البركوكس الوهراني في المولد... طقس، نكهة، وهوية
مجتمع: في ركن مطبخها العتيق، حيث تفوح رائحة التاريخ وتهمس القدور بقصص الأجداد، وقفت الحاجة كلثوم بثوبها التقليدي المطرز بعناية، وقد عقدت العزم أن تُبهِر الأحفاد اليوم بطبق لا يُنسى: البركوكس، ملك الأطباق الوهرانية الأصيلة بمناسبة المولد النبوي الشريف، ذلك الطبق الذي لا يُعدّ طعامًا فقط، بل مناسبة روحية، وطقسٌ من طقوس الفرح بالمولد. أوقدت النار على مهل، وبدأت رحلتها بطقوس شبه مقدسة... سكبت الزيت برشاقة في الطاجين، وكأنها ترسم لوحة فنية، ثم أضافت البصل ، فتصاعد عبقه ليعلن بداية الحكاية ..الثوم المدقوق، والقسبر الطازج، ثم أضافت رأس الحانوت تلك الخلطة الوهرانية التي لا يعادلها شيء في العالم. تفوح الرائحة... مزيج من الدفء والذاكرة وضعت قطع الدجاج، ثم الخضار الجزر، ، ، اللفت، الطماطم… كل شيء يُضاف في وقته، دون استعجال. ما ميز اليوم لم يكن المكونات فحسب، بل تلك العطور التي أضفتها كلمسة سرية لم تكن عطور التجميل، بل عطور الطبيعة والتوابل: رشة من القرفة، همسة الفلفل الأسود و الكثير من الفلفل الأحمر ، والقليل من الزعفران… في القصعة، سكبت البركوكس اليابس، ثم بدأت تبخيره على دفعات، ترشّه بالماء المملح و الزيت، وتُفركه بيديها، اللتين طبختا لأجيال.تقول وهي تفرك:"البركوكس يلزم يتدلل باش ينجح… ماشي غير نسلقوه ونكملو، هذا فيه خدمة وصبر."بعد البخار، تُخلطه بنقطة الزبدة، وقليل من القسبر المعطر. ولا يكتمل طبق البركوكس دون "التعمير" كرات من اللحم المفروم، مع الثوم، القسبر، رأس الحانوت، الملح والفلفل الأسود، تُطهى في المرق حتى تتشرّب كل النكهات، ثم توضع فوق البركوكس عند التقديم. في طبق فخاري مزين، سكبت الحاجة كلثوم البركوكس المفوح، وغمّرته بالمرق الأحمر العابق، ثم وزّعت فوقه كرات "التعمير"، و الدجاج وزيّنته بالقسبر أخضر و رشات من رأس الحانوت ..كل من حضر، صمت. لا يُسمع إلا صوت الملاعق وعبارات الاعجاب. عند الحاجة كلثوم، البركوكس ليس مجرد طبق، بل هويّة وذاكرة جماعية.يُطهى بالحب، ويُقدّم على نغمة "طلع البدر علينا"، ويجمع الأهل والأحباب في لحظة تُعطرها البركة.

في ركن مطبخها العتيق، حيث تفوح رائحة التاريخ وتهمس القدور بقصص الأجداد، وقفت الحاجة كلثوم بثوبها التقليدي المطرز بعناية، وقد عقدت العزم أن تُبهِر الأحفاد اليوم بطبق لا يُنسى: البركوكس، ملك الأطباق الوهرانية الأصيلة بمناسبة المولد النبوي الشريف، ذلك الطبق الذي لا يُعدّ طعامًا فقط، بل مناسبة روحية، وطقسٌ من طقوس الفرح بالمولد. أوقدت النار على مهل، وبدأت رحلتها بطقوس شبه مقدسة... سكبت الزيت برشاقة في الطاجين، وكأنها ترسم لوحة فنية، ثم أضافت البصل ، فتصاعد عبقه ليعلن بداية الحكاية ..الثوم المدقوق، والقسبر الطازج، ثم أضافت رأس الحانوت تلك الخلطة الوهرانية التي لا يعادلها شيء في العالم. تفوح الرائحة... مزيج من الدفء والذاكرة وضعت قطع الدجاج، ثم الخضار الجزر، ، ، اللفت، الطماطم… كل شيء يُضاف في وقته، دون استعجال. ما ميز اليوم لم يكن المكونات فحسب، بل تلك العطور التي أضفتها كلمسة سرية لم تكن عطور التجميل، بل عطور الطبيعة والتوابل: رشة من القرفة، همسة الفلفل الأسود و الكثير من الفلفل الأحمر ، والقليل من الزعفران… في القصعة، سكبت البركوكس اليابس، ثم بدأت تبخيره على دفعات، ترشّه بالماء المملح و الزيت، وتُفركه بيديها، اللتين طبختا لأجيال.تقول وهي تفرك:"البركوكس يلزم يتدلل باش ينجح… ماشي غير نسلقوه ونكملو، هذا فيه خدمة وصبر."بعد البخار، تُخلطه بنقطة الزبدة، وقليل من القسبر المعطر. ولا يكتمل طبق البركوكس دون "التعمير" كرات من اللحم المفروم، مع الثوم، القسبر، رأس الحانوت، الملح والفلفل الأسود، تُطهى في المرق حتى تتشرّب كل النكهات، ثم توضع فوق البركوكس عند التقديم. في طبق فخاري مزين، سكبت الحاجة كلثوم البركوكس المفوح، وغمّرته بالمرق الأحمر العابق، ثم وزّعت فوقه كرات "التعمير"، و الدجاج وزيّنته بالقسبر أخضر و رشات من رأس الحانوت ..كل من حضر، صمت. لا يُسمع إلا صوت الملاعق وعبارات الاعجاب. عند الحاجة كلثوم، البركوكس ليس مجرد طبق، بل هويّة وذاكرة جماعية.يُطهى بالحب، ويُقدّم على نغمة "طلع البدر علينا"، ويجمع الأهل والأحباب في لحظة تُعطرها البركة.
