“صديقي اللدود”

ظنّ أحد الإخوة أنني سويت في الكلمة التي نشرتها في هذا العمود في يوم 7-8 – 2025 بين الروائيين وطار وبوجدرة في موقفهما من الإسلام، في حين إن طاهر وطار قال في آخر حياته إنه كان مسلما، وكثيرا ما كان يقسم بالله- عزّ وجلّ- في حديثه ، بينما سمع الجميع بوجدرة في حواره مع قناة […] The post “صديقي اللدود” appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 17, 2025 - 18:16
 0
“صديقي اللدود”

ظنّ أحد الإخوة أنني سويت في الكلمة التي نشرتها في هذا العمود في يوم 7-8 – 2025 بين الروائيين وطار وبوجدرة في موقفهما من الإسلام، في حين إن طاهر وطار قال في آخر حياته إنه كان مسلما، وكثيرا ما كان يقسم بالله- عزّ وجلّ- في حديثه ، بينما سمع الجميع بوجدرة في حواره مع قناة الشروق وهو يجاهر بعقيدته، و”كل الناس معافى إلا المجاهرون”.
من أجل ذلك، لم أسوّ بين الروائيين، بدليل أنني استرحمت الله- الرحمن الرحيم- لوطار، بينما استهديت الله- الهادي لكل خير- لبوجدرة. وحسابنا جميعا على الله ذي الرحمة الواسعة، الذي امتّنّ على الجميع بكتابتها على نفسه، كما قال في كتابه الكريم: “كتب ربكم على نفسه الرحمة”.
أما علاقتي بالروائيين، فأنا لم ألتق ببوجدرة إلا مرتين أو ثلاثا، إحداهما في الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، عندما وضع في الشركة روايته “الرعن” من أجل نشرها، ومرة، في المعرض الدولي للكتاب، حيث اشتريت من الجناح الذي كان جالسا فيه كتابه “زكاة التاريخ”.
وأما وطار، فقد قرأت اسمه أول مرة في سنة 1963، وأنا تلميذ في السنة الأولى من التعليم المتوسط في ثانوية ابن خلدون في حي بلوزداد، حيث كنت “مدمنا” على قراءة جريدة أسبوعية، كان يصدرها وطار، تحت عنوان “الجماهير”، وكانت “شمالية” النزعة، ولكنني لم أكن آنذاك أفرق أيديولوجيا بين يمين و”شمال”، والحمد لله، الذي عَصَمنِي من الوقوع في حمأة الشمال.
ثم تعرفت مباشرة على الروائي وطار في منتصف السبعينيات، بعدما عينت رئيسا لقسم الكتاب العربي في الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، وكنت- بحكم مسؤوليتي- أقابل الأخيار والفجار من الكتاب، وأقرأ الغث والسمين مما يراد نشره، فكان وطار من المترددين عليّ لمتابعة نشر رواياته… وتوطدت العلاقة بيننا- رغم اختلافنا أيديولوجيا- إلى درجة أنه كان يناديني: “صديقي اللدود”.
كما كنت أتردد عليه في جمعية “الجاحظية”، وأحضر بعض نشاطاتها، ومنها تكريمه للشيخ عبد الرحمن الجيلالي، والأستاذ محمد الميلي، لأنه كان أحد أساتذته في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس.
كما نظم ندوة تحت عنوان: “الدولة الإسلامية” ودعاني إلى أن أشارك فيها رفقة ثلاثة أساتذة، وقد تساءلت: هل هذا الطلب ابن فكره أم ابن أذنه، ولم أهتد إلى الآن إلى الجواب- وقد استجبت لدعوة وطار رفقة الصديق عبد الرزاق قسوم، ولم يحضر الأستاذان الآخران. و”لعل لهما عذرا”.
وفي مرضه الذي توفاه فيه الله الذي يتوفى الأنفس، زرناه في بيته بحيدرة (الدكتور قسوم، وكاتب هذه الأسطر)، وقد فرح بالزيارة، وفرحنا بها، لأننا رأينا في البهو الذي كنا جالسين فيه مصحفا كبيرا محمولا على حامل، مما يدل على أن آخرته كانت أحسن من أوليّته. رحم الله البر الرحيم الطاهر وطار، وآتى رشيد بوجدرة رُشده. وهدى الجميع لما يحبه ويرضاه، فالأمر لله من قبل ومن بعد.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post “صديقي اللدود” appeared first on الشروق أونلاين.