الشيخ صالح بوزينة كما عرفته أوروبا والبلاد الإسلامية .. مسيرة حافلة بالبذل والعطاء والتضحيات !!
أ. محمد مصطفى حابس جنيف/سويسرا قال تعالى: ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾. (23 الاحزاب) كنت من أوائل من سمع في أوروبا بحادث المرور المروع الذي تعرض له أستاذنا الشيخ صالح بوزينة المقيم في السويد، حيث أخبرني الأستاذ خالد من …

أ. محمد مصطفى حابس
جنيف/سويسرا
قال تعالى: ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾. (23 الاحزاب)
كنت من أوائل من سمع في أوروبا بحادث المرور المروع الذي تعرض له أستاذنا الشيخ صالح بوزينة المقيم في السويد، حيث أخبرني الأستاذ خالد من كندا، مساء يوم الخميس 24 أفريل 2025م/ الموافق لـ 25 شوّال 1446هـ، وقد نشر بعد ذلك، اخوة موقع: «منتدى الدراسات النهضة الحضارية»، الخبر المفزع، والذي كان ينشر من حين لآخر بعض إبداعات الشيخ صالح بوزينة الأسبوعية، نقلا عن صفحه، مبينين: «أن الشيخ صالح كان في زيارة عائلية للجزائر منذ أسابيع، وأنه تعرض بعد صلاة العصر، لحادث سير أليم على مشارف المسجد الأعظم بالجزائر العاصمة، بعد مشاركته في صلاة العصر، حيث مقر سكناه قديما. مشيرين إلى: «أن الحادث أسفر عن ضرر بدني خطير تمثل في ضربة في الرأس، وحول الشيخ على جناح السرعة الى مستشفى سليم زميرلي، لينتقل يوم الجمعة الى رحمة ربه. وقد تمت صلاة جنازة حاشدة على الفقيد الشيخ صالح بوزينة عصرا – بمسجد حسن بادي – الحراش [بلفور]- والدفن بمقبرة العالية بالعاصمة الجزائرية.
الشيخ صالح معروف في الجزائر، أنه كان أستاذ العلوم الشرعية، وأحد خطباء مساجد العاصمة، كمسجد الارقم والحراش والجامعة المركزية، أما في أوروبا وفي السنوات الأخيرة إضافة للخطابة في مساجد السويد والدول الاسكندنافية، فهو صاحب قلم مزدوج اللغة، له مجموعة كتب تحت الطبع، طبع منها العام الماضي، سلسلة مقالات، عن الهجرة والاغتراب، بعنوان: «بعيدا عن الوطن الجريح» نشر في الجزائر، كما ترجم من الفرنسية للعربية، كتاب «لبيك، حج الفقراء» للمفكر مالك بن نبي، كما ساهم في ترجمة العديد من الاعمال، من الفرنسية للعربية ومن العربية للفرنسية، فرنسية راقية جدا وعربية دسمة بنكهة شرعية ماتعة، كيف لا والرجل خريج الشريعة من السعودية و دارس الإعلام في الجزائر.
مسيرة حافلة ..من الاعلام، إلى الشريعة ثم الى الترجمة
الشيخ صالح بوزينة (1953 – 2025)، قبل التخصص في العلوم الشرعية من طلبة معهد الإعلام والصحافة، بالنسبة لكاتب هذه السطور، كان الشيخ صالح أخا ومرشدا ورمزا للتضحية والوفاء والفداء، ذلك المربي الذي لا يكل ولا يمل في حله وترحاله من الدعوة للخير، عرفته الجزائر أستاذا وخطيبا ومرشدا للخطباء في المساجد الطلابية، وفي أوروبا تعرفنا عليه أكثر، بالإضافة للخطابة والوعظ، كان لسانا وقلما مزدوجا ذا حدين عربي – فرنسي، لا يشق له غبار، وكنت أستنجد بفرنسيته الراقية، في بعض مقالاتي بالفرنسية لمراجعتها في العديد من المناسبات، وكنت أطلب منه ترجمة بعض مقالات «الدعوة العامة» أو «النفع العام»، كما كان يحلو له تسميتها، من العربية للفرنسية أو العكس، فيلبي بكل سرور، وكم استنجدت مجلة «الشاب المسلم» الجزائرية في العقود الأخيرة بفكره وقلمه والتي توزع في أوروبا بترجماته للنصوص الشرعية والعلمية من العربية للفرنسية.
وقد طلبت منه قبل رمضان الماضي فقط، مساعدتنا في ترجمة بعض الأشرطة الصوتية الشرعية للعلامة الشيخ محمود بوزوزو ( 1918-2007) – رحمه الله-، فاعتذر متأسفا، قائلا لي، أنا حاليا وعدت إحدى دور النشر بترجمة ومراجعة بعض كتب «مالك بن نبي» ومشاريع اخرى، وريثما أنهيها بعد رمضان، أعود اليكم، ففضل الشيخ بوزوزو علينا كبير!! ثم استدرك متبسما، بقوله لي: «نسيت، بل حتى أنهي قراءة صندوق الكتب الكويتية والقطرية الذي أرسلته لي!!»، ومطالعة بل دراسة الكتب بالنسبة للشيخ صالح، فن لوحده، بحيث يسطر في الكتاب ويلون بعض المقاطع والفقرات ليعود اليها ويكتب في الهامش بخط رائع، وهكذا، حتى البريد الذي يصلني منه، يكتب على الظرف بألوان زاهرة، ربيعية مختلفة، مثل ما كان يكتب ويصحح نسخ طلبته في الجزائر!!
كان قدوة للعلماء في ندوة الحج الكبرى
استضفنا الشيخ صالح بوزينة، في المدة الأخيرة ثلاثة أيام في ندوة في مسجد زايد بمدينة زيوريخ بسويسرا، كان فعلا شعلة في التدريس والإمامة والوعظ واستعمال بعض اللغات والمصطلحات بالتركية والألبانية، مقارنة ببعض المشايخ الذين اتعبهم السفر!!
كما أذكر منذ بضع سنوات فقط، لما وصلتنا دعوة لحضور «ندوة الحج الكبرى لعام 2016-1437»، رغم علمه الغزير وهو من قدماء طلبة العلوم الشرعية بالسعودية، بقي متواضعا في الكلام، الا عند الإصرار عليه من بعض المشايخ والعلماء كالشيخ الطيب برغوث الذي كان معنا وبعض الافاضل من الجزائر ومن دول أخرى، ولما سرقت منه حقيبته وأوراقه وماله في آخر أيام الحج، ونحن نستعد للعودة، صبر واحتسب، ولم يصخب ولم يغضب قائلا لنا، «ما شاء الله قدر فعل، قد يكون الله قد أعطى لي أياما أخرى لأصلي في الحرم»، لأن الرجل قلبه معلق بالحرم المكي والمدني بشكل رهيب، كل سنة تجده يفكر في الحج والعمرة، وللشيخ صالح مناقب عديدة، قد نعود اليها في تغطية خاصة لندوة مخصصة لروحه، اليوم السبت 26 أفريل 2025، في المسجد المركزي بمالمو بمملكة السويد، المركز الإسلامي الذي درس وخطب فيه لعقود، بحول الله.