ما خلفيات منْع وفد برلماني أوروبي من زيارة الصحراء الغربية؟
في أواخر فبراير الماضي، منع المغرب، بوقاحة وتحدٍ، وفدا من البرلمانيين الأوروبيين من زيارة المدن المحتلة للصحراء الغربية، وتناول الإعلام العالمي القضية لكن بدون تفاصيل وبدون معرفة الخلفيات الحقيقية لذلك الفعل. منذ قررت إسبانيا وفرنسا دعم أطروحة المغرب-الحكم الذاتي-في الصحراء الغربية، ارتكب الاتحاد الأوروبي، بتأثير وضغط من فرنسا وإسبانيا، أخطاء كثيرة لا تغتفر في حق […] The post ما خلفيات منْع وفد برلماني أوروبي من زيارة الصحراء الغربية؟ appeared first on الشروق أونلاين.


في أواخر فبراير الماضي، منع المغرب، بوقاحة وتحدٍ، وفدا من البرلمانيين الأوروبيين من زيارة المدن المحتلة للصحراء الغربية، وتناول الإعلام العالمي القضية لكن بدون تفاصيل وبدون معرفة الخلفيات الحقيقية لذلك الفعل.
منذ قررت إسبانيا وفرنسا دعم أطروحة المغرب-الحكم الذاتي-في الصحراء الغربية، ارتكب الاتحاد الأوروبي، بتأثير وضغط من فرنسا وإسبانيا، أخطاء كثيرة لا تغتفر في حق قوانينه ومبادئه، وانحاز، في الكواليس، إلى المغرب وحاول، أكثر من مرة، أن يجهض الانتصارات القانونية التي حققها الشعب الصحراوي في المحافل الدولية. تقول الصحفية المختصة في شؤون الاتحاد الأوروبي، ايرين كاسترو، في مقال نشرته في جريدةEl Diario الإسبانية بتاريخ 2 ماي2025م، “لقد قرر الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة أن يتجاهل ما يحدث في المغرب، كما أن مثلث مدريد، باريس وبروكسل يتحالف بشكل متزايد مع جاره غير المريح-المغرب-، والذي يحتاج إليه الاتحاد الأوروبي للسيطرة على تدفقات الهجرة، أحد هواجس الحكومات الأوروبية. وهكذا، فإن إغراق الرباط بملايين الدولارات (كمساعدات)، سيساعد على انتهاك حقوق الشعب الصحراوي”.
فمن بين الفضائح التي قام بها الاتحاد الأوروبي محاولته القفز على قرار المحكمة الأوروبية العليا التي أبطلت، في أكتوبر 2024م، أي اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي يشمل أي مجال له علاقة بالصحراء الغربية، سواء تعلق الأمر بالتجارة أو الصيد البحري أو المنتوجات الزراعية أو الثروات المعدنية. حتى يُطمئن المغرب أن قرار المحكمة لن يكون ذا أهمية، أصدر الاتحاد الأوروبي تصريحا يقول فيه، حسب جريدة El Diario المذكورة أعلاه: “يؤكد الاتحاد الأوروبي على القيمة الكبيرة التي يوليها لشراكته الطويلة الأمد والواسعة والعميقة مع المغرب. ويتواصل الاتحاد الأوروبي بشكل وثيق مع نظرائه المغاربة لمناقشة أفضل السبل للمضي قُدما معا (في التعاون) للقفز على الأحكام (التي ألغت الاتفاقيات مع المغرب)”. التفسير الوحيد الذي أعطِي لهذا التصريح الفج، هو أن الاتحاد الأوروبي سيحاول القفز على قرار المحكمة، أو يحاول أن يجد طريقة للالتفاف عليه والتلاعب به. ولم يكتف الاتحاد الأوروبي فقط بمحاولة تمييع قرار المحكمة، لكن أراد إجهاض أي نشاط له علاقة بذلك القرار، كما لم يتردد مجلس الاتحاد الأوربي، أيضًا، في إخفاء موقفه بشأن حكم المحكمة الأوروبية. فرغم أن القانون يرغمه أن ينشر محتوى حكم المحكمة وقراراتها، إلا أنه تلكأ أكثر من اللازم حين تعلق الأمر بقرار له علاقة بالصحراء الغربية، وحين فعل ذلك في 11 نوفمبر 2024م، أصدرت هيئته القانونية مذكرة إعلامية لاطلاع الدول الأعضاء على الأحكام المتعلقة بالاتفاقيات مع المغرب. كان من المفروض أن تشمل المذكرة التوصية الملزمة الخاصة بالعواقب القانونية في حالة الإخلال بعدم تطبيق حكم المحكمة، والتي تقول-التوصية- “يلتزم المجلس باتخاذ التدابير اللازمة للامتثال لأحكام محكمة العدل الأوروبية”. هذه النقطة المهمة تم حذفها من المذكرة بتعسف وبطريقة أساءت كثيرا لهذا الاتحاد الذي ظل يتغنى بالقانون وباحترامه وبالديمقراطية. في الكواليس، لعبت فرنسا وإسبانيا ومركزية الاتحاد الاوروبي في بروكسل دورا كبيرا في محاولة التعتيم على قرار المحكمة الأوروبية وإجهاضه، وحاولوا إيجاد ثغرة فيه ليوقعوا اتفاقيات جديدة مع المغرب على حساب القانون الواضح وعلى حساب مصالح الشعب الصحراوي.
في محاولة موازية لكبح نوايا الاتحاد الأوروبي القفز على محتوى أحكام قرار المحكمة المذكور، قام وفد من البرلمانيين الأوروبيين الغاضبين من تصرف الاتحاد الأوروبي، يتكون من ليمستروم آنا كاتي وخوسي انتيرو سارامو عضوي الحزب الفلندي “تحالف اليسار”، وسيرا سانشيز إيزابيل عن حزب “بوديموس” الإسباني، بالإضافة إلى كاتارينا مارتينز” عن الحزب الاشتراكي البرتغالي “كتلة اليسار” وثلاثة مساعدين لهم، بمبادرة مشجعة لتطبيق القانون، ومحاولة زيارة الأراضي الصحراوية المحتلة للوقوف على مدى تطبيق قرار المحكمة الأوروبية. يقول أعضاء الوفد في تصريح نشرته جريدة infobea بتاريخ 25 فبراير 2025م: “كانت مهمتنا هي معرفة ما إذا كان يتم الالتزام بحكم محكمة العدل الأوروبية، الذي يلغي الاتفاقيات المغربية مع الاتحاد الأوروبي التي تنتهك القانون الدولي، وكذلك الاجتماع مع المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان، وتدين نهب الموارد من قبل المغرب ضد الشعب الصحراوي، وكذلك إدانة الاحتلال غير الشرعي”.
لكن هؤلاء البرلمانيون، رغم أن القانون الأوروبي، يجيز لهم متابعة تنفيذ قرارات المحاكم الأوروبية، تعرضوا، من جهة، للمعاملة السيئة وللتعنيف من طرف السلطات المغربية، ومُنعوا من زيارة المدن الصحراوية المحتلة، وتم ترحيلهم، من المطار مباشرة، إلى جزر كناريا، ومن جهة أخرى، قوبلوا بالصمت والتجاهل من طرف مركزية الاتحاد الأوروبي. كان من البديهي، في هذه الحالة، أن يتجند الاتحاد الأوروبي، ويدافع عن ممثليه، ويوبخ المغرب، لكنه لم يحرك ساكنا ولم ينطق بكلمة؛ أكثر من ذلك، تجاهل التنديد بالمعاملة السيئة التي تعرضوا لها من طرف الشرطة المغربية رغم حصانتهم البرلمانية. حين لم يتحرك الاتحاد لرد الاعتبار لهؤلاء، كتبوا-البرلمانيون المُرحلون-عدة رسائل إلى رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، وإلى الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، وإلى ورئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، نددوا فيها بـانتهاك حقوقهم كأعضاء في البرلمان الأوروبي، وطالبوا، حسب جريدة El Diario، باتخاذ تدابير عاجلة، وقالوا إنه: “على السلطات الأوروبية والدول الأعضاء الالتزام بضمان حقوق البرلمانيين، وتجنب أي نوع من العراقيل التي تعيق عملهم البرلماني. ومن هذا المنطلق، من المثير للقلق أن زيارتنا لم تُمنع فحسب، بل إن هذه الممارسة القمعية من جانب المغرب تكررت مع مراقبين دوليين آخرين وصحفيين ونشطاء في الأسابيع الأخيرة”.
دائما، حسب نفس الجريدة، فإن البرلمانيين المذكورين لم يتلقوا أي جواب من الهيئات الأوروبية العلياء التي راسلوها. هذا التصرف غير المسؤول يفسر أن الاتحاد الأوروبي يسمح فقط للبرلمانيين، من كل من فرنسا وإسبانيا، المؤيدين للاحتلال المغربي، من أن يزوروا المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، أما الذين يدافعون عن قانون هذا الاتحاد والقانون الدولي فيتم استبعادهم وتجاهلهم.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post ما خلفيات منْع وفد برلماني أوروبي من زيارة الصحراء الغربية؟ appeared first on الشروق أونلاين.