الصِّدق الذي نؤاخَذ عليه
الصدق من حيث المبدأ قيمة عالية ومطلب اجتماعي رفيع، ولكنه في بعض الأحيان يتحول إلى فعل سلوك سيء نؤاخَذ عليه ونحاسَب، بسبب ما يترك من مخلفات سلبية وندوب لا تنمحي في جسم العلاقات الاجتماعية، وهي كثيرة جدا بسبب تفاصيل المفصَّل وتفتيت المفتَّت، ولكن نكتفي بثلاث حالات منها. الحالة الأولى: النيات الحسنة لكل امرئ نية فيما […] The post الصِّدق الذي نؤاخَذ عليه appeared first on الشروق أونلاين.


الصدق من حيث المبدأ قيمة عالية ومطلب اجتماعي رفيع، ولكنه في بعض الأحيان يتحول إلى فعل سلوك سيء نؤاخَذ عليه ونحاسَب، بسبب ما يترك من مخلفات سلبية وندوب لا تنمحي في جسم العلاقات الاجتماعية، وهي كثيرة جدا بسبب تفاصيل المفصَّل وتفتيت المفتَّت، ولكن نكتفي بثلاث حالات منها.
الحالة الأولى: النيات الحسنة
لكل امرئ نية فيما يعمل، بعضها سليم وبعضها سقيم، وقسمُها السقيم يعدّ من الصدق الذي نؤاخَذ عليه وربما نحاسَب، عندما ننطلق من نيّاتنا الطيبة مقطوعة الصلة بما ينعكس عن تلك النيات من ثمار خبيثة المذاق ومن ردود أفعال سلبية على الفرد والمجتمع، ذلك أن النيات الحسنة ليست هي المعيار المعتبر وحده في تعامل الإنسان مع الحياة، قد يكون الإنسان صاحب نية طيبة في تعبُّد ما ولكنه لا يراعي في تعبُّده الالتزام بالصحة وصوابية الفعل الخالي من البدعة وغيرها من الاختلالات الشرعية، كما قد يكون الإنسان صادقا في فعل اجتماعي معين ونيته حسنة في ذلك، ولكنه ينعكس سلبا على المجتمع أو على فئة عريضة منه، كما يمكن أن يكون للمرء رأيٌ أو موقفٌ مبنيٌّ على اجتهاد صادق إلى أبعد الحدود، ولكنه يكون هو أول ضحاياه.
ولحماية هذا النوع من الصدق الذي نؤاخَذ عليه، لا بد من تحري الصحة والصواب، سواء كان الأمر قانونيا أو شرعيا أو قيميا… وإذا لم تكن النية متوافقة ومتناغمة مع الشرعية القانونية أو الفقهية أو القيمية، تبقى أثار الفعل محل مؤاخذة، ولذلك لم يعتبر القانون مثلا حسن النية دليلا وإنما اعتبره مجرد قرينة قد يشفع في بعض الحالات، وكذلك في الرأي الفقهي أو المقرر القيمي.
أما ما يُؤْثر من نصوص الوحي في أهمية النية ومكانتها في منظومة العبادة، مثل حديث “إنما الأعمال بالنيات”، و”نية المرء خير من عمله” وغير ذلك من النصوص، فمتعلقٌ بالأساس بالقضايا التعبُّدية، وفيما يريد الإقدام عليه من الأعمال، إذ أنّ حسن النية يضفي على الفعل من محاسن الإخلاص ما لا يسمح به مجرد الفعل الصحيح، الذي قد يكون مشوبا بذاتية أو مصلحية قاصرة…
وهذا الجانب في ميزان الله يؤجَر عليه صاحبه لأنه نوى الخير. أما مقاييس الدنيا وقوانين عمارتها فلا تكفي معها النيات الحسنة، ولذلك اعتبرناها من المؤاخَذ عليه إذا ما خالفت قوانين الحياة.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post الصِّدق الذي نؤاخَذ عليه appeared first on الشروق أونلاين.