المغرب: الفساد الشامل ينذر بمستقبل مزلزل تمتد تصدعاته إلى كل مناحي الحياة في البلاد

الرباط - أكد كتاب من المغرب أن استشراء الفساد في كل القطاعات في المملكة يهدد البلاد بمستقبل مزلزل تمتد تصدعاته إلى كل مناحي الحياة في البلاد, منتقدين بشدة, "تفكيك" المخزن للنسيج الاجتماعي وتداعياته الكارثية على حياة الشعب المغربي. وفي هذا الإطار, قال الكاتب نور الدين برحيلة في مقال له تحت عنوان: "المغرب: وساد الفساد", أن "معظم المغاربة باتوا مقتنعين بأن ما اصطلح عليه العهد الجديد مجرد سردية أسطورية إيديولوجية, وقناع بئيس أسوأ من العهد القديم, وأن القطيعة مع إيديولوجيا الممارسات السابقة لم تكن إلا وهما وسرابا, بل أن الفساد أصبح شرسا متوحشا شاملا ومكونا من مكونات مغرب الألفية الثالثة". وأوضح بهذا الخصوص أنه "لا يوجد في المغرب قطاع واحد لا ينخره الفساد بل أن الفساد هو القانون الذي يسير كل المؤسسات المغربية", مشيرا إلى أن "كل من سولت له نفسه اللوامة أن ينتقد المفسدين مصيره معروف", والنتيجة "تفقير منتظم وممنهج, فوارق طبقية فلكية, هيمنة منطق العلاقات والولاءات على منطق الاستحقاقات والكفاءات, ارتشاء في الخدمات, جيوش عاطلين تائهين حائرين, وفوضى عارمة تختفي في مفهوم الحرية, واغتيال للحريات العامة, صناعة التسول, هندسة المخدرات, ازدهار التفاهة والجنون, تقزيم للعمالقة, وعملقة الأقزام والوصوليين..". وشدد برحيلة على أن "مغرب اليوم يشهد تخلفا شاملا وترهلا أصاب كل مؤسسات الدولة, و أخطرها الترهل السياسي", مشيرا إلى أن "خطورة القصور السياسي نابعة من قصور العقل السياسي في المغرب المعاصر". وتوقف الكاتب ذاته عند تخلف الإعلام الرسمي المخزني, الذي اعتبره "نموذجا صارخا للتخلف وصناعة قيم اللامواطنة, اللامسؤولية, العدمية والعبثية". كما نبه برحيلة إلى أنه إذا كان تاريخ الحركات الاحتجاجية في المغرب المعاصر في خطوطه العريضة مشحونا برفض "الحقرة" والمطالبة بالعيش الكريم, فإن العامل المحرك لمعظم الاحتجاجات عبر مختلف المدن, هو العامل الاجتماعي. واستدل في هذا الإطار, بالاحتجاجات المناهضة لغلاء المعيشة و ضد غياب الخدمات و ضد الإقصاء, محذرا من مقاربة دولة المخزن التي "تعالجها بمنطق القمع والعنف", و قال أن ما يزيد من تعميق معاناة المواطنين هو "تحويل الاحتجاج من صبغته الاجتماعية إلى احتجاج سياسي ضد الدولة وأجهزتها". وخلص الكاتب المغربي إلى أن استفحال الفساد الشامل في العهد الجديد في كل المجالات (في السياسة, العدل, التعليم, الصحة والاقتصاد), "خلق يأسا عميقا في إمكانية الإصلاح, واليأس هو بوابة العبثية والعدمية, وإنتاج كل أشكال الفساد والانحراف". من جهته, سجل الكاتب المغربي المقيم في إيطاليا, أمين بوشعيب في مقال له, التحولات العميقة في تدبير القطاعات الأساسية في المغرب, والتي توصف أحيانا بـ"تفكيك" القطاعات الاجتماعية. ومن أبرز مظاهر هذا "التفكيك" - حسبه - "تزايد دور القطاع الخاص في مجالي التعليم والصحة", حيث أن الأرقام تشير إلى تصاعد الاعتماد على المدارس والمصحات الخاصة, مما يكرس الفوارق الاجتماعية بين الفئات القادرة على تحمل كلفة هذه الخدمات وتلك التي تعتمد على القطاع العمومي. وهو ما جعل بعض النقابات العمالية توجه أصبع الاتهام إلى الدولة بانتهاج سياسة انسحاب تدريجي من أدوارها الاجتماعية, مما يفتح المجال أمام تسليع الخدمات الأساسية وتحويلها إلى امتيازات لمن يستطيع الدفع, بدل أن تكون حقوقا مكفولة لجميع المواطنين, يقول الكاتب.

مايو 6, 2025 - 22:44
 0
المغرب: الفساد الشامل ينذر بمستقبل مزلزل تمتد تصدعاته إلى كل مناحي الحياة في البلاد

الرباط - أكد كتاب من المغرب أن استشراء الفساد في كل القطاعات في المملكة يهدد البلاد بمستقبل مزلزل تمتد تصدعاته إلى كل مناحي الحياة في البلاد, منتقدين بشدة, "تفكيك" المخزن للنسيج الاجتماعي وتداعياته الكارثية على حياة الشعب المغربي.

وفي هذا الإطار, قال الكاتب نور الدين برحيلة في مقال له تحت عنوان: "المغرب: وساد الفساد", أن "معظم المغاربة باتوا مقتنعين بأن ما اصطلح عليه العهد الجديد مجرد سردية أسطورية إيديولوجية, وقناع بئيس أسوأ من العهد القديم, وأن القطيعة مع إيديولوجيا الممارسات السابقة لم تكن إلا وهما وسرابا, بل أن الفساد أصبح شرسا متوحشا شاملا ومكونا من مكونات مغرب الألفية الثالثة".

وأوضح بهذا الخصوص أنه "لا يوجد في المغرب قطاع واحد لا ينخره الفساد بل أن الفساد هو القانون الذي يسير كل المؤسسات المغربية", مشيرا إلى أن "كل من سولت له نفسه اللوامة أن ينتقد المفسدين مصيره معروف", والنتيجة "تفقير منتظم وممنهج, فوارق طبقية فلكية, هيمنة منطق العلاقات والولاءات على منطق الاستحقاقات والكفاءات, ارتشاء في الخدمات, جيوش عاطلين تائهين حائرين, وفوضى عارمة تختفي في مفهوم الحرية, واغتيال للحريات العامة, صناعة التسول, هندسة المخدرات, ازدهار التفاهة والجنون, تقزيم للعمالقة, وعملقة الأقزام والوصوليين..".

وشدد برحيلة على أن "مغرب اليوم يشهد تخلفا شاملا وترهلا أصاب كل مؤسسات الدولة, و أخطرها الترهل السياسي", مشيرا إلى أن "خطورة القصور السياسي نابعة من قصور العقل السياسي في المغرب المعاصر".

وتوقف الكاتب ذاته عند تخلف الإعلام الرسمي المخزني, الذي اعتبره "نموذجا صارخا للتخلف وصناعة قيم اللامواطنة, اللامسؤولية, العدمية والعبثية".

كما نبه برحيلة إلى أنه إذا كان تاريخ الحركات الاحتجاجية في المغرب المعاصر في خطوطه العريضة مشحونا برفض "الحقرة" والمطالبة بالعيش الكريم, فإن العامل المحرك لمعظم الاحتجاجات عبر مختلف المدن, هو العامل الاجتماعي.

واستدل في هذا الإطار, بالاحتجاجات المناهضة لغلاء المعيشة و ضد غياب الخدمات و ضد الإقصاء, محذرا من مقاربة دولة المخزن التي "تعالجها بمنطق القمع والعنف", و قال أن ما يزيد من تعميق معاناة المواطنين هو "تحويل الاحتجاج من صبغته الاجتماعية إلى احتجاج سياسي ضد الدولة وأجهزتها".

وخلص الكاتب المغربي إلى أن استفحال الفساد الشامل في العهد الجديد في كل المجالات (في السياسة, العدل, التعليم, الصحة والاقتصاد), "خلق يأسا عميقا في إمكانية الإصلاح, واليأس هو بوابة العبثية والعدمية, وإنتاج كل أشكال الفساد والانحراف".

من جهته, سجل الكاتب المغربي المقيم في إيطاليا, أمين بوشعيب في مقال له, التحولات العميقة في تدبير القطاعات الأساسية في المغرب, والتي توصف أحيانا بـ"تفكيك" القطاعات الاجتماعية.

ومن أبرز مظاهر هذا "التفكيك" - حسبه - "تزايد دور القطاع الخاص في مجالي التعليم والصحة", حيث أن الأرقام تشير إلى تصاعد الاعتماد على المدارس والمصحات الخاصة, مما يكرس الفوارق الاجتماعية بين الفئات القادرة على تحمل كلفة هذه الخدمات وتلك التي تعتمد على القطاع العمومي.

وهو ما جعل بعض النقابات العمالية توجه أصبع الاتهام إلى الدولة بانتهاج سياسة انسحاب تدريجي من أدوارها الاجتماعية, مما يفتح المجال أمام تسليع الخدمات الأساسية وتحويلها إلى امتيازات لمن يستطيع الدفع, بدل أن تكون حقوقا مكفولة لجميع المواطنين, يقول الكاتب.