عقود تجارية وصفقات كبيرة تزيد من طموحات الأفارقة: القارة السمراء ..عهد اقتصادي جديد

تحاليل الجمهورية: لم تكن التظاهرة الاقتصادية التي جمعت المتعاملين ورجال الأعمال الأفارقة بالجزائر منذ الرابع سبتمبر الجاري مجرد معرض للمنتجات أو استعراض للخدمات بل كانت جسر تواصل حقيقي بين المؤسسات الاقتصادية وكبار المسؤولين بالقارة الإفريقية. فالطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية هي بالفعل منصة استراتيجية لبناء نظام مالي تكاملي وإعادة صياغة معادلات الاندماج الاقتصادي وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية حتى تنسجم مع الأهداف التنموية التي تصبو بلدان القارة لتحقيقها في آفاق 2063. والأمر الإيجابي في نسخة الجزائر هو حضور كافة الدول الإفريقية والجميع تدخلوا في المحور الاقتصادي وأكدوا على وجوب اعتمادهم في المناهج والبرامج التنموية على المبادلات التجارية البينية وتطوير اقتصاد الكتلة الإفريقية، لأنه لايزال ضعيفا جدّا "15 بالمائة" مقارنة بالاقتصاد البيني الأوروبي "60 بالمائة". ومن الأهداف التي رسمتها البلدان الإفريقية خلال هذا المعرض هو رفع قيمة المبادلات التجارية الإفريقية إلى حوالي 30 بالمائة في سنة 2030 ما سيضيف للناتج القاري السنوي ما قيمته 70 مليار دولار، علما أنه حاليا الوزن المالي للقارة في البنك العالمي لا يمثل سوى 3 بالمائة أي حوالي 200 مليار دولار. وهذا الضعف يعود بالدرجة الأولى إلى محدودية مبادلاتها التجارية من جهة وهيمنة دول أوروبية على مقدرات 14 دول إفريقية. ومكّنت هذه النسخة من رفع الحواجز التي أعاقت تطوير المعاملات التجارية ووضع استراتيجية اقتصادية واضحة الأبعاد والأهداف ترتكز بالدرجة الأولى على تقوية الكتلة الإفريقية أكثر، وهذا بالاعتماد على تلاقي المزايا الاقتصادية لعديد الدول كالجزائر ونيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا، وبذلك يمكن بناء سلسلة اقتصادية وتجارية في قطاعات مختلفة كالزراعة والصناعة والمناجم لتدفع بإفريقيا نحو الاندماج والتكامل البيني. إن تطوير هذا النوع من التجارة لم يعد خيارا بل حتمية في ظل ما تشهده الأسواق العالمية من صراعات اقتصادية وفرض الولايات المتحدة الأمريكية لرسوم جمركية مرتفعة جدّا تصل إلى 50 بالمائة على دول إفريقية كغيرها من دول العالم، أضف إلى ذلك الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالاتحاد الأوروبي. [ آفاق شراكة واعدة ] لقد ساهمت الطبعة الرابعة لهذا المعرض في زيادة حماس الأفارقة لتطوير التجارة فيما بينهم بفضل قيادة الجزائر رفقة دول عديدة لهذا المشروع التنموي الواعد، وتساهم الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة في تحقيق هذا الهدف خاصة بعدما تخلصت عدّة بلدان إفريقية من الهيمنة الفرنسية، فالفرصة أصبحت سانحة والمؤهلات الاقتصادية والتجارية موجودة لإعادة بناء نظام تجاري بيني قوي بالقارة السمراء وفق قاعدة "رابح رابح" ، بوجود استثمارات في البنى التحتية بين الجزائر وموريتانيا وتونس ومالي. وما يعزز هذا المشروع ويرفع من حظوظه هو النمو المعتبر للناتج الإفريقي السنوي خلال الخمس سنوات الأخيرة حتى وإن كان بسيطا، فهناك عدّة دول ساهمت في هذا النمو الإيجابي مثل الجزائر التي طبّقت إصلاحات اقتصادية كبرى ساهمت في رفع نسبة النمو بتثمين الإنتاج الوطني وترشيد الواردات ، فأصبحت منتجاتها تحظى بالأفضلية والتنافسية في السوق الإفريقية بفضل قيمتها المنخفضة مقارنة بالسلع الأوروبية، ودعم الدولة لوسائل الإنتاج المباشرة وغير المباشرة وأيضا الإعفاءات الضريبية والجمركية لفائدة المصدرين وأيضا التنافسية من حيث الجودة وسلامة المنتوجات ومطابقتها لمعايير الصحة والنوعية العالمية. لقد كان المعرض حافلا بالمعاملات التجارية البينية والعقود الكبيرة التي وقعت عليها الجزائر ودول إفريقية كثيرة، وهذا يُظهر النوايا الحقيقية لزيادة وزن إفريقيا ماليا في التجارة العالمية، فآفاق الشراكة بين هذه البلدان وخاصة الجزائر خارج قطاع الطاقة كبيرة ومتعددة في الصناعة بأنواعها والبناء والنقل والأشغال العمومية والصيد البحري والزراعة وحتى المنتجات التكنولوجية والرقمية، وبالتالي سيساهم الاندماج الإفريقي في جلب استثمارات وعقود شراكة أكبر من دول العالم وبالأخص روسيا والصين والولايات المتحدة الإفريقية التي تتنافس اليوم على التوغل باقتصادها ومشاريعها في إفريقيا. فكل التنبؤات الاقتصادية تشير إلى أن السوق الإفريقية ستكون واعدة ومربحة سواء لبلدانها أو لشركائها من آسيا وأمريكا.

سبتمبر 11, 2025 - 15:33
 0
عقود تجارية وصفقات كبيرة تزيد من طموحات الأفارقة:  القارة السمراء ..عهد اقتصادي جديد
تحاليل الجمهورية:
لم تكن التظاهرة الاقتصادية التي جمعت المتعاملين ورجال الأعمال الأفارقة بالجزائر منذ الرابع سبتمبر الجاري مجرد معرض للمنتجات أو استعراض للخدمات بل كانت جسر تواصل حقيقي بين المؤسسات الاقتصادية وكبار المسؤولين بالقارة الإفريقية. فالطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية هي بالفعل منصة استراتيجية لبناء نظام مالي تكاملي وإعادة صياغة معادلات الاندماج الاقتصادي وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية حتى تنسجم مع الأهداف التنموية التي تصبو بلدان القارة لتحقيقها في آفاق 2063. والأمر الإيجابي في نسخة الجزائر هو حضور كافة الدول الإفريقية والجميع تدخلوا في المحور الاقتصادي وأكدوا على وجوب اعتمادهم في المناهج والبرامج التنموية على المبادلات التجارية البينية وتطوير اقتصاد الكتلة الإفريقية، لأنه لايزال ضعيفا جدّا "15 بالمائة" مقارنة بالاقتصاد البيني الأوروبي "60 بالمائة". ومن الأهداف التي رسمتها البلدان الإفريقية خلال هذا المعرض هو رفع قيمة المبادلات التجارية الإفريقية إلى حوالي 30 بالمائة في سنة 2030 ما سيضيف للناتج القاري السنوي ما قيمته 70 مليار دولار، علما أنه حاليا الوزن المالي للقارة في البنك العالمي لا يمثل سوى 3 بالمائة أي حوالي 200 مليار دولار. وهذا الضعف يعود بالدرجة الأولى إلى محدودية مبادلاتها التجارية من جهة وهيمنة دول أوروبية على مقدرات 14 دول إفريقية. ومكّنت هذه النسخة من رفع الحواجز التي أعاقت تطوير المعاملات التجارية ووضع استراتيجية اقتصادية واضحة الأبعاد والأهداف ترتكز بالدرجة الأولى على تقوية الكتلة الإفريقية أكثر، وهذا بالاعتماد على تلاقي المزايا الاقتصادية لعديد الدول كالجزائر ونيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا، وبذلك يمكن بناء سلسلة اقتصادية وتجارية في قطاعات مختلفة كالزراعة والصناعة والمناجم لتدفع بإفريقيا نحو الاندماج والتكامل البيني. إن تطوير هذا النوع من التجارة لم يعد خيارا بل حتمية في ظل ما تشهده الأسواق العالمية من صراعات اقتصادية وفرض الولايات المتحدة الأمريكية لرسوم جمركية مرتفعة جدّا تصل إلى 50 بالمائة على دول إفريقية كغيرها من دول العالم، أضف إلى ذلك الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالاتحاد الأوروبي. [ آفاق شراكة واعدة ] لقد ساهمت الطبعة الرابعة لهذا المعرض في زيادة حماس الأفارقة لتطوير التجارة فيما بينهم بفضل قيادة الجزائر رفقة دول عديدة لهذا المشروع التنموي الواعد، وتساهم الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة في تحقيق هذا الهدف خاصة بعدما تخلصت عدّة بلدان إفريقية من الهيمنة الفرنسية، فالفرصة أصبحت سانحة والمؤهلات الاقتصادية والتجارية موجودة لإعادة بناء نظام تجاري بيني قوي بالقارة السمراء وفق قاعدة "رابح رابح" ، بوجود استثمارات في البنى التحتية بين الجزائر وموريتانيا وتونس ومالي. وما يعزز هذا المشروع ويرفع من حظوظه هو النمو المعتبر للناتج الإفريقي السنوي خلال الخمس سنوات الأخيرة حتى وإن كان بسيطا، فهناك عدّة دول ساهمت في هذا النمو الإيجابي مثل الجزائر التي طبّقت إصلاحات اقتصادية كبرى ساهمت في رفع نسبة النمو بتثمين الإنتاج الوطني وترشيد الواردات ، فأصبحت منتجاتها تحظى بالأفضلية والتنافسية في السوق الإفريقية بفضل قيمتها المنخفضة مقارنة بالسلع الأوروبية، ودعم الدولة لوسائل الإنتاج المباشرة وغير المباشرة وأيضا الإعفاءات الضريبية والجمركية لفائدة المصدرين وأيضا التنافسية من حيث الجودة وسلامة المنتوجات ومطابقتها لمعايير الصحة والنوعية العالمية. لقد كان المعرض حافلا بالمعاملات التجارية البينية والعقود الكبيرة التي وقعت عليها الجزائر ودول إفريقية كثيرة، وهذا يُظهر النوايا الحقيقية لزيادة وزن إفريقيا ماليا في التجارة العالمية، فآفاق الشراكة بين هذه البلدان وخاصة الجزائر خارج قطاع الطاقة كبيرة ومتعددة في الصناعة بأنواعها والبناء والنقل والأشغال العمومية والصيد البحري والزراعة وحتى المنتجات التكنولوجية والرقمية، وبالتالي سيساهم الاندماج الإفريقي في جلب استثمارات وعقود شراكة أكبر من دول العالم وبالأخص روسيا والصين والولايات المتحدة الإفريقية التي تتنافس اليوم على التوغل باقتصادها ومشاريعها في إفريقيا. فكل التنبؤات الاقتصادية تشير إلى أن السوق الإفريقية ستكون واعدة ومربحة سواء لبلدانها أو لشركائها من آسيا وأمريكا.
عقود تجارية وصفقات كبيرة تزيد من طموحات الأفارقة:  القارة السمراء ..عهد اقتصادي جديد