الجزائر ترغم باريس على مراجعة أوراقها ..!
في خطوة تكشف عمق الأزمة المتصاعدة مع الجزائر، ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعًا طارئًا في قصر الإليزيه، ضمّ خمسة من كبار وزرائه، لبحث السبل الممكنة للخروج من التوتر غير المسبوق الذي يخيّم على العلاقات بين البلدين. ورغم أن باريس حاولت إبقاء مداولات الاجتماع خلف الأبواب المغلقة، إلا أن دلالات هذا التحرك السياسي كانت واضحة: …

في خطوة تكشف عمق الأزمة المتصاعدة مع الجزائر، ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعًا طارئًا في قصر الإليزيه، ضمّ خمسة من كبار وزرائه، لبحث السبل الممكنة للخروج من التوتر غير المسبوق الذي يخيّم على العلاقات بين البلدين. ورغم أن باريس حاولت إبقاء مداولات الاجتماع خلف الأبواب المغلقة، إلا أن دلالات هذا التحرك السياسي كانت واضحة: الجزائر أرغمت فرنسا على مراجعة حساباتها.
لم تكن الجزائر في موقف رد الفعل، بل كانت المبادِرة في ترسيخ معادلة جديدة للعلاقة مع فرنسا، قوامها الندية والاحترام المتبادل. لقد بعثت الجزائر برسائل واضحة وصريحة، بأن زمن المعادلات غير المتكافئة قد ولّى، وأن ما كان مقبولًا بالأمس لم يعد كذلك اليوم.
الرد الجزائري لم يكن انفعاليًا، بل اتّسم بالحكمة والصلابة. وقد تدرج بين الموقف السياسي الصريح، والتحرك الدبلوماسي الهادئ، إلى الحد الذي دفع باريس إلى إعادة تقييم أدوات تعاملها مع الجزائر.
اختيار الرئيس ماكرون لوزراء من قطاعات حساسة – بينهم رئيس الوزراء ووزراء الخارجية والداخلية والعدل – يكشف أن الأزمة تتجاوز الخلاف العابر، وأن الجزائر باتت تمثل ملفًا استراتيجيًا متداخلاً بين الأمن والدبلوماسية والسياسة الداخلية الفرنسية.
الاجتماع حمل في مضمونه اعترافًا فرنسيًا بأن احتواء الغضب الجزائري بات أولوية ملحّة، وأن لغة التهدئة لم تعد خيارًا بل ضرورة سياسية.
اليوم، تقف فرنسا أمام لحظة حاسمة، إما التوجه نحو شراكة متوازنة تُراعي متغيرات الواقع، أو الاستمرار في تجاهل التحولات العميقة التي طرأت على موقع الجزائر في محيطها الإقليمي والدولي.
فالجزائر اليوم ليست فقط بلدًا مؤثرًا في شمال إفريقيا، بل لاعب محوري في معادلات الطاقة والأمن والهجرة. وقد بات صوتها مسموعًا ومؤثرًا في العواصم الكبرى، وهو ما يتطلب من باريس خطابًا جديدًا أكثر واقعية واحترامًا.
الاجتماع الطارئ في الإليزيه لم يكن لحظة عابرة، بل محطة فارقة تُظهر أن الجزائر – بثباتها ووضوح رؤيتها – باتت قادرة على دفع فرنسا نحو مراجعة شاملة في سياستها الخارجية. فهل تلتقط باريس الإشارة، أم تستمر في قراءة قديمة لعلاقة لم تعد كما كانت؟