من سنكون؟
بقلم الدكتورة سناء شامي ألا تتفقوا معي بأن بوابة الخيانات العربية التاريخية، هي المدخل الأصدق لقراءة قضية منطقة الشرق الأوسط و التي فلسطين جزءاً منها؟ و بأنه لولا خيانات بعض “زعامات” العرب لما إستطاع الإستعمار الإستمرار أن يستمر في تدمير المنطقة العربية؟ عندما فجّر الجيش المصري ثورته ضد النظام الملكي في عام 23 تموز/يوليو 1952 …

بقلم الدكتورة سناء شامي
ألا تتفقوا معي بأن بوابة الخيانات العربية التاريخية، هي المدخل الأصدق لقراءة قضية منطقة الشرق الأوسط و التي فلسطين جزءاً منها؟ و بأنه لولا خيانات بعض “زعامات” العرب لما إستطاع الإستعمار الإستمرار أن يستمر في تدمير المنطقة العربية؟
عندما فجّر الجيش المصري ثورته ضد النظام الملكي في عام 23 تموز/يوليو 1952 أيّدت جميع الشعوب العربية تلك الثورة بما فيهم شعب العراق. إلا إن عبد الإله ولي العهد، و نوري السعيد المرتبطان إرتباطاً وثيقاً بالبريطانيين، أرعبتهم الثورة المصرية، و سارعوا إلى تشكيل حلف بغداد بحجة جمع شمل الأمة الإسلامية و مقاومة إسرائيل، و تمّ الحلف بين العراق و تركيا، و كانت أهدافه الحقيقية هي وقف إمتداد النفوذ الشيوعي في المنطقة، و لاحقاً إنضمت إليه إيران، باكستان و بريطانيا، فكان حلف خائن رجعي و إستعماري عمل على أمن و حماية إسرائيل، و دعم الإستعمار في توطيد أقدامه في المنطقة العربية… و سأتوقف عند هذا التحالف القديم، لأربطه بما حدث و يحدث اليوم في المنطقة و خصوصاً بما يحدث اليوم في جنوب لبنان و تفجيرات البنجر التي نالت من قياديين حزب الله و الكثير من المواطنيين الأبرياء، و السؤال الذي يطرح نفسه: بناء. على تحالفات الغدر في الماضي، و التي إيران كانت جزء منه، هل يمكن للماضي أن يعطي جواباً على ما يحدث؟ هل صنعت إيران حزب الله معتمدةً على البنية السياسية الطائفية في لبنان، ليقوم بدور فزّاعة الحقل؟ و هل إنتهى دور حزب الله في شطرنج الشرق الأوسط الجديد؟هل تشييع إيران منذ خمسمئة عام، و إستبدال الشاه بالخميني الذي تمّ تدريسه فقه التشيّع في النجف، إستمراراً للحركة الصفوية التي أخذت إسم الثورة الإيرانية؟ هل هناك مخطط لتشييع المنطقة بأسرها، تحضيراً لأسس قيام إمبرطورية فارسية جديدة، لا وجود بجانبها لبابل؟
بالعودة إلى الماضي و الحديث عن حلف بغداد 1952, ألم يؤدي
إلى تعاظم الإستبداد في العراق، إلى حين وقوع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 فقامت المظاهرات في جميع الدول العربية، و فجروا أنابيب نفط التابلاين البريطانية، و خرجت مصر من هذا العدوان منتصرة، فجاء مشروع أيزنهاور الصهيوني ليكمّل مشروع الإستعمار، و تفتيت المد الوطني العربي القومي، جاعلاً من إسرائيل رأس حربة للعدوان و التوسع على حساب الأرض و الأمة العربية.
بعد ذلك، جاءت الوحدة العربية بين سوريا و مصر، فسارع الإتحاد الهاشمي بين حكام العراق الخونة مع أمثالهم الأردنيين إلى التآمر على هذه الوحدة… ثم ألم يلجئ عميل الغرب كميل شمعون إلى صبي الإنكليز في العراق نوري السعيد، ليساعده على القضاء على الحركة الشعبية اللبنانية المقاومة و التي قامت في 11 إيلول 1958، و بالفعل فأن هذا الأخير، بدعم غربي و إسرائيلي، حشد جيش العراق على الحدود السوريه لقتال الجيش السوري، كما تحرك الإسطول السادس الأمريكي و أنزل جنوده على سواحل لبنان لقمع الحركة الشعبية اللبنانية و منع أية محاولة وحدة بين العرب… إلا أن نجاح ثورة الشعب العراقي ضد المتآمرين، ختمت أهم فصول قصص تآمر بعض حكام العرب عبيد الإنكليز و الآمريكان… إلا إن طبيعة الإستعمار المجبولة على التوسع الإستعماري و سرقة الشعوب، لم تُنهي مخططاتها، بل بدأت بإعداد فصول جديدة، ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، و خيانة بعض الحكّام العرب إستمرت بتصدّر عناوين الفصول، و ما كان دور تركيا و إيران مختلفاً من الماضي مختلفاً عمّا خططت له ماتُسمّى اليوم بصفقة الشرق الأوسط الجديد… هل تعلمون بأنه ممنوع منعاً بات بناء مسجد للمسلمين السنّة في إيران، بينما الأقلية المسيحية و اليهودية لهم معابدهم الخاصة بهم. و كما كتبت في مقالات سابقة بعنوان عمر و بندقيتنا الخشبية، و شهرزاد و حكاية فلسطين… فالقضية ليست إلا حكاية روتها شهرازد للسلطان بالتقسيط من باب التشويق: أهلاً بكم في الشرق الأوسط الجديد، من سيناريو و إخراج شهرزاد و السلطان و بعض أوجه الصدارة… أمّا الشعوب العربية ، ليست إلا كومبارس ينتظر دور ما في الإمبراطوريات القادمة.