ظاهرة “سبّ الدين” وخطورتها
سمير زمال/ تناولنا في مقال سابق المصطلحات وما يترتب عنها من مآلات على واقع المسلمين وعلاقاتهم، سواء ما تعلق منها بما يؤثر بينهم من تنابز وتصنيف وتدابر، أو ما ارتبط بصراعهم مع قوى الشر وأجهزة خادمة للمشروع الغربي المناهظ للإسلام وأهله بإتخاذها كأدوات للتوغل في دول الإسلام وإذكاء نار الخلافات بينهم، من باب ‘دس السم …

سمير زمال/
تناولنا في مقال سابق المصطلحات وما يترتب عنها من مآلات على واقع المسلمين وعلاقاتهم، سواء ما تعلق منها بما يؤثر بينهم من تنابز وتصنيف وتدابر، أو ما ارتبط بصراعهم مع قوى الشر وأجهزة خادمة للمشروع الغربي المناهظ للإسلام وأهله بإتخاذها كأدوات للتوغل في دول الإسلام وإذكاء نار الخلافات بينهم، من باب ‘دس السم في العسل’ و’فرّق تسد’
وفي مقالنا هذا نتناول ظاهرة لا تقلّ خطورة من سابقاتها، شاعت وإمتد لهيبها بين أفراد المجتمع، بل وأضحت من المظاهر التي تعرف انتشارا رهيبا ومتزايدا ألا وهي «سبّ الدين والألفاظ الكفرية» بل و«الذات اللإلهية»، إذ نجدها خاصة بين المراهين وعلى ألسن الأطفال الصّغار للأسف!، ولا شكّ في أن ذلك أمره خطير جدا يهدد العقيدة في حد ذاتها؛ يتطلّب خطوات ردعية استعجالية تجاه هاته الكارثة التي تهدم الإسلام قائلها وفاعلها بالكلية.
نعم؛ هي ذنب لكن ليس كالذنوب، هو خطأ لا كسائر الأخطاء، هو معصية لا كالمعاصي الأخرى، هو جريمة لا كالجرائم، فساد لا كالفساد، إنه ذنب تغضب له الأرض والسموات السبّع التي تسبّح بحمد الله.
جاء في فتوى منشورة على موقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية من إعداد لجنة الإفتاء الوطنية ما نصّه: «.. لذا كان من سب الدين من المسلمين انصرف معناه إلى دين الإسلام. وعليه فمن سب الدين من المسلمين فإن الشرع ـ وهو تابع لتفسير العرف ـ يحكم عليه بالردة، وهو الخروج عن الإسلام، فيستتاب ثلاثة أيام مسجونا بدون ضغط عليه ولا منع من الطعام والشراب، وما يشتهيه من المباحات، فإن تاب تاب الله عليه، وإن لم يتب قتِل كفرا عياذا بالله. ومع هذا فإنه يُنَوّى، أي يقال له: ما نيتك؟ فإن قال: هو شيء جرى على ألسنة الناس ـ كما هي الحال في عصرنا ـ فقلته ولم أقصد به دين الإسلام، فهو كبيرة تجب التوبة منها أيضا، وهي العزم على عدم إعادته في المستقبل، ومع هذا فهو شبهة مؤذنة بفساد النّية وسقوط الأخلاق التي يتطلبها دين الإسلام، وفُشُوُّ هذه العادة السيئة منكر يجب على أولي الأمر إزالته بتعزير مرتكبه تعزيرا يرتدع به هو وأمثاله من ارتكابه، والله الهادي».
ولا ريب أيها القارئ الكريم أن سب الله -عز وجل- أو سب الدين يعد أقبح القبائح وأشنع أنواع الكبائر والمكفرات القولية، وإذا كان الاستهزاء بالله كفراً سواء استحله أم لم يستحله فإن السب كفر من باب أولى، يؤكد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية يقوله: «إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحيلاً أو كان ذاهلاً عن إعتقاده».
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً «57» وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} الأحزاب:58،57.
لذا فمن الواجب على المسلم أن يحذر هاته الألفاظ ويشدّد التحذير إخوانه منها، وأن يعمل على تغليظ القول بعِظم هاته الٱفة اتجاه من جعل سبّ الدين سبيله في كل حين وعلى أي حال، ونصحهم والتأكيد عليهم بالأسلوب الذي يشعرهم بعظيم ما ارتكبوه بحقّ الله تعالى وما أتصل بالدين مع التأكيد على خطورة ذلك متى أُتيحت الفرصة، حاثا ومرددا أن سب الله أو رسوله أو كتابه أو أصحابه أو إنكار معلوم من الدين بالضرورة يُعدّ من أبواب الخروج من رِبقة الدين وانفصال عن جماعة المسلمين!، ومن باب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كذلك وجب على الجهات الرّسمية سواء السياسية أو الأمنية الوقوف بحزم أمام هذا السلوك الكُفري بالزجر والعقوبة.