في لقاء استثنائي نظمته شعبة العاصمة لجمعية العلماء…: الدكتور الطيب برغوث يحاضر بنادي الترقي حول أسرار الفعالية عند النخبة الإصلاحية..

البصائر: عبد الغني بلاش/ في مشهد أعاد الذاكرة إلى الزمن الذهبي للوعي والفكر، احتضن نادي الترقي بساحة الشهداء مساء الجمعة 22 محرم 1447هـ الموافق لـ 18 جويلية 2025، محاضرة فكرية استثنائية نظمها فرع العاصمة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تحت عنوان: «أسرار الفعالية الاستثنائية لدى نخبة جمعية العلماء التاريخية: رسالة للراغبين في المجد التربوي والحضاري»، قدّمها …

يوليو 21, 2025 - 13:32
 0
في لقاء استثنائي نظمته شعبة العاصمة لجمعية العلماء…: الدكتور الطيب برغوث يحاضر بنادي الترقي حول  أسرار الفعالية عند النخبة الإصلاحية..

البصائر: عبد الغني بلاش/

في مشهد أعاد الذاكرة إلى الزمن الذهبي للوعي والفكر، احتضن نادي الترقي بساحة الشهداء مساء الجمعة 22 محرم 1447هـ الموافق لـ 18 جويلية 2025، محاضرة فكرية استثنائية نظمها فرع العاصمة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تحت عنوان: «أسرار الفعالية الاستثنائية لدى نخبة جمعية العلماء التاريخية: رسالة للراغبين في المجد التربوي والحضاري»،
قدّمها المفكر الجزائري الدكتور الطيب برغوث، وسط حضور نوعي تقدّمه رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأستاذ الدكتور عبد الحليم قابة، وأعضاء من المكتب الوطني، إلى جانب رئيس وأعضاء شعبة العاصمة، ونخبة من المثقفين والأساتذة والإعلاميين من الجنسين.

رسالة جمعية العلماء: من التربية إلى النهضة الحضارية
في مداخلته العميقة، شدد الدكتور برغوث على أن سرّ فعالية جمعية العلماء في تاريخها النضالي والتربوي، يكمن في وضوح رسالتها، ووعي نخبتها بأن النهضة الحضارية ليست ترفًا فكريًا بل ضرورة وجودية، مؤكدا أن المشروع الإصلاحي للجمعية كان يتمحور حول هدف جوهري هو:
«أن يعيش المجتمع الجزائري كرامته الحقيقية، واستقلاله الحقيقي، وسعادته الحقيقية، ويشع ببركاته على محيطه، ويحصّن وجوده الحضاري.»
وأضاف بأن الأمة لا تنهض إلا إذا جعلت هذه القضية في صدارة وعيها الفردي والجماعي، متسائلًا: «هل جعلنا النهضة الحضارية أولوية في منظومتنا التربوية، والإعلامية، والسياسية، والاجتماعية؟ أم أننا زاحمناها بانشغالات جزئية وقضايا هامشية، غيّبت عنا الوعي بالاتجاه؟»
وفي سياق تحليله لواقع الأمة، شدد المحاضر على أن الفعالية التي ميّزت جيل الرواد ليست مرتبطة بعدد أو موارد، بل بوضوح الرسالة، والصدق في حملها، مشيرًا إلى أن جمعية العلماء قدّمت نموذجًا استثنائيًا لذلك، يستحق الاستلهام في الحاضر لا مجرد الإعجاب في الماضي.

عن النجاح ومعاييره بين الدنيا والآخرة
توقف الدكتور برغوث عند مفهوم «النجاح»، وبيّن خطورته حين يتم اختزاله في المكاسب المادية والوجاهة الاجتماعية فقط، موضحًا أن الفهم الإسلامي العميق للنجاح لا يفصل بين الدنيا والآخرة، حيث قال: «النجاح الحقيقي هو ما جمع بين فلاح الدنيا وفلاح الآخرة. أما النجاح الذي يضر بالرسالة، أو يخدش أخلاق الإنسان ومجتمعه، فهو فشل مهما بدا لامعًا.»
واعتبر أن الهيمنة المادية على مفهوم النجاح في المجتمع تُنتج أفرادًا ناجحين ظاهريًا، لكنهم مفلسون من حيث القيمة، وهذا ما يدعو لإعادة بناء المفاهيم في التربية والإعلام، ووضع البوصلة في الاتجاه الصحيح.

استدعاء التاريخ لتغذية الحاضر
في جزء مؤثر من محاضرته، تطرّق الدكتور برغوث إلى الملتقى الوطني الأخير الذي تناول دور جمعية العلماء في الحركة الوطنية والثورة التحريرية، وأكّد أن ما سمعه من شهادات حيّة ودقيقة حول دور الجمعية ومواقفها، أثّر فيه بعمق، رغم علاقته الطويلة بتاريخها، قائلاً: «لقد كانت جمعية العلماء مثالًا نادرًا على فعالية النخبة القليلة، التي رفعت الوطن من الحضيض إلى الكرامة. وتاريخها ليس ملكًا لأعضائها فقط، بل هو إرث وطني جامع، علينا أن ندرسه بوعي، ونستلهمه بذكاء، لا أن نقدسه أو نمجده فقط.»
كما ثمّن الجهد الوطني المشترك الذي خاضته مختلف القوى الوطنية، دون أن يُنقص من حق أي طرف أو جهة، مؤكدًا أن الجمعية كانت من بين المساهمين الفاعلين في صناعة الوعي الوطني الذي قاد إلى التحرير.

دعوة إلى تجديد الرسالة وتوسيع الفعالية
لقى اللقاء تفاعلاً حيًا من الحضور، رجالًا ونساءً، وامتلأت القاعة بأسئلة ومداخلات عكست وعيًا حقيقيًا بحاجة المجتمع إلى مثل هذه الفضاءات الفكرية. وأكد العديد من المشاركين أهمية تعميم هذه اللقاءات لتكون منبرًا لصناعة الأفكار والمواقف، لا مجرد مناسبات شكلية.