المغرب: أزمات بنيوية تغذي الاحتجاجات الشبابية وتسقط المناورات المخزنية
تواصل غضب الشارع المغربي المعبر عن تراكمات أزمات بنيوية وسنوات من الخنق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغياب العدالة في توزيع الثروة والفرص, واضعا حدا للمناورات البائسة التي تعودت حكومة المخزن انتهاجها بادعاء استعدادها فتح باب الحوار, ومطالبا بتفعيل الدستور وربط المسؤولية بالمحاسبة. وجدد الشباب احتجاجاته, أمس الخميس, لتصدح أصواته عاليا رافضا أي حوار مع حكومة المخزن, …

تواصل غضب الشارع المغربي المعبر عن تراكمات أزمات بنيوية وسنوات من الخنق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغياب العدالة في توزيع الثروة والفرص, واضعا حدا للمناورات البائسة التي تعودت حكومة المخزن انتهاجها بادعاء استعدادها فتح باب الحوار, ومطالبا بتفعيل الدستور وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وجدد الشباب احتجاجاته, أمس الخميس, لتصدح أصواته عاليا رافضا أي حوار مع حكومة المخزن, التي حاولت المناورة وأعلنت -ظاهريا- عن نيتها فتح حوار مع الشباب, كون -الباطن- يهدف إلى إخماد شرارة الاحتجاج, وتمييع المطالب بقطع جملة من الوعود الزائفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع, لتركب قطار مصالحها بعيدا عن ضجيج الشباب الذي أنهكته الفوارق الاجتماعية وهضم حقوقه وثراء أصحاب المال الفاسد على حسابه.
ورفعت الحركة الشبابية وثيقة مطالبها التي جاء فيها أن المجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط والهيئة الوطنية للنزاهة وثق “فشلا منهجيا وشاملا” لحكومة المخزن في كل القطاعات الحيوية, أي أنها فشلت في الوفاء بالتزاماتها الدستورية المنصوص عليها في الفصل 31, والدستور ينص في فصله الأول على مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”, الأمر الذي يؤكد أن أعلى درجات المحاسبة السياسية هي أن تتحمل حكومة المخزن مسؤوليتها الكاملة وترحل.
كما طالبت الحركة الشبابية بإطلاق السراح الفوري لكل معتقلي الرأي والشباب المعتقلين على خلفية مشاركتهم في التظاهرات السلمية, لأن حرية التعبير ليست جريمة, إضافة إلى بناء دولة الرفاه وتكافؤ الفرص وإصلاح حكامة القطاع الصحي ووضع ميثاق وطني لإصلاح التعليم العالي يكون مستقرا ومحددا زمنيا لإصلاح التعليم العالي, وقائما على حوار وطني شامل.
وشددت على ضرورة إعادة توجيه استراتيجي للاقتصاد وإصلاح سوق الشغل, مع العمل على محاربة الفساد وإرساء الشفافية, من خلال تمكين هيئات الرقابة عبر ضمان الاستقلالية السياسية والمالية الكاملة للهيئة الوطنية للنزاهة والمجلس الأعلى للحسابات, وشفافية الصفقات العمومية ما يغلق كل منافذ المحسوبية والزبونية, إضافة إلى استقلالية القضاء وتفعيل المحاسبة و نظام التصريح الإجباري بالممتلكات ليشمل جميع كبار المسؤولين في المخزن.
وعاشت العديد من مدن المملكة أمس على وقع تصعيد اللهجة خلال الاحتجاجات والتأكيد على أن الأمر يتجاوز المطالب الاجتماعية إلى الانتفاض ضد الاختلال القائم في السيادة الوطنية, منذ أن استباح الكيان الصهيوني أرض المغرب بمباركة من نظام المخزن.
وشهدت ساحة مارشال, بالدار البيضاء, مظاهرات حيث رفعت مطالب بالعدالة الاجتماعية وأخرى برحيل رئيس حكومة المخزن, عزيز أخنوش, مع الدعوة إلى مقاطعة منتجات شركاته, ومحاربة أصحاب المال الفساد ومحاسبة المسؤولين, وصولا إلى دعوات لاستعادة القرار الوطني من قبضة الخارج والفساد الداخلي.
كما غضت الساحة المقابلة لمقر البرلمان بمدينة الرباط, هي الأخرى, بمئات المحتجين, الذين رفعوا شعارات تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والإفراج عن المعتقلين ومحاربة الفساد وإسقاط حكومة المخزن, التي هي في نهاية ولايتها, يتأهب أعضاؤها للاستحقاقات المقبلة, رغم فشلهم فشلا ذريعا في كافة القطاعات الحيوية واكتفائهم بالاغتناء على حساب الشعب, ليتقاطع الشعور بالإهانة الداخلية مع المهانة الخارجية .
وكان المئات من أبناء مدينة طنجة, بساحة سور المعكازين, في الموعد, رافعين شعارات مناهضة للسلطة المخزنية التنفيذية, مؤكدين على مطلب إسقاط حكومة المخزن, وحملوها مسؤولية الاختلالات في قطاعي الصحة والتعليم, وفي وقت طالبوا بالخدمات الاجتماعية و نادوا بالتفعيل الفعلي للحق في السكن والتعليم اللائق, منتقدين غلاء الأسعار والمساس بالقدرة الشرائية للفقراء من سكان المدينة, محتجين على خلل بنيوي عميق في سياسات المخزن.
وتماشيا مع الحركة الاحتجاجية السلمية, أعلنت مجموعة من خريجي كليات القانون بالمغرب, في بيان لها, عن تأسيس “التنسيقية الوطنية لطلبة القانون المعطلين”, لافتة إلى أن هذا الإطار -الأول من نوعه- يأتي استجابة لمعاناة طويلة عاشها خريجو وطلبة القانون أمام واقع البطالة والتهميش, ورفضا للسياسة الاقصائية التي تطالهم, وإيمانا بضرورة توحيد الصفوف للدفاع عن كرامتهم وحقهم المشروع في ولوج سوق الشغل بكرامة ومساواة, إضافة إلى حقهم في العدالة الاجتماعية.
ومن باب شهد شاهد من أهلها, اعترفت حكومة المخزن على لسان الناطق الرسمي باسمها مصطفى بيتاس, بضعف النتائج المحققة في دعم السكن في صيغته الجديدة, حيث لم تتجاوز نسبة المستفي
دين 34 في المئة من مجموع الأشخاص الذين تقدموا بطلبات الحصول على هذا الدعم, وأنه وإلى غاية اليوم تم التوصل ب198 ألفا و64 طلبا, لكن عدد المستفيدين لم يتجاوز 66 ألفا و305 أشخاص إلى غاية نهاية سبتمبر المنصرم.
وجدير بالذكر أنه إضافة إلى ضعف نسبة المستفيدين, توجه العديد من الانتقادات إلى الدعم في صيغته الحالية التي جاءت بها حكومة المخزن, وعلى رأسها ارتفاع أسعار المساكن المعنية بالدعم بشكل يتجاوز حتى مبلغ الدعم الممنوح, مما يفرغه من قيمته.