لهذه الأسباب غادرت “فاغنر” الروسية مالي
أعلنت ميليشيات مرتزقة “فاغنر” الروسية، انسحابها من الأراضي المالية بعد قرابة 4 سنوات قضتها في لعب دور مشبوه في منطقة الساحل، معوضةً الجيش الفرنسي الذي انسحب من باماكو على وقع ضغوطات، وزعمت أن قرار المغادرة جاء بعد “انتهاء المهمة”. وذكرت “فاغنر” عبر قناتها في “تليغرام” أنها “أعادت جميع المراكز الإقليمية في البلاد إلى سيطرة المجلس […] The post لهذه الأسباب غادرت “فاغنر” الروسية مالي appeared first on الجزائر الجديدة.

أعلنت ميليشيات مرتزقة “فاغنر” الروسية، انسحابها من الأراضي المالية بعد قرابة 4 سنوات قضتها في لعب دور مشبوه في منطقة الساحل، معوضةً الجيش الفرنسي الذي انسحب من باماكو على وقع ضغوطات، وزعمت أن قرار المغادرة جاء بعد “انتهاء المهمة”.
وذكرت “فاغنر” عبر قناتها في “تليغرام” أنها “أعادت جميع المراكز الإقليمية في البلاد إلى سيطرة المجلس العسكري المالي، وطردت القوات المتشددة، وقتلت قادتها، في حين تشير عدة تقارير أوروبية، إلى أن مالي دخلت في مفاوضات عسيرة مع موسكو لإبقاء “فاغنر” على أراضيها، غير أن روسيا رفضت وأصرت على إنهاء مهمة المرتزقة، في خضم تداول أنباء عن أزمة عميقة في المجلس العسكري، دفعت البعض إلى التنبؤ بقرب سقوط حكم الانقلابيين بقيادة أسيمي غويتا. كما يأتي هذا الإعلان في أعقاب سلسلة من الهجمات شنتها قوات الأزوارد في الأسابيع القليلة الماضية، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 جندي مالي، بالإضافة إلى سقوط عشرات المرتزقة الروس من هذه المجموعة.
والجدير بالذكر، إن مجموعة “فاغنر” الروسية موجودة في مالي منذ انسحاب القوات الفرنسية والقوات الأممية، بعد الاستيلاء على السلطة في انقلابين عسكريين خلال عامي 2020 و2021، واستبدلها بمرتزقة روس. ومع ذلك، فإن انسحاب “فاغنر” من مالي لا يعني أن البلد الواقع في غرب أفريقيا سيكون بدون مقاتلين روس، إذ لا يزال “الفيلق الأفريقي” في مالي تحت إمرة وتوجيهات القيادة العسكرية الروسية. ولكن، بهذا الانسحاب، تكون الشركة الروسية قد خسرت عقدها “المربح” مع المجلس العسكري المالي، وامتيازاتها في منجم الذهب “نتاهاكا”، وهو أكبر موقع لاستخراج الذهب الحرفي في شمال مالي هيمن عليه أفراد “فاغنر” في فيفري 2024.
وقال رئيس برنامج الساحل في مؤسسة “كونراد أديناور” الألمانية أولف ليسينغ، لـ”رويترز”، إن روسيا تسعى لإنهاء انتشار “فاغنر” في مالي واستبدالها بفيلق أفريقيا، مبرزًا إلى أن “تولي فيلق إفريقيا المهمة يعني استمرار التدخل العسكري الروسي في مالي، لكن التركيز قد يتحول أكثر نحو التدريب وتوفير المعدات، وبدرجة أقل خوض معارك قتالية”.
هل دفعت الجزائر “فاغنر” إلى مغادرة مالي؟
يرى مراقبون أن الجزائر، بموقفها المبدئي الرافض للانقلابات والميليشيات، نجحت في فرض منطق الشرعية والسيادة الوطنية ضمن مقاربة شاملة لحلحلة الأزمة في الساحل الإفريقي، وإبعاد الميليشيات والمرتزقة الأجانب من هذه المنطقة المحاذية لها، خاصة في ظل الانهيار الأمني والتدهور الاقتصادي الذي تعيشه مالي منذ انقلاب 2021.
وتشير التقارير إلى أن اتفاقاً عسكرياً عقدته الجزائر مع القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا كان حاسماً في إنهاء وجود مجموعات “فاغنر” الروسية في مالي، وفق ما ذكره موقع “مينا ديفونس” المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية، مشيرًا إلى أن “الجزائر بعثت برسائل قوية إلى روسيا، عندما وقعت اتفاقاً عسكرياً مع واشنطن، في 22 جانفي الماضي، خلال زيارة قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” مايكل لانغلي الجزائر؛ حيث التقى رئيس أركان جيشها الفريق سعيد شنقريحة”.
وجاء في فحوى التقرير الذي تناول خلفيات انسحاب عناصر مجموعة “فاغنر” الروسية من مالي، أن “الاتفاق شكّل تحولاً استراتيجياً في ميزان العلاقات بالمنطقة، وعدَّه من أسباب إنهاء مهمة الشراكة العسكرية الروسية الخاصة في مالي، علماً بأن عناصرها ما زالوا حتى الآن ينشطون في أراضي الجار النيجر. ومن أهداف هذا الاتفاق دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصاً في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، من خلال عدة محاور، منها تبادل المعلومات الاستخباراتية لتطوير عمليات تعقّب تحركات الجماعات المسلحة والشبكات الإرهابية، وتنظيم تدريبات عسكرية مشتركة لتعزيز التنسيق والجاهزية العملياتية بين الجيشين الجزائري والأمريكي. كما يتضمن برامج تدريب متخصصة تهدف إلى تطوير بعض القدرات العسكرية الجزائرية، لا سيما في مجالات الاستطلاع، ومكافحة التهديدات غير التقليدية.
وربط مراقبون الإتفاق بتزايد التوترات في الساحل الأفريقي، وتوسع نفوذ روسيا من خلال مجموعة “فاغنر”، لا سيما في مالي، موضحين أن الجزائر تسعى من خلال هذا الاتفاق إلى تقوية قدراتها الدفاعية، مع الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي والعسكري. من جهتها، ترى واشنطن في الجزائر شريكاً محورياً لمواجهة تنامي النفوذ الروسي، والحد من تقارب بعض الأنظمة العسكرية الانقلابية في منطقة الساحل مع موسكو، وهذا من أبرز أهداف الاتفاق من جانب أمريكي، وفق تحليلات هؤلاء.
ويمثل انسحاب المرتزقة الروس التي استدعاها الانقلابيون في مالي سنة 2021، ضربة موجعة لباماكو، لا سيما وأن الجماعات المسلحة أحكمت سيطرتها على مناطق عدة في الجارة الجنوبية، وسط ضعف كبير لجيش الحكومة الانقلابية في التحكم في الأوضاع.
وفي خطوة دبلوماسية لافتة تخصّ “قضية فاغنر”، فتحت الجزائر رسمياً ملف وجود المجموعة الروسية عند حدودها الجنوبية، خلال اجتماع بين وزير الخارجية، أحمد عطاف ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في 20 فيفري، بجوهانسبورغ، على هامش الاجتماع الوزاري لـ”مجموعة الـ20”. وصرَّح عطاف خلال مؤتمر صحافي بعد هذا الاجتماع، أن “الجزائر بلَّغت الجانب الروسي قلقها من نشاط “فاغنر” في المنطقة، خصوصاً في أراضي الجارين مالي والنيجر.
إلى جانب ذلك، يشير تقرير “مينا ديفونس” كذلك، إلى وجود أسباب أخرى دفعت “فاغنر” إلى الانسحاب من مالي، ولعلّ أبرزها الهجوم العسكري الذي شنه الجيش المالي مع الميليشيات الروسية في 25 جويلية 2024 على بلدة تينزواتين الحدودية مع الجزائر، لكنه واجه مقاومة عنيفة من القوات الأزوادية، ما أسفر عن خسائر فادحة تمثلت في مقتل 84 من “فاغنر” و47 جندياً مالياً، وتدمير معدات عسكرية بينها مروحية، وعُدّت هذه المعركة أسوأ هزيمة لـ”فاغنر” في أفريقيا”. كما أضاف أن بعد فشل هذا الهجوم، شنّ تحالف “فاغنر” والجيش المالي محاولة جديدة في أكتوبر 2024، لكن الجزائر تدخلت بحزم، عبر رصد دقيق بري وجوي وحتى فضائي للعملية العسكرية، وأبلغت موسكو رفضها التام للتصعيد، وقد اضطرت قيادة الحملة العسكرية إلى التراجع دون إطلاق رصاصة واحدة”. وتابع التقرير بالقول أن “الجزائر “نجحت عبر تحرك دبلوماسي منسق، وضغط ميداني محسوب، في إنهاء وجود الميليشيات على حدودها الجنوبية، وهي خطوة حاسمة لإعادة التوازن إلى الساحل”. عبدو.ح
The post لهذه الأسباب غادرت “فاغنر” الروسية مالي appeared first on الجزائر الجديدة.