العلاقات الجزائرية-العُمانية… تاريخ مشترك واستقبال يليق بالوفاء
أمين بن لزرق في زيارة رسمية تعكس متانة العلاقات الأخوية بين الجزائر وسلطنة عمان، حلّ جلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، ضيفاً مميزاً على الجزائر، حيث خُصّ باستقبال رسمي من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. هذه الزيارة تُعد تأكيداً للعلاقات الوطيدة التي تجمع البلدين وتعبيراً عن إرادتهما المشتركة في تعزيز التعاون في مختلف …

أمين بن لزرق
في زيارة رسمية تعكس متانة العلاقات الأخوية بين الجزائر وسلطنة عمان، حلّ جلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، ضيفاً مميزاً على الجزائر، حيث خُصّ باستقبال رسمي من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. هذه الزيارة تُعد تأكيداً للعلاقات الوطيدة التي تجمع البلدين وتعبيراً عن إرادتهما المشتركة في تعزيز التعاون في مختلف المجالات.
استقبال رسمي مهيب يعكس عمق الروابط الأخوية
استُقبل جلالة السلطان هيثم بن طارق بأجواء مهيبة تعكس الاحترام الكبير الذي تكنه الجزائر للسلطان وللشعب العُماني الشقيق. ومنذ لحظة وصول موكبه إلى مقر رئاسة الجمهورية، أعدت مراسم استقبال دقيقة تعبر عن حفاوة الضيافة الجزائرية. كوكبة من خيّالة الحرس الجمهوري اصطفّت على الجانبين وأدت التحية الشرفية، تلاها استعراض رسمي شارك فيه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وجلالة السلطان .
وفي مشهد جسّد أواصر الأخوة والصداقة التي تزداد رسوخاً بين الجزائر ومسقط. التقط الزعيمان صوراً تذكارية أمام ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية، كإشارة إلى أهمية هذه الزيارة التاريخية في مسار العلاقات الثنائية.
علاقات تاريخية متجذرة .. عنوانها الوفاء والدعم المتبادل
لا تقتصر العلاقات الجزائرية-العُمانية على التعاون السياسي والاقتصادي فحسب، بل تمتد بجذورها إلى مرحلة الكفاح الوطني. فقد كانت سلطنة عمان من أوائل الدول العربية التي دعمت الجزائر في مسار تحررها من الاستعمار الفرنسي. ومنذ استقلال الجزائر سنة 1962، حافظ البلدان على علاقات متينة مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
هذه العلاقات ظلت في تطور مستمر، حيث جمعت بينهما العديد من المواقف الموحدة في إطار جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ويؤمن كلا البلدين بأهمية تعزيز التعاون العربي المشترك ومواصلة الدفاع عن القضايا العادلة للأمة.
تعاون اقتصادي يتوسع وآفاق استثمارية واعدة
شهد التعاون الاقتصادي بين الجزائر وسلطنة عمان طفرة نوعية في السنوات الأخيرة، حيث فتح البلدان قنوات شراكة جديدة خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، الصناعة، البتروكيماويات، والسياحة. كما يجري العمل حالياً على مشاريع استثمارية مشتركة تستهدف تحسين بيئة الأعمال وخلق فرص عمل جديدة.
وتسعى الجزائر من خلال هذه الشراكات إلى الاستفادة من التجربة العُمانية في إدارة المناطق الحرة، بينما تجد عمان في الجزائر سوقاً واعدة للاستثمار وموقعاً استراتيجياً مهماً لتعزيز تواجدها في إفريقيا. كما تشهد اللجان المشتركة الاقتصادية انعقاداً دورياً لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات واستكشاف مجالات جديدة للتعاون.
الثقافة والتعليم… جسور متينة بين الشعبين
الثقافة والتعليم يمثلان ركيزتين أساسيتين في مسار التعاون بين البلدين. فقد تم تنظيم العديد من التبادلات الثقافية من خلال الأسابيع الثقافية المشتركة، التي تبرز التراث المشترك وتساهم في تقريب الشعبين.
كما أن التعاون في ميدان التعليم العالي والبحث العلمي تطور بشكل ملحوظ، عبر توقيع اتفاقيات للتبادل الطلابي والمنح الدراسية. يعكس هذا التوجه رغبة الطرفين في تعزيز جسور التفاهم الثقافي وتطوير رأس المال البشري كأداة رئيسية للتنمية.
كذلك، توجد شراكات بين الجامعات الجزائرية والعُمانية تهدف إلى تبادل الخبرات الأكاديمية وإجراء بحوث علمية مشتركة.
رؤية موحدة تجاه القضايا العربية والدولية
منذ عقود، أظهر البلدان تطابقاً كبيراً في وجهات النظر حيال العديد من القضايا الدولية والإقليمية. ففي الملف الفلسطيني، تُعد الجزائر وعُمان من أكثر الدول التزاماً بدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
كما أن موقف البلدان تجاه الأزمات العربية كالوضع في سوريا واليمن وليبيا قائم على الدعوة إلى حل سياسي يحترم سيادة الدول ويحفظ وحدتها الترابية. وتؤكد هذه المواقف انسجام الرؤية الجزائرية-العُمانية التي ترفض التدخلات الأجنبية وتدعو إلى الحوار كوسيلة لحل النزاعات. في المحافل الدولية، يظهر البلدين بصورة موحدة دفاعاً عن العدالة والسلام.
زيارة تاريخية ترسّخ أواصر الصداقة
الزيارة الأخيرة لجلالة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل هي علامة فارقة في تعزيز العلاقات الثنائية. فقد حملت الزيارة أبعاداً سياسية واقتصادية وثقافية من شأنها أن تفتح آفاقاً جديدة أمام التعاون الثنائي.
وأكد الزعيمان خلال مباحثاتهما التزامهما الراسخ بتقوية أواصر التعاون المشترك وتبادل الدعم في كل ما يخدم مصالح الشعبين. كما أتاحت هذه الزيارة فرصة لتقييم مسار العلاقات وتحديد أولويات التعاون المستقبلي بما يحقق التنمية المستدامة ويعزز التكامل العربي.
نموذج في التضامن العربي والتعاون البناء
إن العلاقات الجزائرية-العُمانية تمثل نموذجاً للتعاون المتوازن والواعي بين الدول العربية، وهو تعاون قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر تؤكد أن هذا المسار المشترك ماضٍ بثبات نحو مزيد من التطوير والتكامل.
الجزائر وعُمان، من خلال هذه الشراكة المتينة، تؤكدان للعالم أن التضامن العربي الحقيقي لا يزال قائماً، ويستند إلى تاريخ طويل من الأخوة والثقة المتبادلة.