كرايس الجيلالي، أستاذ علم الاجتماع السياسي، جامعة تيارت: معرض التجارة البينية الإفريقية في الجزائر 2025... دافس إفريقيا
تحاليل الجمهورية: *فرص اقتصادية ورسائل سياسية. منذ البدايات المبكرة لعلم الاجتماع، ربط الآباء المؤسسون بين الاقتصاد والسياسية، وكانت باكورة هذا الربط كتاب الاقتصاد السياسي لكارل ماركس، وكذلك تلك الأعمال الرائدة التي قدمها كل من إميل دوركايم، وماكس فيبر، وطونيز وغيرهم من المفكرين، سواء كرأسماليين أو اشتراكيين، فالسياسة تحدد التوجه الاقتصادي، والاقتصاد قد يغير بوصلة الخيارات السياسية، فكليهما يتدخل في الآخر تدخلا كبيرا، ولا يمكن لأي دولة أن تفصل بين خياراتها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية، كما أن لكل حدث اقتصادي رسائل سياسية، ولكل قرار سياسي تبيعات اقتصادية، وهذا ما يحكم عالم اليوم، حيث أن المصالح الاقتصادية هي التي تعيد هندسة العالم وتعيد رسم خارطة الأصدقاء والأعداء، وكل مجموعة من الدول تتكل اليوم اقتصاديا حتى تكون كلمتها مسموعة سياسيا، ولذلك تعددت التكتلات الاقتصادية التي يعرفها عالم، قد أصبح أكثر توجها نحو قطبية متعددة الأطراف، وكأن الجميع مدرك بأن من يتحكم في قوته ويمكنه التأثير في قوت العالم هو من ستكون كلمته مسموعة أكثر، وتكون مصالحها مصانة بشكل أكبر، فلا يمكن للجائعين، والعراة، والذين لا يصنعون وسائل نقلهم، وعتاد حربهم أن تكون لهم اليد العليا، في عالم تحكمه القوة، والقوة اليوم هي أن تحقق أمنك الغذائي، والمائي، والسيبراني، والصناعي، أي أن تكون محصننا اقتصاديا حتى تستطيع أن تناور سياسيا. هي رسائل يمكن أن تفهم من معرض التجارة البينية الإفريقية الذي تحتضنه الجزائر في طبعته الرابعة، حيث تجاوز الحدث ومن خلال ما رافقه من تحضيرات، ورعاية رسمية من أعلى السلطات، وهالة إعلامية قد انطلقت منذ أكثر من أسبوع على بداية الحدث، وهي في مجملها مؤشرات نفهم منها بأن الحدث أكبر من مجرد معرض تجاري، بل حدث اقتصادي عالمي، ومنبر سياسي تؤسس له الجزائر في خضم عالم متقلب وتحكمه الأزمات، وهو ما فهم أيضا من خلال كلمة السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي قدم احاطة شاملة حول المعرض وظروف انعقاده، ومجموع الرهانات التي ارتكز عليها، والتحديات التي يريد خوضها، والنتائج التي سيصل إليها ويبني عليها محددات المرحلة القادمة، وهي مرحلة يجب أن تكون فيها إفريقيا سيدة ورائدة في عالم لا مكان فيه للضعفاء، فالسيد الرئيس أشار إلى ما تمتلكه القارة السمراء من موارد، وإمكانيات وفرص للعمل المشترك، ولخلق سوق إفريقية واعدة وقادرة على خلق بدائل اقتصادية تغني الأفارقة عن التبعية للأسواق العالمية، وتؤدي إلى الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري الذي تمتلك إفريقيا وهي تعمل على تحويله إلى قوة منتجة وقادرة على خلق حالة من الاكتفاء الذاتي. إفريقيا وحسب الرؤية الجزائرية لا يمكن أن تكون مجرد سوق للتوريد، بينما هي تمتلك كل مقومات النهوض ويمكن للأفارقة أن يخلقوا سوق واعدة في ما بينهم للتبادل التجاري، للكثير من السلع والمواد الأولية، وبذلك تعزيز الحركة الاقتصادية البينية، أي تبادل تجاري إفريقي/إفريقي، وهذا ما تراهن عليه الجزائر التي سخرت كل إمكانيتها لتحويل هذا المعرض التجاري إلى حدث اقتصادي عالمي يعادل مؤتمر دافس، أو قمة العشرين، وقمة الخمسة الكبار، ومنظمة البريكس، والكثير من المنظمات والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية التي تدير الشأن السياسي من خلال تحكمها في مصيرها الاقتصادي وقدرتها على التأثير في الاقتصادي العالمي، وهذا ما تطمح إليه الجزائر من خلال مثل هذه المبادرات القارية ذات الطابع العالمي، فمعرض التجارية البينية في طبعته الرابعة، عرف مشاركة أزيد من 140 دولة، وأكثر من 2000 مؤسسة اقتصادية، ومتعامل اقتصادي وهي الأرقام التي تجاوزت التوقعات، وهذا دليل واضح على أن هناك إرادة افريقية جادة للسير نحو تحول اقتصادي سيضمن كرامة الأفارقة على مستوى هيئات صنع القرار الدولي، وهي الاستراتيجية التي تعمل الجزائر على تحقيقها، حيث أن الجزائر ليست منكبة على التطوير والتغيير داخليا، بل الجزائر تمتلك رؤية متكاملة داخليا، واقليميا، قاريا، ودوليا، وهي الرسالة التي فهمها الأفارقة، فحجوا نحو الجزائر من كل فج عميق. الجزائر ومن خلال كلمة رئيس الجمهورية تريد للدول الأفريقية أن تخلق تكتلا اقتصاديا يتمتع بالاستقلالية، عن طريق التبادل التجاري البيني، بعيدا عن الأسواق العالمية، وهي فرصة ممكنة التحقق نظرا لما تمتلك القارة من مؤهلات، وهي تنتظر قرارات سياسية من طرف حكومات الدول الإفريقية حتى تتحقق الرؤية التي تناضل الجزائر من أجلها، حيث تحدث السيد رئيس الجمهورية مبادرة الجزائر لإعفاء 14 دولة أفريقية من الديون المقدرة بأكثر مليار دولار كعربون لإمكانية التعاون الإفريقي/الأفريقي، بالإضافة إلى خلق خمسة مناطق للتبادل التجاري الحر مع مختلف الدول الافريقية، وتحدث أيضا سيادة الرئيس عن فتح خطوط نقل جوية مباشرة بين الجزائر ومختلف العواصم الافريقية، كما تحدث عن شبكة نقل عن طريق الطرق البرية والسكة الحديدية بين الدول الافريقية التي ليس لها منافذ بحرية، وهي اجراءات في مجملها ستزيل الكثير من العوائق التي تحول دون وجود شراكة اقتصادية حقيقة بين الدول الافريقية، وبذلك يمكن القول: بأن معرض التجارة البينة الإفريقية في طبعته الرابعة قد تحول إلى مؤتمر اقتصادي عالمي، حيث شارك فيه العديد من الرؤساء الدول الإفريقية وكذلك عدد من مسؤولي الاتحاد الأفريقي، وهو ما جعل منه حدثا اقتصاديا بنكهة سياسية، قد تغير صورة إفريقيا بشكل جذري، وهو ما تطمح إليه الجزائر كقوة اقتصادية صاعدة، حيث سجل الناتج المحلي الاجمالي ارتفاعا بنسبة 7.2% وبنسبة نمو 3.4% في المؤشر الضمني لأسعار الناتج المحلي خلال السنة الحالية، وهو دليل على أن هناك حركة اقتصادية حقيقة في الجزائر لا بد من توظيفها في ما يخدم مصالح الجزائر خارجيا وفي نفس الوقت يعزز العمل الإفريقي المشترك.

*فرص اقتصادية ورسائل سياسية. منذ البدايات المبكرة لعلم الاجتماع، ربط الآباء المؤسسون بين الاقتصاد والسياسية، وكانت باكورة هذا الربط كتاب الاقتصاد السياسي لكارل ماركس، وكذلك تلك الأعمال الرائدة التي قدمها كل من إميل دوركايم، وماكس فيبر، وطونيز وغيرهم من المفكرين، سواء كرأسماليين أو اشتراكيين، فالسياسة تحدد التوجه الاقتصادي، والاقتصاد قد يغير بوصلة الخيارات السياسية، فكليهما يتدخل في الآخر تدخلا كبيرا، ولا يمكن لأي دولة أن تفصل بين خياراتها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية، كما أن لكل حدث اقتصادي رسائل سياسية، ولكل قرار سياسي تبيعات اقتصادية، وهذا ما يحكم عالم اليوم، حيث أن المصالح الاقتصادية هي التي تعيد هندسة العالم وتعيد رسم خارطة الأصدقاء والأعداء، وكل مجموعة من الدول تتكل اليوم اقتصاديا حتى تكون كلمتها مسموعة سياسيا، ولذلك تعددت التكتلات الاقتصادية التي يعرفها عالم، قد أصبح أكثر توجها نحو قطبية متعددة الأطراف، وكأن الجميع مدرك بأن من يتحكم في قوته ويمكنه التأثير في قوت العالم هو من ستكون كلمته مسموعة أكثر، وتكون مصالحها مصانة بشكل أكبر، فلا يمكن للجائعين، والعراة، والذين لا يصنعون وسائل نقلهم، وعتاد حربهم أن تكون لهم اليد العليا، في عالم تحكمه القوة، والقوة اليوم هي أن تحقق أمنك الغذائي، والمائي، والسيبراني، والصناعي، أي أن تكون محصننا اقتصاديا حتى تستطيع أن تناور سياسيا. هي رسائل يمكن أن تفهم من معرض التجارة البينية الإفريقية الذي تحتضنه الجزائر في طبعته الرابعة، حيث تجاوز الحدث ومن خلال ما رافقه من تحضيرات، ورعاية رسمية من أعلى السلطات، وهالة إعلامية قد انطلقت منذ أكثر من أسبوع على بداية الحدث، وهي في مجملها مؤشرات نفهم منها بأن الحدث أكبر من مجرد معرض تجاري، بل حدث اقتصادي عالمي، ومنبر سياسي تؤسس له الجزائر في خضم عالم متقلب وتحكمه الأزمات، وهو ما فهم أيضا من خلال كلمة السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي قدم احاطة شاملة حول المعرض وظروف انعقاده، ومجموع الرهانات التي ارتكز عليها، والتحديات التي يريد خوضها، والنتائج التي سيصل إليها ويبني عليها محددات المرحلة القادمة، وهي مرحلة يجب أن تكون فيها إفريقيا سيدة ورائدة في عالم لا مكان فيه للضعفاء، فالسيد الرئيس أشار إلى ما تمتلكه القارة السمراء من موارد، وإمكانيات وفرص للعمل المشترك، ولخلق سوق إفريقية واعدة وقادرة على خلق بدائل اقتصادية تغني الأفارقة عن التبعية للأسواق العالمية، وتؤدي إلى الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري الذي تمتلك إفريقيا وهي تعمل على تحويله إلى قوة منتجة وقادرة على خلق حالة من الاكتفاء الذاتي. إفريقيا وحسب الرؤية الجزائرية لا يمكن أن تكون مجرد سوق للتوريد، بينما هي تمتلك كل مقومات النهوض ويمكن للأفارقة أن يخلقوا سوق واعدة في ما بينهم للتبادل التجاري، للكثير من السلع والمواد الأولية، وبذلك تعزيز الحركة الاقتصادية البينية، أي تبادل تجاري إفريقي/إفريقي، وهذا ما تراهن عليه الجزائر التي سخرت كل إمكانيتها لتحويل هذا المعرض التجاري إلى حدث اقتصادي عالمي يعادل مؤتمر دافس، أو قمة العشرين، وقمة الخمسة الكبار، ومنظمة البريكس، والكثير من المنظمات والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية التي تدير الشأن السياسي من خلال تحكمها في مصيرها الاقتصادي وقدرتها على التأثير في الاقتصادي العالمي، وهذا ما تطمح إليه الجزائر من خلال مثل هذه المبادرات القارية ذات الطابع العالمي، فمعرض التجارية البينية في طبعته الرابعة، عرف مشاركة أزيد من 140 دولة، وأكثر من 2000 مؤسسة اقتصادية، ومتعامل اقتصادي وهي الأرقام التي تجاوزت التوقعات، وهذا دليل واضح على أن هناك إرادة افريقية جادة للسير نحو تحول اقتصادي سيضمن كرامة الأفارقة على مستوى هيئات صنع القرار الدولي، وهي الاستراتيجية التي تعمل الجزائر على تحقيقها، حيث أن الجزائر ليست منكبة على التطوير والتغيير داخليا، بل الجزائر تمتلك رؤية متكاملة داخليا، واقليميا، قاريا، ودوليا، وهي الرسالة التي فهمها الأفارقة، فحجوا نحو الجزائر من كل فج عميق. الجزائر ومن خلال كلمة رئيس الجمهورية تريد للدول الأفريقية أن تخلق تكتلا اقتصاديا يتمتع بالاستقلالية، عن طريق التبادل التجاري البيني، بعيدا عن الأسواق العالمية، وهي فرصة ممكنة التحقق نظرا لما تمتلك القارة من مؤهلات، وهي تنتظر قرارات سياسية من طرف حكومات الدول الإفريقية حتى تتحقق الرؤية التي تناضل الجزائر من أجلها، حيث تحدث السيد رئيس الجمهورية مبادرة الجزائر لإعفاء 14 دولة أفريقية من الديون المقدرة بأكثر مليار دولار كعربون لإمكانية التعاون الإفريقي/الأفريقي، بالإضافة إلى خلق خمسة مناطق للتبادل التجاري الحر مع مختلف الدول الافريقية، وتحدث أيضا سيادة الرئيس عن فتح خطوط نقل جوية مباشرة بين الجزائر ومختلف العواصم الافريقية، كما تحدث عن شبكة نقل عن طريق الطرق البرية والسكة الحديدية بين الدول الافريقية التي ليس لها منافذ بحرية، وهي اجراءات في مجملها ستزيل الكثير من العوائق التي تحول دون وجود شراكة اقتصادية حقيقة بين الدول الافريقية، وبذلك يمكن القول: بأن معرض التجارة البينة الإفريقية في طبعته الرابعة قد تحول إلى مؤتمر اقتصادي عالمي، حيث شارك فيه العديد من الرؤساء الدول الإفريقية وكذلك عدد من مسؤولي الاتحاد الأفريقي، وهو ما جعل منه حدثا اقتصاديا بنكهة سياسية، قد تغير صورة إفريقيا بشكل جذري، وهو ما تطمح إليه الجزائر كقوة اقتصادية صاعدة، حيث سجل الناتج المحلي الاجمالي ارتفاعا بنسبة 7.2% وبنسبة نمو 3.4% في المؤشر الضمني لأسعار الناتج المحلي خلال السنة الحالية، وهو دليل على أن هناك حركة اقتصادية حقيقة في الجزائر لا بد من توظيفها في ما يخدم مصالح الجزائر خارجيا وفي نفس الوقت يعزز العمل الإفريقي المشترك.
