معسكرُ اعتقال نازي بغطاء إنساني!
بعد فشل “خطة الجنرالات” و”عربات جدعون” و”مؤسسة غزة الخيرية” في إجبار 2.3 مليون فلسطيني على الرَّحيل، تحضّر حكومة الاحتلال خطة رابعة أخطر بكثير على القضية الفلسطينية من الخطط الثلاث السابقة، وتتمثّل في إقامة معسكر اعتقال ضخم في منطقة رفح جنوب غزة، يضمّ عشرات الآلاف من الخيم ويُحشد فيه نحو 600 ألف فلسطيني في مرحلةٍ أولى، […] The post معسكرُ اعتقال نازي بغطاء إنساني! appeared first on الشروق أونلاين.


بعد فشل “خطة الجنرالات” و”عربات جدعون” و”مؤسسة غزة الخيرية” في إجبار 2.3 مليون فلسطيني على الرَّحيل، تحضّر حكومة الاحتلال خطة رابعة أخطر بكثير على القضية الفلسطينية من الخطط الثلاث السابقة، وتتمثّل في إقامة معسكر اعتقال ضخم في منطقة رفح جنوب غزة، يضمّ عشرات الآلاف من الخيم ويُحشد فيه نحو 600 ألف فلسطيني في مرحلةٍ أولى، ثم كل الفلسطينيين لاحقًا، بهدف عزلهم عن حماس كلّيا، ثم إجبارهم على الرحيل إلى الخارج في مرحلة تالية، من خلال حرمانهم من أبسط مقوّمات الحياة في هذا المعسكر، وكذا إغراء كلّ من يقبل الرحيل الأبدي عن غزة بمبلغ 9 آلاف دولار لبدء حياة جديدة في بلد آخر يقبل استقبالهم.
الخطة الجهنّمية الجديدة تبنّاها منذ أيام قليلة رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون المتطرِّفون، وفرضوا على الجيش تطبيقها، رغم اعتراضات قائد الأركان أيال زامير الذي صرخ في وجه نتنياهو قائلا إنه لا يستطيع السّيطرة على مليوني فلسطيني، ويرفض الحكم العسكري لغزّة لما فيه من كلفة بشرية عالية. ومع ذلك، فإنّ الحكومة اليمنية تصرّ على تنفيذ الخطة، كما نفّذت من قبل “خطة الجنرالات” و”عربات جدعون” و”مؤسّسة غزة الخيرية”، لأنّ نتنياهو لا يعترف بالفشل ويريد بأي وسيلة تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيّتهم والهيمنة المطلقة على “الشرق الأوسط الجديد”.
كل الرّدود الدولية إلى حدّ الساعة ترفض هذه الخطة النازية، وتؤكّد أنّ الأمر يتعلّق بمعسكر اعتقال جماعي كبير للسُّكان شبيه بالمعسكرات النازية الألمانية بحقّ اليهود في الحرب العالمية الثانية، بل حتى بعض الرُّدود الصهيونية الداخلية ترفضها ولا تتردّد في تسمية “المدينة الإنسانية” المزعومة باسمها الحقيقي، فهي “معسكر اعتقال” بنظر رئيس حكومتين صهيونيتين سابقتين وهما إيهود أولمرت ويائير لابيد، بل إنّ أولمرت قال إنّ الأمر يتعلّق بـ”تطهير عرقي وتهجير جماعي للفلسطينيين وجريمة حرب”. أمّا الصِّحافيُّ الصهيوني الشهير جدعون ليفي، فينبّه إلى أنّ تجميع 600 ألف فلسطيني في مساحة صغيرة في رفح هو مقدّمة لإبادتهم، ويستدلّ على ذلك بإخلاء هتلر اليهود إلى معسكرات اعتقال نازية شرق أوربا، وكذا إخلاء الأرمن، والآن يتحدّثون عن الإخلاء في جنوب غزة.. لكنّ أكثر ما أثار ذهول جدعون أنّ وزير الدفاع يسرائيل كاتس، صاحب هذه “الفكرة الشيطانية”، كما سمّاها، هو ابنٌ لعائلة ناجية من معسكر اعتقال نازي أقامه هتلر لليهود في بولندا، وقد فقد والداه معظم أفراد عائلتيهما في هذا المعسكر، ما دفع جدعون ليفي إلى التساؤل: ما الذي كان سيقوله والدا كاتس لو بُعثا ورأيا ما يخطّط ابنهما للفلسطينيين؟!
وبرغم كلّ الاعتراضات والاحتجاجات، وتصنيف القانون الدولي الإنساني هذه “المدينة” جريمةَ حربٍ كاملة الأركان، إلا أنّ ذلك لن يمنع الصهاينة من تنفيذها كما نفّذوا كل جرائمهم ومجازرهم طيلة الحرب من دون أي اكتراث بالعالم وقوانينه. وفي ظلّ هذا الوضع القاتم، وانهيار سلطة القانون الدولي وعودة قانون الغاب، وسقوط جميع الأقنعة عن المنافقين والمتواطئين في هذا العالم، والخذلان العربي والإسلامي غير المسبوق في التاريخ والاستسلام الكامل والمهين للإرادة الصهيونية والغربية، لم يبق أمام الفلسطينيين في غزة خيارٌ آخر غير الصمود؛ لقد ثبتوا في أرضهم طيلة 21 شهرا رغم كل المجازر والدَّمار والتجويع والتشريد، ولا مناص لهم الآن من مواصلة الصمود ضدّ كل المخططات ورفض مغادرة أرضهم مهما كانت الظروف والصعوبات، والأمر ذاته ينطبق على المقاومة الباسلة في غزة.. لا مفرّ من صمود الفلسطينيين ومقاومتهم معا، إذا هُزمت المقاومة وقُضي عليها –لا سمح الله- فسيسهُل بعدها تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين، وإذا رحل هؤلاء تحت ضغط قسوة الظروف الحالية وتخلّوا عن المقاومة فلن تستطيع الصمود وحدها في بيئة مكشوفة، لذلك لا مفرّ من ثباتهما معا ومواصلة إفشال مخططات العدوّ حتى يدبّ اليأس تماما في نفسه ويتأكّد من استحالة سحق المقاومة وتهجير الفلسطينيين وينسحب مذموما مدحورا تحت وطأة ارتفاع خسائره. إذا كان سكان غزة يألمون، فإنّ العدوّ يألم أيضا ويفقد جنوده كل يوم في ساحات المعارك بفعل ضربات المقاومة، أو حتى بانتحارهم في ثكناتهم من فرط اليأس والاضطرابات النفسية المتفاقمة بسبب استمرار هذه الحرب الخاسرة.
مهما كانت التّضحيات والآلام والمخططات والمؤامرات، فإنّ ما يقع في الميدان كلّ يوم من ضربات موجعة للعدوّ وصمود أسطوري للفلسطينيين ومقاومتهم، يبشّر بقرب تحقيق النصر بإذن الله.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post معسكرُ اعتقال نازي بغطاء إنساني! appeared first on الشروق أونلاين.