم وأمتهم.