من نشاطات المكتب الوطني ندوة علمية: اتفاقية سيداو وقضايا الأسرة: بين مقتضيات النصوص الدولية وخصوصيات الواقع الجزائري
في إطار عمله في لجنة الأسرة والمرأة والطفولة، نظم المكتب الوطني ندوة علمية افتراضية بعنوان: «اتفاقية سيداو وقضايا الأسرة: بين مقتضيات النصوص الدولية وخصوصيات الواقع الجزائري». وكانت من تأطير ثلة من الأستاذات والأساتذة بمقاربة ذات أبعاد شرعية علمية ثقافية اجتماعية تربوية قانونية.. ومن المحاضرين: ـ الدكتورة ليلى بلخير ـ الدكتورة فضيلة قرين ـ الدكتورة فضيلة …

في إطار عمله في لجنة الأسرة والمرأة والطفولة، نظم المكتب الوطني ندوة علمية افتراضية بعنوان: «اتفاقية سيداو وقضايا الأسرة: بين مقتضيات النصوص الدولية وخصوصيات الواقع الجزائري».
وكانت من تأطير ثلة من الأستاذات والأساتذة بمقاربة ذات أبعاد شرعية علمية ثقافية اجتماعية تربوية قانونية..
ومن المحاضرين:
ـ الدكتورة ليلى بلخير
ـ الدكتورة فضيلة قرين
ـ الدكتورة فضيلة تركي
ـ الأستاذ أحمد قايد نور الدين
الأستاذة العدوية العلمي
وكان ذلك يوم الخميس 28 أوت 2025م تمام التاسعة والنصف مساء 21:30 على تطبيق Google meet.
وكان ذلك جهدا من الجهود التي بذلتها الجمعية في بيان مخاطر اتفاقيات سيداو عموما، وبيانا للمخاطر المحدقة بالأسرة الجزائرية خاصة ،وبالأسرة المسلمة عموما؛ لأن تلك الاتفاقيات تمس أقطار العالم الإسلامي كلها.
وقد نُظمت العديد من الفعاليات الفكرية والثقافية بهذا الخصوص، في عدد من الشعب، كما أنه تم تنظيم أنشطة مسجدية عديدة في هذا الخصوص.
رغبنا في تغطية هذه الندوة بشكل كامل لكن تعذر علينا ذلك، وننشر هنا مداخلة الأستاذة الدكتورة ليلى محمد بلخير.
بداية أتوجه بالشكر للدكتورة فضيلة تركي والأستاذ نور الدين على مناقشتهم القيمة لموضوع رفع التحفظ عن المادة 15بند 4 من اتفاقية سيداو والشكر موصول لأختي الأستاذة العدوية العلمي على حسن إدارتها للندوة. لاريب أن الأسرة مؤسسة كونية موجودة في كل العالم، وهذه الوثيقة بطبيعة الحال لها علاقة بمرجعيات ثقافية مختلفة كل الاختلاف عن خصوصيات مجتمعنا ولهذا يجب أن نفهم جيدا أن رفع التحفظ معناه أن هويتنا في دائرة الاستهداف
حقيقة أن الأسرة في الغرب قد تفككت بشكل مريع بنائيا ووظيفيا، وانتهى بها المطاف آخيرا لتسليع خدمات الأسرة، وطرح وظائفها في السوق الاستهلاكية الواسعة بلا حدود ولا قيود. مثلما جاء في كتاب الحب السائل للكاتب زيجموند باومان عندما طرح إشكالية فقدان التراحم وهشاشة الروابط الأسرية، وانتفاء المعنى من العلاقات، وتراجع الدور المركزي للأسرة كسلطة تنشئة اجتماعية وربط للأواصر، وقيادة للقيم والأخلاق وخاصة مع إبعاد الدين من الحياة الأسرية ومن أخلاق الأسرة ومن الحياة ككل وساهم ذلك في فك الارتباط بين أربعة مكونات للأسرة «الحب (العاطفة)، الجنس (المتعة)، الانجاب (الذرية)، والرعاية (المودة والرحمة)، ثم حولت كل منها إلى سلعة يمكن تسويقها « وهذا ما لخصته لنا الدكتورة هبة رؤوف عزت في مقدمة كتاب الحب السائل وهي تبسط الحديث عن أزمة المشاعر في زمن الصلات العابرة والمؤقتة، وذلك بالدليل أثناء تجوالنا في ديار الغرب، تجد إعلانات وتسهيلات وترويجا لحياة استهلاكية وبلا مسؤوليات، امرأة مؤقتة في أماكن خاصة، ابن جاهز وفوري بلا زواج يشترى من بنوك المني،ومعاملات استئجارالأرحام)، الإجهاض الآمن متوفر جنبا إلى جنب مع خدمات رعاية الاطفال ورعاية المسنين والرعاية الصحية واستشارات تحسين جودة الحياة الجنسية بشكل سلعي مادي مقززومقرف ومثير للشفقة. ولهذا من أهم مآلات تبني ما جاء في الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية سيداو هو السير في ركاب الغرب في هدم وتفكيك الأسرة بما فيها من مضامين عليا وروابط أعراق وأخلاق. لأن مفهوم الأسرة في الإسلام هو ربط أواصرمتينة، تنمي الأعراق من جهة في جانبها البنائي المتماسك المتجذرفي المجتمع. وتنمي الأخلاق في جانبها الوظيفي التراحمي الانساني الراقي.
ومن هنا نفهم لماذا تحرص هذه الاتفاقيات وكل من هم وراءها على تقديم الأسرة على أساس باطل وغير منسجم تماما، فهم يتفننون في عرضها كعلاقة تضاددية عدائية. وساحة قتال ودمار وانهيار للمشاعر والقيم. ما معنى أن تكون متزوجة بزوج في بلد، وتختار سكنا بعيدا عن زوجها الذي تزوجت؟ مامعنى أن يكون لها حرية التنقل والسكن بلا ضوابط؟ أي نوع من الزواج هذا الذي وصلنا إليه؟ ووصل إلينا من فوضى التواصل الافتراضي، وجنون تسليع الإنسان. أي نوع من الزواج هذا الذي وصلنا إليه؟ هل هو زواج عن بعد؟ وأم زواج بالمراسلة؟ هو نمط هجين وغير مستساغ ولو عواقب وخيمة على الأسرة والمجتمع والإنسانية جمعاء.
وأحاول في هذا المقام تلخيص نتائج رفع التحفظ عن المادة 15 بند 4 من اتفاقية سيداو، في نقطتين: (1)إفساد بنية الأسرة ومعناه السماح بتسريب أشكال هجينة ومتعددة، واستفحال الشذوذ، وبالمناسبة الشذوذ حاليا لم يعد مجرد تعبير عن مزاج أو انحراف شخصي، وإنما تحول إلى إيديولوجية تهدف إلى إلغاء ثنائية إنسانية أساسية لعمارة الأرض، ثنائية الذكر والأنثى.
فمشروع الإفساد في بنية الأسرة يمهد لقبول أنماط علاقات مشبوهة ومحرمة مثل المساكنة، زواج السر، والزواج المؤقت …. إلخ .
وأيضا من أهم ملابسات إفساد بنية الأسرة، هو عزوف الشباب عن الزواج نتيجة التنشئة الناعمة، وإبعاد الرجل عن قيادة الأسرة، وتزايد نسب الخلع والطلاق. وإلى جانب العنف والانحرافات وطغيان فوضى الأنساب. وجعل أبناء الزنا في مثل مرتبة الأبناء الشرعيين، يتمتعون بالحقوق كاملة مادية ومعنوية (2 ) إفساد وظيفة الأسرة: ويتمثل في محاولات إفراغ الأسرة من مضمونها الأخلاقي، ودورها الرسالي في التنشئة التربوية، ومهمتها الاجتماعية في المحافظة على التماسك بين الأفراد، التراحم والتآزرالإنساني.
من أهم المظاهر والصور(أ) عطالة الرجال: أو نبذ الرجولة بعد تعطيل القوامة والولاية وطغيان الديوثة العامة، بحيث لا يملك الرجل على ابنته أو اخته أو زوجته شيئا في ظل الحريات المطلقة.
(ب) تسليع الجسد: في ظلّ وسائل التواصل الافتراضي ووهم الانجاز والامتياز بالنسبة للمرأة التي تفتقر لقيمة الحياء. وهذا مانراه في الواقع والمواقع، والتجارة بالفضائح وكشف الأسرار، وتعرية الجسد من أجل المال والشهرة ووهم السيطرة والنفوذ.
(ج) طغيان الوحشية: تحولت الأنثى وصارت وحشا ومسخا لا يشبه الرجل ولا يشبه المرأة، يقال هذا زمان النساء ومكان النساء ولكن في الحقيقة أتعس مرحلة عرفتها المرأة، زمن التزييف والتشوهات والأوهام، وفقدان الهوية الانسانية بفقدان التراحم والتعاطف والدفء الأسري والمشاعر الفياضة للحياة البشرية.
وفي الأخير
يجب أن نكون على وعي كبير بخطر الفكر النسوي الغربي ومشاريعه الهدامة، المتمثلة في فرض الاتفاقيات والمواثيق على كامل الديار العربية الاسلامية، لضرب آخر المعاقل الدفاعية عن الإيمان والقرآن (الأسرة).
ومن أجل النهوض بمشاريع الإصلاح، لابد من حسن الاستثمار في البناء الأسري الرسالي من خلال نشرثقافة أصيلة متميزة نابعة من فهم لمنهج الرسول -صلى الله عليه وسلم – في تعزيز مقومات الأسرة من أجل حركة المجتمع والاستخلاف الحضاري.
التحرير