تجويع غزة فضيحة الإنسانية
أ.د حجيبة أحمد شيدخ/ يقتلنا الشعور بالعجز والخيانة ونحن نتابع على الشاشات أنواع العذاب التي يمر بها أهل غزة، لا يمكننا الهروب مما يحدث أمامنا، وإلا فقدنا معاني الأخوة الدينية والأخوة الإنسانية، التي عبر عنها كثير من الناس من غير المسلمين عبر المظاهرات والاحتجاجات ومحاولات فك الحصار. اتخذ الجبناء الصهاينة كل الطرق للقضاء على أهلنا …

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/
يقتلنا الشعور بالعجز والخيانة ونحن نتابع على الشاشات أنواع العذاب التي يمر بها أهل غزة، لا يمكننا الهروب مما يحدث أمامنا، وإلا فقدنا معاني الأخوة الدينية والأخوة الإنسانية، التي عبر عنها كثير من الناس من غير المسلمين عبر المظاهرات والاحتجاجات ومحاولات فك الحصار.
اتخذ الجبناء الصهاينة كل الطرق للقضاء على أهلنا في غزة؛ القصف المدفعي والصواريخ والروبوتات المتفجرة والقنابل …أماتوا أكثر من 60 الفا من أهل غزة، لكنهم لم يشبعوا من امتصاص الدماء. وهذا يؤكد أن ما يقوم به الصهاينة بمساندة المسيحي الأمريكي عقيدة راسخة. تريد إشباع تعطشها لدماء الأطفال والشيوخ والنساء وبناء مشروعها الكبير في الاستيلاء على أراضي المسلمين.
إن الصور التي نراها لاستهداف الجائعين، المرابطين من أجل الحصول على الطحين وقنصهم بتلك الطرق المشينة، وصراخ الأطفال والشيوخ والنساء من الجوع وأكياس الطحين والعدس الملطخة بالدماء، وبكاء أهل الشهداء الذين ارتقوا وهم يحاولون تحصيل الخبز، وصمة عار في جبين الإنسانية، والإنسان المسلم بخاصة، لأنه سيرسخ بوجدانه أنه في مثل هذا الزمن من الرفاه يوجد إخوة له يموتون جوعا، وهو يتفرج جبانا عاجزا لا يستطيع فعل شيء، سيبقى هذا الذل يؤلمنا وتتناقله الأجيال مسجلا صوتا وصورة، دالا على فشلنا في إنقاذ إخوة يستغيثون بنا، ونحن لا نملك إلا البكاء والتنديد وربما المظاهرات والدعاء، وهذه حال الإنسان الفاشل الذي استسلم للفشل، ولم يتخذ الأسباب، ولم يستوعب دروس التاريخ، ولم يعمل بسنن الله في التغيير …
ليس من السهل على الشعوب المسلمة ان تستوعب الوضع الحالي وهي ترى حكام كثير من بلاد المسلمين يلتفون حول المعتدي يساندونه بكل الوسائل ويولون ظهورهم للمعتدى عليه وهو أخوهم في الإسلام.
هل يمكن للعقل البشري أن يستوعب أنه بعدما قطعته الإنسانية من أشواط في مجال الدفاع عن الكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان، تنحدر أسفل سافلين بهذه الطريقة البشعة المفضوحة على الشاشات؟
بماذا نعالج آلامنا وعذاباتنا ونحن نشاهد إخوة لنا يقتلهم المعتدي، وحكام المسلمين لا يحركون ساكنا، بل تصلنا الأخبار أنهم أكبر الداعمين والمحرضين ضد إخوتهم. هل يعقل أن يخاف حكام المسلمين من حماس إلى هذه الدرجة؟ لقد أصبحت فوبيا حكام العرب من الإسلام أشد سوءا من فوبيا الغرب منه، هل وصل بهم التنكر للدين إلى هذه الدرجة؟
إن الحال التي وصلنا إليها من العجز وعدم القدرة على نصرة إخواننا تكشف لنا حقيقة وضعنا، فالأسلحة المكدسة عند جيوشنا عاجزة عن رد العدوان، ووجودها أصبح مسخرا لمقاومة الداخل لردع كل من يريد أن يكون معارضا. لقد أصبح الخلاص الفردي مسيطرا على الدويلات العربية؟ فاختفت مفاهيم: الجهاد والأمة، والأخوة، وحلت محلها مفاهيم: الدفاع عن الكراسي والحدود والإبراهيمية والتطبيع وإلا كيف نفسر تبلد الضمير أمام ما يحدث في غزة؟
إننا ندرك تماما بعد عجزنا أمام ما يحدث في غزة أننا بحاجة إلى التفكير في إعادة بناءعلومنا وأخلاقنا وقدراتنا، لأنه لا يوجد شيء يجعل الإنسان يتخلى عن مبادئه، ويتنازل عن حقوقه ولا يدافع عن أهله إلا الضعف أمام الآخر، ألم يكن بإمكاننا أن نأخذ ديننا بقوة، فنمتثل لأمر الله ونسخر ما حبانا به من امتيازات لنكون سادة الدنيا؟ إنه وبشهادة علماء المسلمين وغيرهم لا يوجد كتاب تحدث عن الكون مثل القرآن الكريم، ولا توجد عقيدة رسخت في أتباعها مفهوم الاستخلاف والعمارة كالعقيدة الإسلامية، فما الذي دهانا لننسى قوانين السببية وسنن الله في التغيير، ونصل إلى هذه الحال؟.