الكاراكو الجزائري تحت أضواء باريس.. استلهام فني أم استحواذ ثقافي؟

 خطف الزي الجزائري التقليدي “الكاراكو” الأضواء خلال عرض أزياء دار “سكياباريلي” العالمية، ضمن فعاليات أسبوع باريس للخياطة الراقية – “هوت كوتور”. وقد أثار هذا الحضور المفاجئ والمكثف لروح الكاراكو في مجموعة شتوية معاصرة، جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية والثقافية، بين الإعجاب بالفخامة المستوحاة من التراث، وبين التحفظ إزاء ما يعتبره البعض “استحواذاً ثقافياً” دون نسب […] The post الكاراكو الجزائري تحت أضواء باريس.. استلهام فني أم استحواذ ثقافي؟ appeared first on الجزائر الجديدة.

يوليو 9, 2025 - 12:08
 0
الكاراكو الجزائري تحت أضواء باريس.. استلهام فني أم استحواذ ثقافي؟

 خطف الزي الجزائري التقليدي “الكاراكو” الأضواء خلال عرض أزياء دار “سكياباريلي” العالمية، ضمن فعاليات أسبوع باريس للخياطة الراقية – “هوت كوتور”. وقد أثار هذا الحضور المفاجئ والمكثف لروح الكاراكو في مجموعة شتوية معاصرة، جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية والثقافية، بين الإعجاب بالفخامة المستوحاة من التراث، وبين التحفظ إزاء ما يعتبره البعض “استحواذاً ثقافياً” دون نسب واضح للأصل.

يُعد الكاراكو من أكثر الأزياء النسائية الجزائرية تميزاً، فهو يعكس الهوية الحضرية العريقة لمدينة الجزائر، وقد نشأ خلال العهد العثماني وتطوّر عبر القرون ليصبح رمزاً للأناقة والرقي. يتميز بتطريزاته الذهبية المعقدة، ونسيجه الفاخر، وقصّاته الملكية التي تمنحه طابعاً فخماً لا لبس فيه.

وبينما ظل الكاراكو يحتل مكانة خاصة في المناسبات الجزائرية التقليدية، لم يكن كثيرون يتوقعون أن يجد طريقه إلى منصات الموضة العالمية، لا سيما تحت راية دار أزياء شهيرة مثل “سكياباريلي”.

في عرضه الموسوم “عودة إلى المستقبل”، قام دانيال روزبيري، المدير الإبداعي للدار، بإدخال عناصر مستوحاة بشكل واضح من الكاراكو الجزائري ضمن تصاميمه. ظهر ذلك في القصّات، الأقمشة، والزخارف التي ذكّرت المتابعين مباشرة بالزي الجزائري، مع لمسة عصرية طوّعتها الدار لتنسجم مع رؤيتها المستقبلية.

روزبيري تحدث في فيديو نشرته الدار على صفحتها الرسمية قائلاً إن هذه المجموعة تمثل محاولة للهروب من بساطة الحداثة، عبر الارتماء في الماضي بطريقة غير مألوفة، تعيد تدوير العناصر التقليدية دون أن تفقدها سحرها أو عمقها.

رغم جمال التصاميم وقوة الحضور، يطرح هذا العرض سؤالاً مهماً: هل يكفي الإعجاب بثقافة ما لتبني عناصرها دون الإشارة إليها بوضوح؟ فبينما تحدثت بعض المنصات الإعلامية عن “التأثيرات الجزائرية”، لم يصدر عن “سكياباريلي” أي تصريح مباشر يُقرّ بأصل الإلهام أو يذكر “الكاراكو” أو “الجزائر” بالاسم.

هذا الغياب يفتح الباب أمام نقاش واسع حول الاستحواذ الثقافي (Cultural Appropriation)، لا سيما عندما تُستخدم رموز ثقافية راسخة من دول الجنوب في سياقات تجارية غربية، دون احترام أو إشارة إلى مصدرها الأصلي.

لا يمكن إنكار أن هذا الظهور يمنح الكاراكو والعناصر الجزائرية دفعة قوية نحو العالمية، ما قد يسهم في إعادة الاهتمام بالزي التقليدي وتطويره بطريقة إبداعية محلية. لكنه، في الوقت ذاته، يُحذر من مخاطر فقدان الهوية والملكية الثقافية إذا لم تُصاحب هذه التحولات بوعي جماعي واعتراف واضح بالمنابع الثقافية.

إن ظهور الكاراكو الجزائري في منصات الموضة العالمية يثبت أن التراث الجزائري غني وعالمي بامتياز. لكن من المهم أن ترافق هذه النجاحات رواية واضحة تُعيد الفضل لأهله، وتحفظ للثقافات جذورها وكرامتها. فبين الإلهام والاستحواذ، خيط رفيع لا بد من التوقف عنده، احتراما للتاريخ… ووفاءً للهوية.

The post الكاراكو الجزائري تحت أضواء باريس.. استلهام فني أم استحواذ ثقافي؟ appeared first on الجزائر الجديدة.