صبايحية الأدب وقلة الأدب

رافع سعيد خطيبي، الروائي الجزائري -على حد علمنا- لصالح الكاتب بوعلام صنصال المسجون حاليا بتهم عديدة منها على الأخص المساس بوحدة تراب الوطن، خطيبي الذي كان يتحدث لوسيلة إعلام فرنسية، هاله أن يُسجن المتجنس حديثا بتهمة الإرهاب وهو الذي خاض حربا ضروسا في 2003 لإنقاذ آلاف الأطفال والنساء في زلزال بومرداس، ولم يتمكن سعيد الأدب […] The post صبايحية الأدب وقلة الأدب appeared first on الشروق أونلاين.

مايو 24, 2025 - 18:53
 0
صبايحية الأدب وقلة الأدب

رافع سعيد خطيبي، الروائي الجزائري -على حد علمنا- لصالح الكاتب بوعلام صنصال المسجون حاليا بتهم عديدة منها على الأخص المساس بوحدة تراب الوطن، خطيبي الذي كان يتحدث لوسيلة إعلام فرنسية، هاله أن يُسجن المتجنس حديثا بتهمة الإرهاب وهو الذي خاض حربا ضروسا في 2003 لإنقاذ آلاف الأطفال والنساء في زلزال بومرداس، ولم يتمكن سعيد الأدب هذا، من أن يذكر تهمة الرجل التي حوكم على أساسها، فهو يعرف جيدا أن صنصال هو شماعة أبناء الحركى وأحفادهم والمستعمرين واليمينيين في عهد ماكرون، التي يعلقون عليها حقدهم على الجزائر والجزائريين، ويدرك أكثر من ذلك، بأن الاصطفاف مع الصنصاليين سيفتح له باب الجوائز في بلاد الجن التي هجرتها الملائكة، كما فتحت أبوابها لساكنها والمسكون بها كمال داوود، فاختار بعناية كلماته في “الكافي شو” وأرسل إشارات لا لبس فيها بأنه مهدَّدٌ في حياته وحياة أسرته ولم يبق إلا أن يُعتقل، كما اعتقل صنصال.
خطيبي الذي يكتب باللغة العربية، رغم أنه خريج السربون، نسي أن فرنسا لن تجعله بطلا جديدا، وهو يكتب بغير لغتها، وإن انخرط بشكل كامل في مهاجمة المجتمع الجزائري، الذي يراه مهووسا بالحروب والاقتتال، فالرجل الذي يصارع ضد التيار، يعتقد أنه خائف “أنا خائف اليوم على أسرتي وعلى نفسي، ولكنني مستعد لكل شيء ولو تعلق الأمر بالاعتقال”، فالأديب الذي يصارع ضد التيار كما يصف نفسه وتصفه مقدِّمة الحصة، لا يمكن أن يكون جبانا وخائفا، هكذا كان الأدب، ومن قلة الأدب أن يمتشق الكاتب قلما لا يجاري حدّته، حدّة السيف، وفي المعركة تساوت السيوف بالأقلام يا سعيد، فالتضييق على الكتاب يواجَه بمزيد من الكتابة، وليس بالهرولة والاصطفاف.
سعيد خطيبي بدا راغبا في الانضمام إلى جوقة الكتبة الذين ترعاهم فرنسا الاستعمارية، فرنسا المحمولة بفكر استعماري مقيت، لا ترى فيه وفي أمثاله، إلا صبايحية وحركى جددا، تستخدمهم لضرب إخوانهم، والإجرام في حق أرضهم، وارتداء ملابس العار، وإن ادّعى مغالبة مجرى النهر فقد هوى في واد سحيق من الرمزيات التي تمهِّد له طريق القبول في محفل الباحثين عن الجوائز الأدبية. ولسنا هنا بصدد الطعن في قدرة الكاتب الإبداعية وأدواته الفنية، ولكن الكاتب الذي يتحول عبر تصريحات واضحة، خارج النص الأدبي، إلى سياسي يقدِّم آراء، يحق لنا ولغيرنا تفكيك خطاباته ووضعها في سياقاتها الكلية، وحين تكون معركة الجزائر مع فرنسا الرسمية والأدبية، يجدر بالجزائري أن يبقى أديبا جبانا، كما هو حال الكثير، على أن يكون أديبا في صف الآخر.
فرنسا التي يشتكي فيها الروائي سعيد خطيبي التضييق الذي يتعرّض له في الجزائر، تتنفس التضييق وتقمع كل الأصوات التي تقف في صف الحق الفلسطيني، أو تلك التي تنتقد الإبادة التي يقوم بها الصهاينة في حق الغزيين، وهو يدرك جيدا أنه لا يستطيع أن ينبس ببنت شفة، في موضوع كهذا في حضرة البلاطوهات الفرنسية، أو ميكروفوناتها، لكنها مفتوحة فقط لقلة الأدب في حق أوطان أخرى مادام زمن الصبايحية والسبايسية ممتدا منذ قرنين.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post صبايحية الأدب وقلة الأدب appeared first on الشروق أونلاين.