من سار على الدرب.. وصل

الديبلوماسية الجزائرية، التي تمثل مدرسة في تسيير العلاقات العامة الدولية بطريقة هادئة، بلا صخب ولا ضجيج، يبدو أنها تظهر للجميع مدى قدرة هذه الأداة في تسيير الأزمات بما يتوافق مع مصالحها ولكن أيضا بما يتوافق مع القوانين الدولية والعلاقات بين الدول والتعاطي بإيجابية مع المبادرات الرامية إلى ترسيخ قانون السلم في التعاملات الدولية والعلاقات الخارجية […] The post من سار على الدرب.. وصل appeared first on الشروق أونلاين.

يونيو 9, 2025 - 19:07
 0
من سار على الدرب.. وصل

الديبلوماسية الجزائرية، التي تمثل مدرسة في تسيير العلاقات العامة الدولية بطريقة هادئة، بلا صخب ولا ضجيج، يبدو أنها تظهر للجميع مدى قدرة هذه الأداة في تسيير الأزمات بما يتوافق مع مصالحها ولكن أيضا بما يتوافق مع القوانين الدولية والعلاقات بين الدول والتعاطي بإيجابية مع المبادرات الرامية إلى ترسيخ قانون السلم في التعاملات الدولية والعلاقات الخارجية مع البلدان ومن بينها دول الجوار القاري.
الحنكة الديبلوماسية، ومكان الجزائر بين بلدان العالم والقارة الإفريقية والعالم العربي والإسلامي، ومواقفها من قضاياه العادلة، وإرثها التاريخي والسياسي، ودورها الريادي في حل النزاعات، حتى تلك المفتعلة ضدها لسبب أو لآخر، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها من طرف بعض الأطراف التي تحركها مصالح القوة الاستعمارية العالمية ضد كل البلدان ذات النزعة الاستقلالية التحررية من نفوذ المال العالمي والنفوذ الاستعماري القديم والحديث، سمح لها كل ذلك بالتعامل مع كل الطوارئ والمستجدات والمؤامرات التي تحاك ضدها وضد قراراتها المستقلة والسيادية، كما مكّنها ذلك من فرض احترام مواقفها السلمية، وتصوراتها في حل النزاعات الإقليمية.
قبل أشهر قليلة فقط، كان الشحن الإعلامي والسياسي ضد الجزائر قد بلغ ذروته، إن على مستوى الإعلام الثقيل الرسمي أو الخاص، أو وسائط التواصل الاجتماعي، وقد بلغ أوجه بعد إسقاط قوات الدفاع عن الإقليم “الدرون” المالي على الحدود الجنوبية. كان هذا الحدث أبرز حدث في المنطقة بعدما بلغت الاستفزازات ضد الجزائر الحلقوم، منذ الانقلاب العسكري في مالي، والإجراءات التي نتجت عن هذا الحدث ومنها خروج دولة مالي من اتفاق الأمن والمصالحة في شمال مالي، الذي كان يمثل خريطة طريق للخروج من الأزمات المتتالية في هذا البلد المنهك سياسيا واقتصاديا وماليا وعسكريا، بفعل عدم الاستقرار والصراعات الاثنية والسياسية التي تنخر البلد.
الجزائر، كانت تعرف أن هذا المسار لن يوصل إلى بر الأمان، وأن الانقلابات والحروب هي المرض التي لن يترك أي بلد يتعافى. وعليه، كان لابد من إتباع مسار سياسي تشاوري متصالح مع الذات في البلد الواحد المتعدّد سياسيا وعرقيا واجتماعيا. هذا التوجّه لا يخدم أجندات أجنبية بالمنطقة، خاصة المستعمر القديم، الذي حاول أن يبقي دار لقمان على حالها والانقسام على أشده، بهدف الإبقاء على حجم النفوذ الأجنبي على حدود الجزائر الجنوبية وحدود مالي وإفريقيا شمالا. دخل على الخط أكثر من لاعب، للأسف، عربي وجار، وأجنبي أكثر دموية واغتصابا للأراضي: الكيان الصهيوني، ثم لاعب آخر عبر المال النفطي الخليجي، في شكل تحالف ضد البلد الذي حرّر نفسه بنفسه عبر مسيرة من الجهاد دامت أكثر من 132 سنة. موقف وتاريخ يحترمه الكثير ولكن أيضا يحسده عليه الحاسدون والطامعون، خاصة أولئك الذي أخرجوا يوم 5 جويلية 1962، صاغرين، وهم يجرون أذيال الخيبة، ولا يزالون إلى اليوم يحنون إلى هذا البلد الذي كان مصدر قوتهم ونفوذهم وتعميرا وعسكرة واقتصادا، والذي بدأ ينهار وينكمش مع استرجاع الجزائر سيادتها وموقفها المستقل الداعم لكل البلدان الإفريقية التي لا تزال تعيش حالة الإرباك الاقتصادي والتبعية التاريخية للاستعمار.
انسحاب قوات “فاغنر” من مالي، لم يكن بلا سبب، لولا ديبلوماسية الجزائر النشطة والهادئة مع القوى الصديقة ومنها روسيا وتركيا. لقد كان رئيس الجمهورية قد لمح في أكثر من مقام ومقال أن وزن الجزائر القاري والعالمي يمنحها الاحترام والقوة بفعل استقلالية قراراتها السيادية، السياسية والمالية والاقتصادية، وأن التنمية هي طريق القوة وفرض الرأي والقرار، وكل من سار على الدرب.. وصل.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post من سار على الدرب.. وصل appeared first on الشروق أونلاين.