أنا صرت طُرُقيا

أ. عبد العزيز كحيل/ تركت هوى ليلى وسُعدى وانتسبت إلى الطريقة الغزاوية التي أسسها سيدي الشيخ الياسين قدس الله سره، وهي طريقة صوفية من طراز فريد، تقوم وتقعد على بدع حسنة جميلة على رأسها الوقوف في وجه المشروع الصهيوني وإعطاء الكلمة للسلاح والكُفر بالحكام المنبطحين والأنظمة المطبعة المستسلمة، طريقة يطوف المريدون فيها بالقرآن والسنة، الزاوية …

سبتمبر 17, 2025 - 15:00
 0
أنا صرت طُرُقيا

أ. عبد العزيز كحيل/

تركت هوى ليلى وسُعدى وانتسبت إلى الطريقة الغزاوية التي أسسها سيدي الشيخ الياسين قدس الله سره، وهي طريقة صوفية من طراز فريد، تقوم وتقعد على بدع حسنة جميلة على رأسها الوقوف في وجه المشروع الصهيوني وإعطاء الكلمة للسلاح والكُفر بالحكام المنبطحين والأنظمة المطبعة المستسلمة، طريقة يطوف المريدون فيها بالقرآن والسنة، الزاوية التي يعيشون فيها هي الأنفاق، وردهم اليومي «حي على الجهاد»، رهبان بالليل فرسان بالنهار، شعارهم «هبي ريح الجنة هبي، فزت ورب الكعبة»، دراويش يذكرون الله كثيرا بأصوات الرصاص، روافض يرفضون الذل والانبطاح، مداخلة يدخلون على الميركافا فينسفونها نسفا، منحرفون عن بيع مقدساتهم، تمنيت أن أكون معهم ولو لكنْس ساحاتهم و ترقيع ثيابهم بل أتشرف بتقبيل أقدامهم التي اغبرّت في سبيل الله وأعينهم التي كم سهرت في الثغور ابتغاء وجه الله، فهم خير أجناد الأرض و أحباء الله و خاصته، باعوا أنفسهم وأموالهم لله، رأس مالهم محبة الله، أسمى أمانيهم لقاء ربهم مقبلين غير مدبرين، يثخنون في العدو، لا يبالون أوَقعوا على الموت أم وقع الموت عليهم، من يعاديهم أكثر ممن ينصرهم، لا يعرفون موائد ولا موالد، رباهم الياسين تربية محرقة، يحسنون استعمال السلاح واستعمال أدق التقنيات الحديثة، بارعون في الاستخبارات والفيزياء والرياضيات والمعلوماتية وعلم النفس والتربية…أسيادُنا شيوخ الطريقة الجديدة في زمن الانبطاح عارفون بالله دون كتب، ذاكرون بلا سبحات، خطباء بلا منابر، يعيشون حقيقة الزهد، لا تشم في مجالسهم رائحة البخور بل رائحة البارود، دم الشهادة ينبعث من الشجاعية ورفح وجباليا وخان يونس كأنه يصرخ بملء فيه: هذا هو التصوف الحق وهذه هي الطرقية الأصيلة.
الطريقة الغزاوية ليست كأي طريقة، هي مدرسة تربوية روحية حركية جهادية تحيي سيرة السلف الصالح، يحكمها القرآن والسنة، لا تبالي برأي الناس فيها، حسبها أن يرضى عنها رب العالمين، لذلك قذف الله حبها في قلوب المؤمنين أينما وجدوا فانخرطوا فيها رغم تباعد المسافات ورغم إغلاق معابرها أمامهم، تباعدت أجسادهم والتقت أفئدتهم في حب الأرض المقدسة والجهاد لتحريرها ودحض العدو المحتل.
هذه هي الطريقة عالية الشرف التي انتسبت إليها، ولعلها الطريق الصحيح الذي غفل عنه أهل السنة واتخذوا من دونها طرقا وطرائق أبعدتهم كثيرا عن العز والنصر والتمكين، طريقة الأحرار الأبرار الأخيار نصرهم الله و جعلنا منهم، كنا نلهج بأسماء أرباب القلوب وأئمة الزهد والعارفين بالله الذين حوتهم الكتب أمثال عبد القادر الجيلاني والفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك والجنيد وإبراهيم بن أدهم وبشر الحافي وأبي مدين التلمساني فأضفنا إليهم أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية ويحي السنوار ومحمد الضيف، نحاول بذلك أن نقبض قبضة من آثارهم الطيبة لعلنا نلقى الله وهو عنا راض، وينبغي لكل من يريد طريق الحق أن يتصوف بهذه الطريقة النبوية.
لقد من علي بالانتساب إلى هذه الطريقة فترة من الزمان ذقت فيها من نعم الله ما لم أذق قط في حياتي، ذقت فيها هذه النعمة التي ترفع العمر وتباركه وتزكيه، ومن ثم عشت مع المريدين هادئ النفس، مطمئن السريرة، قرير الضمير، عشت مع طوفان الأقصى أرى يد الله في كل حادث وفي كل أمر، فعشت مع المريدين والمحبين والأحبة في كنف الله وفي رعايته، فأي طمأنينة ينشئها هذا الانتساب إلى هذه الطريقة؟ وأي سكينة يفيضها على القلب؟ وأي ثقة في الحق والنصر والتمكين؟ وأي قوة واستعلاء على الواقع الصغير يسكبها في الضمير؟ (مقتبس بتصرف من مقدمة «في ظلال القرآن»).
هذه هي الطريقة الغزاوية، وهذا هو التصوف الذي تعلمناه من غزة، يتمثله رجال ونساء ربانيون، ليسوا أحلاس تكايا بل منارات الهدى ومصابيح الدجى، تدخلك صحبتُهم ساحات المحبة والشوق والرضا والأنس، يصنعون جيل النصر المنشود على عين الله صناعة محرقة عميقة متميزة، ولهم مريدون في طول البلاد وعرضها حبسهم العذر، ينطقون بالصواريخ المرعبة للعدو في اليمن، وبالمسيرات المليونية في المغرب، وبالتبرعات السخية في الجزائر… كيف لا وهم يبهرون العالم بمعجزات قتالية خارقة لا يجحدها إلا أعمى البصر والبصيرة، ويبشرون بانتصار الإسلام والتمكين لدين الله انطلاقا من فلسطين وقدسها وأقصاها وشامِها.
فيا من أمددت أهل بدر بألف من الملائكة مردفين أمدد أهل غزة بجند من السماء تقوي بهم ضعفهم وتدفع عنهم عدوهم، وارزقنا حبهم في الدنيا ومعيتهم في الآخرة.