الفنانة التشكيلية “كنزة حدو” في حوار مع “الوسط”: أرسم لأحيي الأحاسيس المنسية في زحمة الحياة
أسعى لتمثيل بلدي في معارض دولية ضيفتنا في هذا العدد الفنانة التشكيلية الشابة “كنزة حدو” من ولاية البويرة ، طالبة بجامعة تيزي وزو، ولجت عالم فن الريشة منذ الصغر، و تمكنت في وقت وجيز أن تصنع اسما متميزا في هذا المجال من خلال تألقها و خطفها الأضواء في عدة معارض و تظاهرات ثقافية، و في …

أسعى لتمثيل بلدي في معارض دولية
ضيفتنا في هذا العدد الفنانة التشكيلية الشابة “كنزة حدو” من ولاية البويرة ، طالبة بجامعة تيزي وزو، ولجت عالم فن الريشة منذ الصغر، و تمكنت في وقت وجيز أن تصنع اسما متميزا في هذا المجال من خلال تألقها و خطفها الأضواء في عدة معارض و تظاهرات ثقافية، و في السياق تروي لنا المبدعة “كنزة حدو” في هذا الحوار قصة بداياتها و محتوى أعمالها و مشاركاتها في النشاطات و كذا مشاريعها و طموحاتها المستقبلية.
حاورها:أحسن مرزوق
عرفي بنفسك للقراء؟
أنا حدو كنزة، فنانة تشكيلية شابة من ولاية البويرة، بدأت رحلتي مع الريشة منذ نعومة أظافري، عندما كنت في سن الخامسة، الفن بالنسبة لي ليس مجرد هواية، بل هو وسيلة للتعبير عن ذاتي واستكشاف العالم من حولي.
أحمل في قلبي حباً كبيراً للثقافة الجزائرية، و أعمل على إبرازها من خلال لوحاتي، و أؤمن بأن الفن يمكنه أن يغيّر نظرة الإنسان للحياة، وأن يمنح الآخرين لحظات من التأمل والراحة.
درست الهندسة المعمارية، مما أضاف بعداً تقنياً وجمالياً إلى رؤيتي الفنية. أرسم بكل حب وشغف، وأسعى دائماً لتطوير نفسي والانفتاح على تجارب و أساليب جديدة.
متى بدأت قصتك مع الريشة؟
بدأت القصة حين أمسكت أول مرة بقلم تلوين ونسخت صورة من كتاب القراءة، كانت لمزارع يقف وسط حديقة. شعرت وقتها أنني أملك عالماً خاصاً بي، أستطيع تشكيله بالألوان والخطوط.
كل لون كنت أختاره كان يعكس شعوراً داخلياً، حتى دون أن أعي ذلك. تلك اللحظة البسيطة حفرت أثراً كبيراً في داخلي، وجعلتني أؤمن أن الفن يولد من التفاصيل الصغيرة.
استمررت بعدها في الرسم على دفاتري المدرسية وجدران البيت أحياناً، مما لفت انتباه عائلتي، كانت تلك البدايات المتواضعة نواة شغف كبير ينمو يوماً بعد يوم.
من ساعدك في اكتشاف موهبتك في الرسم؟
أمي، زناتي دليلة، كانت أول من لاحظ موهبتي و شجعني على تنميتها. وهي نفسها فنانة تشكيلية، فكان البيت دائماً مليئاً بالألوان واللوحات، مما ألهمني ودفعني للاستمرار.
كانت تعطيني أدواتها وأوراقها، وتشجعني على المحاولة دون خوف من الخطأ،و كانت نظرتها الفخورة وهي ترى لوحاتي الصغيرة دافعاً قوياً لي.
كما أن والدي دعمني كثيراً من الناحية النفسية والمادية، وشجعني على المشاركة في الورشات والمعارض، هذا الدعم العائلي كان حجر الأساس في بناء شخصيتي الفنية.
ماهي اللوحة الأولى التي رسمتها؟
كانت كما ذكرت، صورة لمزارع وسط حديقة، نقلتها من كتاب القراءة في القسم التحضيري. لا أنساها أبداً، لأنها كانت البداية.
رغم بساطتها، إلا أنني كنت أشعر بفخر كبير بها، واحتفظت بها لفترة طويلة، كانت تلك اللحظة الأولى التي شعرت فيها بأن لدي شيئاً خاصاً أقدمه.
مع مرور الوقت، أصبحت هذه اللوحة رمزاً لبداياتي، وأعود إليها دائماً لأتذكر من أين بدأت.
هي بمثابة البذرة التي نبت منها شغفي الكبير بعالم الفن، والذكرى التي لا تموت.
بمن تأثرت من الرسامين؟
تأثرت كثيراً بأمي أولاً، ثم بدأت أكتشف فنانين عالميين ومحليين، واستلهمت من كل واحد منهم شيئاً مختلفاً، مما ساعدني على تشكيل أسلوبي الخاص.
أعجبت بلوحات فريدا كالو لبعدها الرمزي والعاطفي، وتأملت كثيراً في أعمال كلود مونيه لما فيها من هدوء وجمال.
كما أن الفنانين الجزائريين المحليين تركوا أثراً كبيراً في، خاصة من يحاكون التراث والبيئة المحلية.
أحاول دوماً أن أستلهم دون أن أقلد، فكل فنان هو مرآة لروحه وتجربته الخاصة.
ماهي المدرسة الفنية التي تميلين لها في أعمالك؟
أنا لا أنتمي لمدرسة واحدة فقط، بل أستلهم من المدارس الانطباعية والتعبيرية والسريالية، حيث أجد الحرية في التعبير والتجريب، وهو ما يتناسب مع رؤيتي الفنية.
كل لوحة عندي هي تجربة جديدة، ومجال لاكتشاف طرق مختلفة لرؤية العالم.
أحياناً أميل للرمزية لأعبر عن قضايا عاطفية أو اجتماعية بطريقة غير مباشرة.
الفن بالنسبة لي مساحة حرة، لا أحب أن أقيد نفسي بقواعد صارمة أو أساليب ثابتة.
ماهي المواضيع التي تجسدينها عبر لوحاتك؟
أجسد في لوحاتي المرأة، الطبيعة، والهوية الثقافية، وغالباً ما أدمج الواقع بالخيال لأعبّر عن المشاعر والأفكار العميقة بطريقة رمزية وبصرية قوية.
أحب أن أعطي لكل عنصر دلالة، فكل زهرة، ظل، أو لون يحمل رسالة ضمنية.
المرأة تظهر كثيراً في رسوماتي، لأنها تمثل القوة والحنان والتحدي في آن واحد.
كما أحرص على إبراز الجمال في الأشياء البسيطة، مثل شجرة، منزل قديم، أو لمسة نور.
ماهي المعارض و التظاهرات التي شاركت فيها؟
شاركت في عدة معارض محلية داخل الجامعة، وأيام فنية ثقافية في مدينتي، كما عرضت أعمالي في تظاهرات جماعية مع فنانين شباب، وأنا أطمح للمشاركة قريباً في معارض وطنية ودولية.
هذه المشاركات منحتني ثقة أكبر، وعرّفتني على جمهور متنوع وآراء مختلفة.
كما أتاحت لي فرصة التعرف على فنانين آخرين وتبادل الخبرات معهم، مما أثرى تجربتي.
الاحتكاك بالوسط الفني هو ما يساعد الفنان على النمو، وتوسيع آفاقه الفنية والشخصية.
بماذا تنصحين أصحاب المواهب في مجالك؟
أنصح كل صاحب موهبة أن لا يتردد، وأن يثق بنفسه. الفن يحتاج إلى الصبر، المثابرة، والتجربة المستمرة. لا تخافوا من الخطأ، فكل لوحة تحمل درساً جديداً.
الموهبة وحدها لا تكفي، بل يجب العمل والاجتهاد والتعلم الدائم.
اقرأوا، سافروا، راقبوا العالم من حولكم، واستلهموا من الحياة نفسها.
واحيطوا أنفسكم بأشخاص إيجابيين يدعمونكم، فالدعم المعنوي يصنع فرقاً كبيراً.
ماهي مشاريعك و طموحاتك المستقبلية؟
أطمح لافتتاح مرسم خاص بي أستقبل فيه المواهب الصاعدة، وأعمل على تنظيم ورشات فنية للأطفال والشباب. كما أسعى للمشاركة في معارض دولية وتمثيل فني بلدي في الخارج.
أريد أن أدمج بين الفن والتعليم، وأن أجعل من الفن وسيلة لتطوير الحس الإبداعي لدى الجيل الجديد.
كما أحلم بإطلاق مجموعة لوحات مستوحاة من التراث الجزائري بطريقة عصرية.
الطموحات كثيرة، وكل يوم يحمل لي فكرة جديدة أطمح لتحقيقها.
كلمتك الأخيرة؟
الفن هو لغة عالمية، لا تحتاج إلى ترجمة. أرسم لأعيش، ولأُحيي الأحاسيس التي قد تُنسى في زحمة الحياة. أشكر كل من آمن بي ودعمني، وأعدكم أن القادم سيكون أجمل.
كونوا أوفياء لشغفكم، فالحياة لا تُعاش إلا حين نمنحها جزءاً من روحنا.
وأقول لكل من يقرأني الآن: دع صوتك الداخلي يرشدك، ودع الفن يكون رسالتك.
سأواصل الرسم ما دام في القلب نبض، وما دام الحلم ينبض في روحي.