ذِكْرَى حولها الشيطان إلى نَكْبَة
الشيخ نــور الدين رزيق/ بعض النّاس يخرج الحق من الدين وهذا قول العلمانية: لا دخل للدين في تصرفات ومعاملات النّاس، يريدونه دينا أجوف لا حياة فيه، وبعضهم يدخل الباطل في الدين وهو ما يصطلح عليه بالبدعة وهذا أخطر على الدين، ما جعل الإمام الشاطبي -عليه رحمة الله – ينبه ويؤصل لهذه المسألة، حيث قال -عليه …

الشيخ نــور الدين رزيق/
بعض النّاس يخرج الحق من الدين وهذا قول العلمانية: لا دخل للدين في تصرفات ومعاملات النّاس، يريدونه دينا أجوف لا حياة فيه، وبعضهم يدخل الباطل في الدين وهو ما يصطلح عليه بالبدعة وهذا أخطر على الدين، ما جعل الإمام الشاطبي -عليه رحمة الله – ينبه ويؤصل لهذه المسألة، حيث قال -عليه رحمة الله – تنقسم البدعة الى بدعة حقيقية وأخرى إضافية لها أصل في الشرع.
يوم من أيام الله تعالى اهتم به النّبي -صلى الله عليه وسلم – وخصه الله تعالى بعبادة الصوم وهو يوم عاشوراء لكن الناس أضافوا إليه أمورا ما أنزل الله بها من سلطان ووقع الغلو فيه، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه البخاري.
-ما يستفاد من هذا الحديث: أنّ منهج الأنبياء كان إذا وقع أحدهم في هم وضيق ففرج الله تعالى عليه فعليه بالشكر ليس باللسان فقط بل بالجوارح (الصوم أو الصدقة أو العتق).
-ودلَّ قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا أحق بموسى منكم» على أنّ الأنبياء دينهم واحد وإن اختلفت شرائعهم، قال -صلى الله عليه وسلم -: «الأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد»مسلم.
-وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لأن بقيت إلى قابل لأصمن التاسع» ابن ماجه، قال ابن عباس -رضي الله عنه – فتوفي -صلى الله عليه وسلم – في ذلك العام، وضع بذلك مبدأ مخالفة اليهود والنّصارى في أعيادهم ومناسباتهم.
-بعض النّاس يربط إخراج الزّكاة بيوم عاشوراء والعْشُور وهذا نظرا لغياب الشريعة الإسلامية عن نظام الحكم، قالوا:صيام عاشوراء تزكية للنفس وهو يوم تزكية المال.
– كما ارتبطت هذه المناسبة بيوم أليم وذكرى مأساة نزلت على الأمة الإسلامية مازالت تتجرع مرارتها إلى اليوم، سببت الشقاق والبغض والكراهية والقتل بين المسلمين و هو يوم الجمعة 10 محرم 61 هجري اذ قُتل فيها سيِّد شباب أهل الجنة ابن بنت النّبي -صلى الله عليه وسلم – فاطمة الزهراء الحسين بن علي -رضي الله عنهم.-
يقول صاحب منهاج السنة(4/544): «صار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثى وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب حتى يسب السابقون الأولون وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين .
بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله.
وكذلك بدعة السرور والفرح وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين وكان رأسهم المختار بن أبي عبيد الكذاب وقوم من الناصبة المبغضين لعلي -رضي الله عنه – وأولاده ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي)
مع العلم أن الجزائر الدولة السنية الوحيدة التي تحتفل بيوم عاشوراء كعيد ديني، وبالضبط في عام 1963 في عهد الرئيس الراحل أحمد بن بلة رحمه الله، وصل “تيلكس” إلى الإدارات والمدارس يطلب تسريح العمال والطلاب. ومنذ ذلك الحين إلى اليوم والجزائر تعتبر يوم عاشوراء عطلة مدفوعة الأجر، وهي التي لا توجد بها طائفة شيعية بارزة.
وانتشرت بين أهليها بعض العادات في هذا اليوم منها ترك الإبرة والخياطة، وقطع الشعر حتى تخلف وترك تقليم الأظافر وما إلى ذلك من العادات والتى هي من رواسب الدولة الفاطمية الرافضية.
-أما أحاديث التوسعة على العيال في هذا اليوم كلها غير صحيحة، فلا يجوز الاحتجاج بذلك على شرعية التوسعة على العيال؛ لأنّ الحجة في الكتاب والسنة لا في عمل التابعين ومن بعدهم.
ثم لا ننسى إن يوم عاشوراء يوم انتصار الحق على الباطل، والخير على الشر، والإيمان على الكفر، ففيه غرق صاحب مقولة: «أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى» وفيه انتصر ﴿الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ وفيه تبدلت الأحوال ﴿كَمْ تَرَكُوا مِن جَنّٰتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فٰكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنٰهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ (الدخان/25-28)، فصامه موسى عليه السلام و قومه شكرا لله و صامه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم – وأمر بصيامه بداية، إلاّ أن قوما استبدلوا هذا المعنى الى احتفال وتجمعات منكرة.
وهذا الشيخ محمد البشير الابراهيمي -عليه رحمة الله – في كلمته التي نُشرت منذ أكثر من 70 عاماً، وحملت عنوان «كلمة في الاحتفالات» وهي منشورة في الجزء الأول من آثار الشيخ البشير الإبراهيمي، (ص 234، ط1، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع)،فقال: «ذلك النوع الشائع في الأوساط الشيعية من احتفالهم يوم عاشوراء بذكرى مقتل الحسين عليه السلام، فإنه فضلا عما يقع فيه من المنكرات المخجلة، لا يثير إلا الحفائظ والإحن ولا يثمر إلا توسيع شقة الخلاف” ثم يضيف: «لا نرضى للمسلمين بهذا الطراز البالي من الاحتفالات التي ذكرنا بعض أنواعها، فقد عكفوا عليها قرونا فما زادتهم إلا خبالا وانحطاطا، وإنّما نريد منهم محوها واستبدالها بما هو خير».