قانون المالية 2026.. إجراءات اجتماعية وحلول اقتصادية في مواجهة العجز المتزايد
تدخل الجزائر بقانون المالية 2026، تعيد من خلالها رسم معادلة التوازن بين الطموح الاقتصادي والقدرة التمويلية في ظل بيئة عالمية مضطربة تشهد تقلبات حادة في أسعار النفط وتباطؤا في النمو العالمي، فبحسب مشروع قانون المالية الجديد، تتوقع الحكومة الجزائرية تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 2% خلال العام المقبل، لتتواصل هذه الوتيرة الانحدارية تدريجيا في أفق 2028، […] The post قانون المالية 2026.. إجراءات اجتماعية وحلول اقتصادية في مواجهة العجز المتزايد appeared first on الجزائر الجديدة.

تدخل الجزائر بقانون المالية 2026، تعيد من خلالها رسم معادلة التوازن بين الطموح الاقتصادي والقدرة التمويلية في ظل بيئة عالمية مضطربة تشهد تقلبات حادة في أسعار النفط وتباطؤا في النمو العالمي، فبحسب مشروع قانون المالية الجديد، تتوقع الحكومة الجزائرية تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 2% خلال العام المقبل، لتتواصل هذه الوتيرة الانحدارية تدريجيا في أفق 2028، في إطار رؤية مالية تحوّطية تراعي استقرار الاقتصاد الكلي وتقلّل من هشاشته تجاه تقلبات السوق الدولية.
في هذا الصدد، قدم الخبير الاقتصادي سليمان ناصر، في قراءة تحليلية تقييما لمشروع قانون المالية لعام 2026، مشيرا إلى مجموعة من التدابير التي تضمّنها المشروع والتي تهدف إلى دعم المواطنين والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه الجزائر.
أولى النقاط التي لفتت انتباه الخبير في قراءته تحليلية، تتعلق بالإعفاء من رسم نقل الملكية عند شراء سكنات مخصصة للاستعمال السكني، سواء في إطار الترقية العقارية أو من خلال صيغ التمويل الإسلامي مثل المرابحة والإجارة المنتهية بالتمليك. يعتبر هذا الإجراء جزءاً من الجهود المستمرة من قبل الحكومة لمساعدة المواطنين على امتلاك السكن، وهو ما يعكس التزام الدولة بتسهيل الحصول على السكن وتشجيع الاستخدام الواسع للتمويل الإسلامي.
كما تم رفع رسم استهلاك الوقود على السيارات السياحية عند مغادرة الحدود الوطنية، حيث قُدّر بـ1000 دج للخروج الأول، و5000 دج للخرجة الثانية، و10000 دج للثالثة، و25000 دج في حال الخروج لأربع مرات أو أكثر. يهدف هذا الإجراء إلى الحد من تهريب الوقود، الذي يسبب خسائر كبيرة للاقتصاد الوطني، ويعكس رغبة الحكومة في تقليص هذا الظاهرة التي تستنزف الموارد المدعمة.
وأشار الخبير إلى إعفاء العوائد الناتجة عن التنازل عن الصكوك السيادية من الضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات، لمدة خمس سنوات اعتباراً من 1 جانفي 2025. يُعد هذا القرار خطوة هامة لتشجيع تداول الصكوك السيادية وتعزيز سوق التمويل الإسلامي في الجزائر. كما تم توسيع صلاحيات الخزينة العمومية في إصدار هذه الصكوك، وهو ما يعزز من استخدام أدوات مالية جديدة للتمويل العام.
رصد الخبير أيضا تمديد الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة إلى نهاية عام 2026 على عدد من المنتجات الأساسية مثل البقول الجافة والأرز، فضلاً عن بعض المنتجات المحلية مثل الخضر والفواكه وبيض الاستهلاك والدواجن، وهي إجراءات تهدف إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية.
على صعيد آخر، أقرّ المشروع استمرار العمل بالمعدل المخفض للضرائب الجمركية بنسبة 5% على استيراد الأبقار والأغنام واللحوم الطازجة، وكذلك على القهوة، حتى نهاية 2026. واعتبر الخبير الاقتصادي أن هذا الإجراء يُعد ضروريًا لضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن في مواجهة تقلبات السوق.
أما فيما يتعلق بالمقاول الذاتي الذي يمارس الاستيراد المصغر، فقد نص المشروع على استفادته من نظام ضريبي تفضيلي يشمل معدلاً جمركياً مخفّضاً بنسبة 5%، وإعفاء من ضريبة القيمة المضافة، مع فرض ضريبة جزافية بنسبة 0.5% على كل عملية استيراد. يُعد هذا الإجراء دعماً مباشرًا للمشاريع الصغيرة والنشيطة اقتصاديًا، ويشجع على تطوير القطاع غير الرسمي.
ولم يغفل الخبير عن التعديلات المثيرة في مجال السياسة النقدية، حيث تم رفع سقف اقتراض الخزينة العمومية من البنك المركزي من 10% إلى 20% من الموارد الميزانياتية، كما تم تمديد فترة الاقتراض من 240 يوماً إلى سنة قابلة للتمديد، ويُعد هذا التعديل، بحسب ناصر، مؤشراً مقلقاً للعودة التدريجية إلى التمويل غير التقليدي، وهو أمر قد يزيد من ضغط الدين العام ويؤثر على استقرار النظام المالي.
أشار الخبير الاقتصادي كذلك إلى قرار تكفل الخزينة العمومية بنسبة 100% من معدل الفائدة أو هامش الربح للقروض العقارية الممنوحة للموظفين المزاولين لوظائف محددة، وبينما يهدف هذا الإجراء إلى تسهيل حصول الموظفين على سكن، إلا أنه أشار إلى غياب توضيحات حول الفئات المستهدفة من هذا الدعم، مما يستدعي إصدار تنظيم إضافي لتحديد ذلك.
على مستوى الأرقام، توقّع المشروع إيرادات تقدر بـ 8009 مليار دج، في حين بلغت النفقات 17636.66 مليار دج، مما يشير إلى عجز كبير في الميزانية بلغ حوالي 9627.66 مليار دج، وهو ما يمثل أكثر من 54% من حجم الموازنة، ما يعكس تزايداً مستمراً في العجز المالي، في ظل ضعف الموارد غير النفطية وتزايد الدين الداخلي.
كما تم تخصيص حوالي 5959.8 مليار دج للتحويلات الاجتماعية، أي ما يعادل 34% من الموازنة العامة، في تأكيد على التزام الدولة بمواصلة دعم الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، رغم العجز المالي الكبير الذي تواجهه البلاد.
وفيما يخص التوقعات الاقتصادية، حافظ المشروع على السعر المرجعي للنفط عند 60 دولاراً للبرميل، مع تقدير سعر السوق عند 70 دولاراً، وطرح معدلاً للنمو المتوقع لعام 2026 بنسبة 4.1%.
وخلص الخبير سليمان ناصر في ختام تحليه إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يعكس توازناً بين الدعم الاجتماعي والمخاوف المالية، لكنه يثير العديد من التساؤلات حول قدرة الدولة على معالجة العجز المتزايد ومواجهة الضغوط الاقتصادية المستقبلية.
فهيمة. ب
The post قانون المالية 2026.. إجراءات اجتماعية وحلول اقتصادية في مواجهة العجز المتزايد appeared first on الجزائر الجديدة.