اليوم الدولي لحفظة السلام : تحديات و آفاق نحو حفظ سلام مستدام
الجزائر - يحتفل العالم غدا الخميس باليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة, وذلك تكريما لجهودهم في دعم الأمن والإستقرار في مناطق النزاع, في وقت يشهد فيه العالم تحولات عميقة وتحديات متزايدة أمام عمليات حفظ السلام التقليدية, الى جانب مهام جديدة تفرضها التغيرات التي يعرفها العالم. ويسلط الاحتفال باليوم الدولي لحفظة السلام, الذي يصادف ال29 مايو من كل عام, الضوء على الإسهامات الجليلة التي قدمها حفظة السلام من عسكريين وشرطيين ومدنيين خلال العقود الثمانية الماضية, مجسدين روح التقدم والتعاون لبناء عالم أكثر عدلا ومساواة واستدامة. ويعد هذا اليوم مناسبة لتكريم خدمتهم وتضحياتهم المستمرة, وللإشادة بصمود المجتمعات التي يساندونها. كما يكرم هذا اليوم رسميا أرواح أكثر من 4400 من حفظة السلام الذين ضحوا بحياتهم في سبيل السلام, بما في ذلك 57 فردا خلال عام 2024 وحده. ويأتي احتفال هذا العام في ظل الحاجة المتزايدة لإعادة النظر في آليات حفظ السلام, وتكييفها مع التغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية والبيئية. وحسب الأمم المتحدة, لم يعد حفظ السلام مجرد وجود عسكري محايد, أو الفصل بين الأطراف المتنازعة فقط, بل أصبح يتطلب مقاربات أكثر تكاملا تشمل دعم الحكم الرشيد, حماية حقوق الإنسان, حماية الفئات الهشة من المدنيين, المساواة بين الجنسين, دعم سيادة القانون, ومواجهة التهديدات الناشئة مثل الإرهاب والتغير المناخي. فعلى مدار ما يقارب الثمانين عاما, أسهمت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إحداث فرق حقيقي داخل المجتمعات حول العالم. من ليبيريا وناميبيا إلى كمبوديا وسيراليون وتيمور الشرقية, كان لحضورهم أثر حاسم, حيث لعبوا دورا محوريا في إنقاذ الأرواح وتحقيق التحول في أكثر البيئات السياسية والأمنية هشاشة, وقادوا تلك الدول في رحلتها من الصراع نحو السلام المستدام. ومنذ انطلاق أول بعثة لحفظ السلام عام 1948, شارك أكثر من مليوني فرد من 125 دولة في مهام الأمم المتحدة, مقدمين الدعم الأمني والإنساني والسياسي في مناطق مزقتها الحروب والصراعات. حاليا, يشارك أكثر من 61000 جندي و شرطي من حفظة السلام من 119 دولة و أكثر من 7 آلاف موظف مدني في 11 بعثة لحفظ السلام. وكان الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, قد وصف مؤخرا قوات حفظ السلام الأممية بأنها "حجر الزاوية" للأمم المتحدة, مؤكدا أهمية دعم الدول الأعضاء السياسي لهذه العمليات "أكثر من أي وقت مضى". مقاربة جزائرية متكاملة لحفظ السلام : خطة تكوينية شاملة ودفاع عن حقوق الشعوب وفي إطار التحديات المتصاعدة التي تواجه عمليات حفظ السلام, أكدت الجزائر, خلال مشاركتها في المؤتمر الوزاري للأمم المتحدة حول عمليات حفظ السلام ببرلين يومي 13 و 14 مايو, التزامها بدعم فعالية هذه البعثات من خلال خطة تكوينية شاملة تستهدف مجالات حساسة. كما جددت في المحافل الدولية دعوتها لتمكين جميع بعثات حفظ السلام, دون استثناء, من آليات فعالة لمراقبة حقوق الإنسان, وذلك انطلاقا من موقف ثابت يناصر حق الشعوب في الأمن والكرامة وتقرير المصير. جاءت مشاركة الجزائر في هذا الموعد الأممي, لتجديد التأكيد على مواقفها الثابتة الداعية إلى حلول سياسية وسلمية وحرصها على دعم الجهود الإفريقية والدولية الرامية إلى استعادة الاستقرار وتعزيز السلم في المناطق المتأثرة بالنزاعات, من خلال مقاربة شاملة تعلي من شأن الوقاية وتراعي سيادة الدول. وفي هذا الصدد, أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية, المكلفة بالشؤون الإفريقية, سلمة بختة منصوري, خلال أشغال المؤتمر, أن الجزائر تلتزم بضمان تكوينات لفائدة بعثات حفظ السلام من أجل تحسين فعاليتها الميدانية, لا سيما في مجال حماية المدنيين. للإشارة, فإن المؤتمر الوزاري للأمم المتحدة حول عمليات حفظ السلام, أسفر عن التزامات ملموسة لجعل عمليات السلام أكثر فعالية وقدرة على التكيف مع التحديات العالمية المتطورة. وإلى جانب هذه الجهود, واصلت الجزائر مرافعتها داخل المحافل الدولية بخصوص ضرورة تمكين كل بعثات حفظ السلام من آليات واضحة لمراقبة حقوق الإنسان, بما يكرس العدالة والشرعية في مهامها, ويضع حدا للمعايير المزدوجة التي تعرقل أداءها في بعض المناطق الحساسة. وفي هذا السياق, طالبت الجزائر على لسان ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة, عمار بن جامع, بضرورة تزويد جميع عمليات الأمم المتحدة للسلام, دون استثناء, بتركيبة قوية خاصة بحقوق الإنسان, بهدف تحسين عملها في الميدان من خلال مراقبة الانتهاكات والتبليغ عنها, منددة بعدم تزويد بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو), إلى اليوم بعهدة متعلقة بحقوق الانسان على عكس باقي البعثات من هذا النوع. وقال الدبلوماسي الجزائري, خلال مداخلته في اجتماع لمجلس الأمن في مارس الماضي, كرس لتحسين قابلية تكييف عمليات حفظ السلام مع الوقائع الجديدة : "لقد تلقينا لعديد المرات محاضرات من قبل بعض الشركاء بشأن أهمية الرقابة وإبلاغ المعلومات حول احترام حقوق الإنسان, وضرورة احترام القانون الدولي بما فيه القانون الإنساني الدولي, لكن الغريب في الأمر, فيما يتعلق بالمينورسو, دهشنا لصمتهم بل معارضتهم". وشدد على التزام الجزائر بدعم عمل عمليات حفظ السلام, من خلال وضع خبرتها في مجال الحفاظ على السلم والأمن الدوليين تحت تصرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي, موضحا أن الجزائر تعتبر النقاش حول مستقبل البعثات الأممية وقدرتها على التكيف, "قضية مهمة بالنسبة للمجلس وللمجتمع الدولي, لا سيما في سياق تواجه فيه عمليات الأمم المتحدة للسلام تحديات كبيرة".


الجزائر - يحتفل العالم غدا الخميس باليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة, وذلك تكريما لجهودهم في دعم الأمن والإستقرار في مناطق النزاع, في وقت يشهد فيه العالم تحولات عميقة وتحديات متزايدة أمام عمليات حفظ السلام التقليدية, الى جانب مهام جديدة تفرضها التغيرات التي يعرفها العالم.
ويسلط الاحتفال باليوم الدولي لحفظة السلام, الذي يصادف ال29 مايو من كل عام, الضوء على الإسهامات الجليلة التي قدمها حفظة السلام من عسكريين وشرطيين ومدنيين خلال العقود الثمانية الماضية, مجسدين روح التقدم والتعاون لبناء عالم أكثر عدلا ومساواة واستدامة.
ويعد هذا اليوم مناسبة لتكريم خدمتهم وتضحياتهم المستمرة, وللإشادة بصمود المجتمعات التي يساندونها. كما يكرم هذا اليوم رسميا أرواح أكثر من 4400 من حفظة السلام الذين ضحوا بحياتهم في سبيل السلام, بما في ذلك 57 فردا خلال عام 2024 وحده.
ويأتي احتفال هذا العام في ظل الحاجة المتزايدة لإعادة النظر في آليات حفظ السلام, وتكييفها مع التغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية والبيئية.
وحسب الأمم المتحدة, لم يعد حفظ السلام مجرد وجود عسكري محايد, أو الفصل بين الأطراف المتنازعة فقط, بل أصبح يتطلب مقاربات أكثر تكاملا تشمل دعم الحكم الرشيد, حماية حقوق الإنسان, حماية الفئات الهشة من المدنيين, المساواة بين الجنسين, دعم سيادة القانون, ومواجهة التهديدات الناشئة مثل الإرهاب والتغير المناخي.
فعلى مدار ما يقارب الثمانين عاما, أسهمت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إحداث فرق حقيقي داخل المجتمعات حول العالم. من ليبيريا وناميبيا إلى كمبوديا وسيراليون وتيمور الشرقية, كان لحضورهم أثر حاسم, حيث لعبوا دورا محوريا في إنقاذ الأرواح وتحقيق التحول في أكثر البيئات السياسية والأمنية هشاشة, وقادوا تلك الدول في رحلتها من الصراع نحو السلام المستدام.
ومنذ انطلاق أول بعثة لحفظ السلام عام 1948, شارك أكثر من مليوني فرد من 125 دولة في مهام الأمم المتحدة, مقدمين الدعم الأمني والإنساني والسياسي في مناطق مزقتها الحروب والصراعات.
حاليا, يشارك أكثر من 61000 جندي و شرطي من حفظة السلام من 119 دولة و أكثر من 7 آلاف موظف مدني في 11 بعثة لحفظ السلام.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, قد وصف مؤخرا قوات حفظ السلام الأممية بأنها "حجر الزاوية" للأمم المتحدة, مؤكدا أهمية دعم الدول الأعضاء السياسي لهذه العمليات "أكثر من أي وقت مضى".
مقاربة جزائرية متكاملة لحفظ السلام : خطة تكوينية شاملة ودفاع عن حقوق الشعوب
وفي إطار التحديات المتصاعدة التي تواجه عمليات حفظ السلام, أكدت الجزائر, خلال مشاركتها في المؤتمر الوزاري للأمم المتحدة حول عمليات حفظ السلام ببرلين يومي 13 و 14 مايو, التزامها بدعم فعالية هذه البعثات من خلال خطة تكوينية شاملة تستهدف مجالات حساسة. كما جددت في المحافل الدولية دعوتها لتمكين جميع بعثات حفظ السلام, دون استثناء, من آليات فعالة لمراقبة حقوق الإنسان, وذلك انطلاقا من موقف ثابت يناصر حق الشعوب في الأمن والكرامة وتقرير المصير.
جاءت مشاركة الجزائر في هذا الموعد الأممي, لتجديد التأكيد على مواقفها الثابتة الداعية إلى حلول سياسية وسلمية وحرصها على دعم الجهود الإفريقية والدولية الرامية إلى استعادة الاستقرار وتعزيز السلم في المناطق المتأثرة بالنزاعات, من خلال مقاربة شاملة تعلي من شأن الوقاية وتراعي سيادة الدول.
وفي هذا الصدد, أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية, المكلفة بالشؤون الإفريقية, سلمة بختة منصوري, خلال أشغال المؤتمر, أن الجزائر تلتزم بضمان تكوينات لفائدة بعثات حفظ السلام من أجل تحسين فعاليتها الميدانية, لا سيما في مجال حماية المدنيين.
للإشارة, فإن المؤتمر الوزاري للأمم المتحدة حول عمليات حفظ السلام, أسفر عن التزامات ملموسة لجعل عمليات السلام أكثر فعالية وقدرة على التكيف مع التحديات العالمية المتطورة.
وإلى جانب هذه الجهود, واصلت الجزائر مرافعتها داخل المحافل الدولية بخصوص
ضرورة تمكين كل بعثات حفظ السلام من آليات واضحة لمراقبة حقوق الإنسان, بما يكرس العدالة والشرعية في مهامها, ويضع حدا للمعايير المزدوجة التي تعرقل أداءها في بعض المناطق الحساسة.
وفي هذا السياق, طالبت الجزائر على لسان ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة, عمار بن جامع, بضرورة تزويد جميع عمليات الأمم المتحدة للسلام, دون استثناء, بتركيبة قوية خاصة بحقوق الإنسان, بهدف تحسين عملها في الميدان من خلال مراقبة الانتهاكات والتبليغ عنها, منددة بعدم تزويد بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو), إلى اليوم بعهدة متعلقة بحقوق الانسان على عكس باقي البعثات من هذا النوع.
وقال الدبلوماسي الجزائري, خلال مداخلته في اجتماع لمجلس الأمن في مارس الماضي, كرس لتحسين قابلية تكييف عمليات حفظ السلام مع الوقائع الجديدة : "لقد تلقينا لعديد المرات محاضرات من قبل بعض الشركاء بشأن أهمية الرقابة وإبلاغ المعلومات حول احترام حقوق الإنسان, وضرورة احترام القانون الدولي بما فيه القانون الإنساني الدولي, لكن الغريب في الأمر, فيما يتعلق بالمينورسو, دهشنا لصمتهم بل معارضتهم".
وشدد على التزام الجزائر بدعم عمل عمليات حفظ السلام, من خلال وضع خبرتها في مجال الحفاظ على السلم والأمن الدوليين تحت تصرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي, موضحا أن الجزائر تعتبر النقاش حول مستقبل البعثات الأممية وقدرتها على التكيف, "قضية مهمة بالنسبة للمجلس وللمجتمع الدولي, لا سيما في سياق تواجه فيه عمليات الأمم المتحدة للسلام تحديات كبيرة".