ظاهرة الدجل و”شمهروش”!
في المجتمعات التي تفقد مناعتها الفكرية وتنهار فيها القيم، تتكاثر الطفيليات التي تتغذى على الجهل والفراغ، ويعلو صوت الدجل على صوت العقل، وفي ظل غياب الوعي الديني والوازع الأخلاقي، يصبح السحر جريمة مركبة؛ لا تقتصر على خرق القانون، بل تمتد لتفتك بضمير الأمة وعقيدتها. الحملة الأمنية الأخيرة على أوكار الشعوذة لم تكشف فقط عن حجم …

في المجتمعات التي تفقد مناعتها الفكرية وتنهار فيها القيم، تتكاثر الطفيليات التي تتغذى على الجهل والفراغ، ويعلو صوت الدجل على صوت العقل، وفي ظل غياب الوعي الديني والوازع الأخلاقي، يصبح السحر جريمة مركبة؛ لا تقتصر على خرق القانون، بل تمتد لتفتك بضمير الأمة وعقيدتها.
الحملة الأمنية الأخيرة على أوكار الشعوذة لم تكشف فقط عن حجم انتشار السحرة والدجالين، بل أماطت اللثام عن أزمة أعمق: انهيار المنظومة القيمية التي يفترض أن تحصن المجتمع من هذه الآفات، فقد أصبح السحر وسيلة دنيئة لتصفية الحسابات وإلحاق الأذى، لا مجرد وسيلة للهرب من المشكلات.
ما عُثر عليه في المقابر من طلاسم وأعمال سحرية لا يعبّر فقط عن جريمة تُرتكب في الخفاء، بل عن كارثة أخلاقية تُمارس بدم بارد، غالبًا بأيدٍ من داخل العائلة الواحدة، وهو ما يؤكد أن الأمر ليس مجرد انحراف فردي، بل مؤشر على تفسخ اجتماعي خطير.
ظاهرة الشعوذة ليست حالة شاذة، بل عرضٌ صريح لمرض اجتماعي متفاقم، أساسه هشاشة القيم وتراكم الأحقاد داخل البنية الأسرية والمجتمعية. وحين تتآكل منظومة الأخلاق، يصبح الطريق ممهّدًا أمام كل مظاهر الانحطاط، وعلى رأسها الدجل والشعوذة.