حتى الرمق الأخير
في خضمّ الجرائم التي لم يعد أحدٌ يحصيها، غير ما تبقى من هيئات مدنية في غزة باتت هي الأخرى محطمة وتعاني كل الأمراض الفتاكة والمجاعة التي فرضها العالم “الحرّ” برعاية أمريكية وتنفيذ الآلة الصهيونية في الشرق الأوسط، بتمويل وتسليح مطلق من الولايات المتحدة وكثير من دول الغرب، تستمرّ المأساة في ظل وضع لا يمكن لأيِّ […] The post حتى الرمق الأخير appeared first on الشروق أونلاين.


في خضمّ الجرائم التي لم يعد أحدٌ يحصيها، غير ما تبقى من هيئات مدنية في غزة باتت هي الأخرى محطمة وتعاني كل الأمراض الفتاكة والمجاعة التي فرضها العالم “الحرّ” برعاية أمريكية وتنفيذ الآلة الصهيونية في الشرق الأوسط، بتمويل وتسليح مطلق من الولايات المتحدة وكثير من دول الغرب، تستمرّ المأساة في ظل وضع لا يمكن لأيِّ منظمة إنسانية عالمية موضوعية، أممية كانت أم مستقلة عن الدول والحكومات واللوبيهات، إلا أن تسميها بأسمائها: جريمة ضد الإنسانية تستمرّ وكأن شيئا لم يحدث ولا يحدث، إلا من جهات أعلنت رفضها وسخطها وتنديدها وتشهيرها بما تقوم به سلطة الاحتلال من الاعتداء على كل القوانين والاعراف الدولية والإنسانية والأخلاقية وداست على كل مبادئ حقوق الانسان والطفل والبيئة والحجر والشجر والهواء.
السبب: وجود قوة عالمية مهيمنة شاحنة لهذا الوحش، مغذية له بكل أحمالها وأعبائها لحاجة في نفس يعقوب اللوبي الصهيوني في هذا البلد “الديمقراطي”، الذي علَّم الناس ويعلّمهم سحر الديمقراطية الخصوصية لهذا البلد، ديمقراطية تأسست على أسس مالية كأيِّ شركة مساهمات، تضمن للمواطن أن يفعل ما يشاء إلا أن ينتقد “الإيباك” واللوبي الصهيوني و”إسرائيل”. هذا هو الخط الأحمر في هذا البلد، تماما كما لكل بلد خطوط حُمر في النقد والتهجم. ذلك أنه لا يمكن معرفة من يسيطر ويهيمن ويحكم في بلد أو نظام معين إلا عن طريق معرفة من هي الجهة التي لا يمكن للإعلام أن ينتقدها: في الصين، لا يمكن أن تنتقد الحزب الشيوعي، وفي السلطة الدينية، لا يمكن انتقاد رجال الدين، أو الملك، وهكذا، وفي كل دول العالم هناك سلطة لا يمكن للإعلام أن يهاجمها أو حتى أن ينتقدها، سواء كانت من العالم الثالث أم الشرق أم الغرب أم الجنوب. هذه القوة في الولايات المتحدة، هي من دون منازع “الإيباك”.
المانحون اليهود الكبار في أمريكا هم من يختارون أعضاء الكونغرس وباقي المؤسسات الحاكمة وعلى رأسهم الرئيس وهذا عبر سيطرتهم وتحكُّمهم في المال والشركات الكبرى المموِّلة للحملات الانتخابية، أو ما نسيمه عندنا في الجزائر “المال السياسي”.
قبل أيام، اطّلعت على فيديو لأحد حاخامات الكيان الصهيوني يقول بالحرف الواحد: “نحن نسيطر على أمريكا من خلال سيطرتنا على “الإيباك”، ونحن من جئنا بترمب للسلطة، لأنه هو من سيمهِّد الطريق أمام إسرائيل من أجل إقامة “إسرائيل الكبرى”. ألم يقل إن “إسرائيل بلدٌ صغير وعليه أن يتوسّع”؟، نحن -يضيف- على أبواب تحقيق ذلك وذبح البقرة سيكون في 2 أكتوبر 2027”. ليس هذا فقط من باب الخرافة الدينية، فهذا ما يخطَّط له فعلا أمام نكسات المنطقة وضعفها عن صدِّ هذا الهجوم الهمجي على المنطقة كلها بالترتيب المرتب والمنظم.
هذا حلمهم، وهم يعملون على تأسيس هذ الحلم، استفادة من القوة المهيمنة ومن رئيس راهن على إفساد البنية القانونية والعلاقات الدولية وخرق الاتفاقيات وتحويل القوانين إلى “قواعد عمل” خاصَّة، وعلاقات ربحية تجارية مهيمنة لا سبيل للربح إلا لطرف واحد، هو الطرف المهيمن، وهي السياسيات الاستعمارية ذاتها التي اتَّبعتها دول الغرب قاطبة مع مستعمراتها القديمة والحديثة وإلى اليوم ومنها فرنسا وسياستها في إفريقيا والشمال الافريقي.
المقاومة بقيت وتبقى السبيل الوحيد لإفساد هذا المشروع، لهذا كل مقاومة صارت تُنعت “إرهابا”، فيما عدوان وتطهير عرقي بائن، من كيان غاصب، لا يبدو كذلك، بل مجرّد “دفاع عن نفس”!
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post حتى الرمق الأخير appeared first on الشروق أونلاين.