المجاهد بن عيسى محمد يحكي عن نضاله بالأبيض سيدي الشيخ .."الشعب توحد لإنجاح الثورة التحريرية وحقق الاستقلال الذي ننعم به اليوم"

الذاكرة: الذكرى المزدوجة للهجوم على الشمال القسنطيني 1955 ومؤتمر الصومام 1956.. منعطفا هاما في مسار ثورة نوفمبر، وبهذه المناسبة زارت الجمهورية المجاهد بن عيسى محمد في بيته بالحي الغربي بالأبيض سيدي الشيخ، استقبلنا الشيخ صاحب الـ 92 سنة من العمر، بصدر رحب وفتح لنا صدره، ليسرد جانبا من نضاله الطويل ودعمه للثورة التحريرية رفقة عائلته وقبيلته، ذلك أنه بحكم تقدمه في السن والنسيان، لم يتمكن سوى من استرجاع بعض الأحداث التي عاشها وعايشها ولا يزال يحتفظ بها. ومما تذكر، تحدث لنا المجاهد بن عيسى محمد بمرارة على التعذيب الذي تعرض له من قبل الجنود الفرنسيين بسجن عين الصفراء ومنطقة البنود والخنفوسي، ولا ينسى ما اقترفه المستدمر الفرنسي بهذه الأرض الطاهرة من جرائم ضد الانسانية مهما طال الزمن، مرددا "الحمد لله ما بقاش الاستعمار في بلادنا وتحيا الجزائر حرة مستقلة والله يرحم الشهداء ويحفظ البلاد". وقد تزامنت زيارتنا له مع عودة الشيخ من البقاع المقدسة بعد أدائه مناسك عمرة.. فقد ولد المجاهد بن عيسى محمد في سنة 1933 بالأبيض سيدي الشيخ، التحق بالثورة على مستوى منطقة "كاف الفقرة" بالبنود، كان مسبلا ومكلفا بنقل المؤونة والرسائل من الأبيض سيدي الشيخ إلى مركز الثورة بمنطقة "مشاقين" ومراكز أخرى، وظل يموّن الثوار بالمواد الغذائية من تمور وسميد وزيت وسمن وسجائر وملابس وغيرها، حيث كان ينقلها على متن الإبل، في مهمة صعبة في ظل تواجد مكثف لقوات المستدمر وانتشارها بالمنطقة، ونظرا لخطورة تحركات المجاهد بن عيسى محمد بالمناطق التي كان ينشط فيها، وهي الأبيض سيدي الشيخ، البنود، الخنفوسي، ضواحي عين الصفراء، مركز مشاقين وغيرها، فقد ألقي القبض عليه 7 مرات وكان يخلى سبيله بعد فترة، لكنه يتذكر في المرة الأولى عندما قبض عليه، وتم نقله إلى محتشد التعذيب بالخنفوسي في أقصى جنوب صحراء البنود، ثم حوّل إلى سجن عين الصفراء "السيلون"، أين بقي حوالي 8 أشهر، وتعرض إلى أبشع أساليب وطرق التعذيب.. بالكهرباء والضرب المبرح وتكبيل اليدين، من أجل أن يشي بمعلومات عن المجاهدين الذين كانوا يشكلون خطرا على تحركات القوات الفرنسية بالمنطقة. ويقول محدثنا في هذا الصدد، بأنه لم يبح بأي معلومة ولا سر عن الثورة، ليستغله جنود العدو في الأعمال الشاقة حين تم أسره، وكانوا يحملون على ظهره جهاز اتصال ثقيل، ويجوبون به الجبال والشعاب في ظروف صعبة محفوفة بالمخاطر، وعندما كان سراحه. كما أكد الشيخ بأنه خلال بقائه في سجن عين الصفراء يصاب بالإرهاق والتعب، يُركل ويُنكل به، ثم يطلق أن عائلته دفعت برصيد من الشهداء الذين ارتقوا في عدة اشتباكات ومعارك في المناطق المذكورة، وكذلك تحدث عن رفقائه أيام الثورة التحريرية، لكنه نظرا لتقدمه في السن، فإنه نسي أسماء معظم هؤلاء الأحياء منهم والأموات، بينما لم ينس أبدا ما سلّطته عليهم قوات المستدمر من تنكيل وحرق للممتلكات وقتل الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ. ويتذكر الشيخ التسعيني حادثة القبض عليه للمرة الأخيرة في نضاله الثوري من قبل جيش الاستعمار في بداية سنة 1960 رفقة حوالي 50 شخصا بضواحي البنود، حيث يقول أنهم حوصروا وسلطت عليهم القوات أبشع أساليب التعذيب بلا شفقة ولا رحمة من أجل البحث عن الثوار، والحصول على معلومات عن تحركاتهم. كما لا ينسى حادثة القبض على جندي فرنسي، قام هو بضربه وأسقطه أرضا ثم استولى على سلاحه، لكنه سقط أسيرا بعدها من طرف حشود هائلة من العسكر الفرنسي، قال أنها حاصرته بالمنطقة وانهال عليه أحد الجنود بالضرب، وأصيب على إثرها بكسر في الضلع الأيسر من ظهره، وهو لا يزال يعاني من أثر تلك الضربة إلى اليوم، وبسببها أصبح عاجزا عن المشي، فيما دعا في الختام الشباب بالتمسك بعهد الشهداء، والمساهمة في البناء والتشييد والحفاظ على الوحدة الوطنية، مرددا "المجد والخلود لشهدائنا الأبرار وتحيا الجزائر". ، نقلته القوات الفرنسية إلى منطقة القنجاية، أين وقعت معركة في سنة 1957 لا يتذكر سوى بعض أحداثها.. حيث قال أن الجنود الفرنسيين كانوا يحملون على ظهره أمتعتهم الثقيلة وهو أسير لديهم ومكبل اليدين، ثم دوت أصوات القصف على الساعة الواحد ظهرا، وسقط حوالي 30 شخصا بين جنود ومواطنين أبرياء في عدوان استعملت فيها قوات المستعمر 8 طائرات من نوع "الصفيرات" و26 "لمورال"، كما أطلقت الرصاص عشوائيا بوادي القنجاية، وشاهد جنديا فرنسيا مصابا برصاصة على مستوى الرقبة. كذلك يقول محدثنا أنه بغض النظر عما حققه المجاهدون من انتصارات في تلك المعركة التي وقعت بضواحي حمام ورقة، هذه المنطقة التي لا يزال يتذكرها وهي المعروفة باسم القنجاية، يضيف أنه وبعد إطلاق سراحه، عاد من جديد لمواصلة مهمته في نقل المواد الغذائية والرسائل وتدعيم الثورة بكل الإمكانات التي كان يجمعها السكان لخدمة منطقة الأبيض سيدي الشيخ.

أغسطس 20, 2025 - 15:55
 0
المجاهد  بن عيسى محمد يحكي عن نضاله بالأبيض سيدي الشيخ   .."الشعب توحد لإنجاح الثورة التحريرية وحقق الاستقلال الذي ننعم به اليوم"
الذاكرة:
الذكرى المزدوجة للهجوم على الشمال القسنطيني 1955 ومؤتمر الصومام 1956.. منعطفا هاما في مسار ثورة نوفمبر، وبهذه المناسبة زارت الجمهورية المجاهد بن عيسى محمد في بيته بالحي الغربي بالأبيض سيدي الشيخ، استقبلنا الشيخ صاحب الـ 92 سنة من العمر، بصدر رحب وفتح لنا صدره، ليسرد جانبا من نضاله الطويل ودعمه للثورة التحريرية رفقة عائلته وقبيلته، ذلك أنه بحكم تقدمه في السن والنسيان، لم يتمكن سوى من استرجاع بعض الأحداث التي عاشها وعايشها ولا يزال يحتفظ بها. ومما تذكر، تحدث لنا المجاهد بن عيسى محمد بمرارة على التعذيب الذي تعرض له من قبل الجنود الفرنسيين بسجن عين الصفراء ومنطقة البنود والخنفوسي، ولا ينسى ما اقترفه المستدمر الفرنسي بهذه الأرض الطاهرة من جرائم ضد الانسانية مهما طال الزمن، مرددا "الحمد لله ما بقاش الاستعمار في بلادنا وتحيا الجزائر حرة مستقلة والله يرحم الشهداء ويحفظ البلاد". وقد تزامنت زيارتنا له مع عودة الشيخ من البقاع المقدسة بعد أدائه مناسك عمرة.. فقد ولد المجاهد بن عيسى محمد في سنة 1933 بالأبيض سيدي الشيخ، التحق بالثورة على مستوى منطقة "كاف الفقرة" بالبنود، كان مسبلا ومكلفا بنقل المؤونة والرسائل من الأبيض سيدي الشيخ إلى مركز الثورة بمنطقة "مشاقين" ومراكز أخرى، وظل يموّن الثوار بالمواد الغذائية من تمور وسميد وزيت وسمن وسجائر وملابس وغيرها، حيث كان ينقلها على متن الإبل، في مهمة صعبة في ظل تواجد مكثف لقوات المستدمر وانتشارها بالمنطقة، ونظرا لخطورة تحركات المجاهد بن عيسى محمد بالمناطق التي كان ينشط فيها، وهي الأبيض سيدي الشيخ، البنود، الخنفوسي، ضواحي عين الصفراء، مركز مشاقين وغيرها، فقد ألقي القبض عليه 7 مرات وكان يخلى سبيله بعد فترة، لكنه يتذكر في المرة الأولى عندما قبض عليه، وتم نقله إلى محتشد التعذيب بالخنفوسي في أقصى جنوب صحراء البنود، ثم حوّل إلى سجن عين الصفراء "السيلون"، أين بقي حوالي 8 أشهر، وتعرض إلى أبشع أساليب وطرق التعذيب.. بالكهرباء والضرب المبرح وتكبيل اليدين، من أجل أن يشي بمعلومات عن المجاهدين الذين كانوا يشكلون خطرا على تحركات القوات الفرنسية بالمنطقة. ويقول محدثنا في هذا الصدد، بأنه لم يبح بأي معلومة ولا سر عن الثورة، ليستغله جنود العدو في الأعمال الشاقة حين تم أسره، وكانوا يحملون على ظهره جهاز اتصال ثقيل، ويجوبون به الجبال والشعاب في ظروف صعبة محفوفة بالمخاطر، وعندما كان سراحه. كما أكد الشيخ بأنه خلال بقائه في سجن عين الصفراء يصاب بالإرهاق والتعب، يُركل ويُنكل به، ثم يطلق أن عائلته دفعت برصيد من الشهداء الذين ارتقوا في عدة اشتباكات ومعارك في المناطق المذكورة، وكذلك تحدث عن رفقائه أيام الثورة التحريرية، لكنه نظرا لتقدمه في السن، فإنه نسي أسماء معظم هؤلاء الأحياء منهم والأموات، بينما لم ينس أبدا ما سلّطته عليهم قوات المستدمر من تنكيل وحرق للممتلكات وقتل الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ. ويتذكر الشيخ التسعيني حادثة القبض عليه للمرة الأخيرة في نضاله الثوري من قبل جيش الاستعمار في بداية سنة 1960 رفقة حوالي 50 شخصا بضواحي البنود، حيث يقول أنهم حوصروا وسلطت عليهم القوات أبشع أساليب التعذيب بلا شفقة ولا رحمة من أجل البحث عن الثوار، والحصول على معلومات عن تحركاتهم. كما لا ينسى حادثة القبض على جندي فرنسي، قام هو بضربه وأسقطه أرضا ثم استولى على سلاحه، لكنه سقط أسيرا بعدها من طرف حشود هائلة من العسكر الفرنسي، قال أنها حاصرته بالمنطقة وانهال عليه أحد الجنود بالضرب، وأصيب على إثرها بكسر في الضلع الأيسر من ظهره، وهو لا يزال يعاني من أثر تلك الضربة إلى اليوم، وبسببها أصبح عاجزا عن المشي، فيما دعا في الختام الشباب بالتمسك بعهد الشهداء، والمساهمة في البناء والتشييد والحفاظ على الوحدة الوطنية، مرددا "المجد والخلود لشهدائنا الأبرار وتحيا الجزائر". ، نقلته القوات الفرنسية إلى منطقة القنجاية، أين وقعت معركة في سنة 1957 لا يتذكر سوى بعض أحداثها.. حيث قال أن الجنود الفرنسيين كانوا يحملون على ظهره أمتعتهم الثقيلة وهو أسير لديهم ومكبل اليدين، ثم دوت أصوات القصف على الساعة الواحد ظهرا، وسقط حوالي 30 شخصا بين جنود ومواطنين أبرياء في عدوان استعملت فيها قوات المستعمر 8 طائرات من نوع "الصفيرات" و26 "لمورال"، كما أطلقت الرصاص عشوائيا بوادي القنجاية، وشاهد جنديا فرنسيا مصابا برصاصة على مستوى الرقبة. كذلك يقول محدثنا أنه بغض النظر عما حققه المجاهدون من انتصارات في تلك المعركة التي وقعت بضواحي حمام ورقة، هذه المنطقة التي لا يزال يتذكرها وهي المعروفة باسم القنجاية، يضيف أنه وبعد إطلاق سراحه، عاد من جديد لمواصلة مهمته في نقل المواد الغذائية والرسائل وتدعيم الثورة بكل الإمكانات التي كان يجمعها السكان لخدمة منطقة الأبيض سيدي الشيخ.
المجاهد  بن عيسى محمد يحكي عن نضاله بالأبيض سيدي الشيخ   ..