توقيف 6 متورطين في الاعتداء على “سيدة العلمة” المتهمة ظلما بالشعوذة

شهدت قضية السيدة المغتربة التي تعرضت للإهانة والاتهام الباطل بالشعوذة بمدينة العلمة تطوّرا جديدا، بعد توقيف 6 أشخاص تورطوا في الاعتداء متعدّد الأوجه على المرأة البريئة، ليتم إحالة المعنيين على الجهات القضائية التي تدخلت بصرامة لوضع حد للمحاكمة الشعبية التي لقيت استياء واسعا لدى الرأي العام، وكانت مصدر قلق واستنكار لدى كل من تابع تفاصيل […] The post توقيف 6 متورطين في الاعتداء على “سيدة العلمة” المتهمة ظلما بالشعوذة appeared first on الشروق أونلاين.

يونيو 13, 2025 - 16:33
 0
توقيف 6 متورطين في الاعتداء على “سيدة العلمة” المتهمة ظلما بالشعوذة

شهدت قضية السيدة المغتربة التي تعرضت للإهانة والاتهام الباطل بالشعوذة بمدينة العلمة تطوّرا جديدا، بعد توقيف 6 أشخاص تورطوا في الاعتداء متعدّد الأوجه على المرأة البريئة، ليتم إحالة المعنيين على الجهات القضائية التي تدخلت بصرامة لوضع حد للمحاكمة الشعبية التي لقيت استياء واسعا لدى الرأي العام، وكانت مصدر قلق واستنكار لدى كل من تابع تفاصيل هذه الحادثة منذ نشرها على منصات التواصل.
وقد تم فتح ملف القضية في أعقاب الشكوى التي تقدّمت بها الضحية ضد مجهول، والتي لقيت، مباشرة، استجابة من طرف العدالة حيث أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة العلمة بولاية سطيف بفتح تحقيق ابتدائي، لتتمكّن مصالح الأمن، عبر فرقة محاربة الجرائم الإلكترونية، من تحديد هوية ستة أشخاص يشتبه في تورطهم المباشر في الاعتداء عليها. وقد تم توقيف المعنيين وإحالتهم على التحقيق، في خطوة نقلت القضية إلى مرحلة الجد والحساب لوضع كل طرف في مقامه الذي يستحقه.
التحقيقات اعتمدت على تحليل الفيديوهات المتداولة التي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه الإهانات لها، ونزع نقابها وسط تجمهر واتهامات بالسحر والشعوذة، من دون أي دليل أو أساس.
المتهمون، وهم من المارة والفضوليين، وثّقوا بأنفسهم الواقعة عبر هواتفهم، وساهموا في نشر محتوى مسيء، ما سهّل على المحققين الوصول إليهم وتحديد أدوارهم في الحادثة التي وصفت بـ”الانزلاق الخطير”، لما حملته من اعتداء جسيم على كرامة فرد بريء.
وقد خلّف هذا التوقيف حالة من الارتياح وسط أفراد المجتمع، خاصة بعد موجة الاستنكار التي أعقبت الحادثة، إذ اعتبر كثيرون أن هؤلاء نصّبوا أنفسهم مكان العدالة، وتجاوزوا كل الحدود القانونية والإنسانية، فالسيدة، وهي جزائرية مغتربة كانت تعيش بفرنسا، لم تكن تقوم سوى بقراءة بعض آيات من القرآن الكريم، ومعها أوراق تحمل ترجمة معاني الآيات بالفرنسية، حين تم اقتحام خصوصيتها واتهامها زورا وعلنا بممارسة السحر والشعوذة.
وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان تساؤلات مؤرقة عن مدى تفشي عقلية “المحاكمة الشعبية”، والانزلاق نحو إصدار الأحكام الجماعية من طرف مواطنين عاديين، مدفوعين بالهوس والجهل، أو التحريض الإلكتروني.
لقد أصبحت ظاهرة الشعوذة، التي يشترك الجميع في رفضها ومحاربتها، تستخدم كمبرر للاعتداء على الآخر بدون بيّنة، خاصة في ظل الموجة الأخيرة من حملات “تنظيف المقابر”، التي وإن كانت في بدايتها مبادرات تلقائية، فقد تحوّلت في بعض المناطق إلى هستيريا جماعية تشكّ في كل شيء، وتوزّع التهم بالمجان مع الفضح والإهانة علنا.
ومن هنا، جاءت أهمية هذا التدخل الأمني والقضائي، لتذكير الجميع بأن القانون هو المرجع الوحيد في حالات الشبهة، وأن أي تعدّ على الأشخاص، جسديا أو معنويا، لا يمكن تبريره بأي ذريعة.
وحذّر الكثير من المختصين، عقب الحادثة، من مغبة استمرار هذا السلوك الجماعي الخطر، الذي يعكس أزمة وعي أكثر مما يعكس غيرة دينية حقيقية، فالدين لا يجيز الظلم، ولا يقر اتهام الناس بالباطل، ولا يسمح بانتهاك خصوصياتهم وتصويرهم من دون إذن، بل يشدّد على صون الكرامة الإنسانية والتثبت قبل إصدار الأحكام.
قضية “سيدة العلمة” قد تكون انتهت بتوقيف المعتدين وفتح مسار العدالة، لكنها تفتح في الوقت نفسه ملفا أكبر حول التحريض الرقمي، وخطورة المحتوى المتداول بلا ضوابط، والتغوّل المجتمعي الذي قد يدمّر حياة أبرياء في لحظات. هي لحظة فاصلة لاختبار مدى التزام المجتمع بالقانون، وقدرته على التمييز بين الغيرة والتجني، وبين التدين والجهل، وبين الحذر المشروع والهوس الجماعي .وهنا، وجب التذكير أن كرامة الإنسان لا تقبل المساومة، وأن محاربة الظواهر السلبية لا تتم عبر الاعتداء أو الافتراء، بل عبر الوعي والحوار، والاحتكام للعدالة وحدها.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post توقيف 6 متورطين في الاعتداء على “سيدة العلمة” المتهمة ظلما بالشعوذة appeared first on الشروق أونلاين.