توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني و (أوندا)
وقّعت المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة( أوندا )، يوم الاثنين، اتفاقية إطار تهدف إلى تعزيز التعاون المؤسساتي لمكافحة جرائم التقليد والقرصنة التي تستهدف الإبداع الأدبي والفني، خصوصًا في البيئة الرقمية. وجرى توقيع الاتفاقية من طرف المدير العام للأمن الوطني، السيد علي بداوي، والمدير العام للديوان، السيد سمير تعالبي، بمقر الأمن […] The post توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني و (أوندا) appeared first on الجزائر الجديدة.

وقّعت المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة( أوندا )، يوم الاثنين، اتفاقية إطار تهدف إلى تعزيز التعاون المؤسساتي لمكافحة جرائم التقليد والقرصنة التي تستهدف الإبداع الأدبي والفني، خصوصًا في البيئة الرقمية.
وجرى توقيع الاتفاقية من طرف المدير العام للأمن الوطني، السيد علي بداوي، والمدير العام للديوان، السيد سمير تعالبي، بمقر الأمن الوطني بالجزائر العاصمة، بحضور إطارات من المؤسستين.
تأتي هذه الاتفاقية في سياق وطني ودولي تتزايد فيه جرائم القرصنة الرقمية والتقليد التجاري والفني، والتي تهدد الحقوق القانونية للمؤلفين والمبدعين وتنعكس سلبًا على الاقتصاد الثقافي الوطني. وفي هذا الإطار، صرّح السيد علي بداوي أن الاتفاقية تهدف إلى “تعزيز سبل التعاون في مكافحة الجرائم الماسة بالملكية الفنية والأدبية، وتطوير الآليات القانونية والتقنية لمواكبة التحديات التي يفرضها التطور التكنولوجي”.
الاتفاقية لا تقتصر فقط على الجانب الإجرائي، بل تشمل أيضًا مجالات التكوين، التحسيس، والاستشارة القانونية، مما يعكس شمولية المقاربة المعتمدة، والتي تراهن على الوقاية بقدر ما تراهن على الردع.
أبرز ما جاء في كلمة المدير العام للأمن الوطني هو اقتراح تأسيس لجنة مشتركة دائمة تُعنى بإعداد استراتيجية سنوية شاملة لمكافحة جرائم التعدي على حقوق المؤلف. هذه اللجنة، التي ستضم خبراء من المؤسستين، ستكون مسؤولة عن وضع خطة عمل دقيقة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الرقمية والسياقات السيبرانية الجديدة، إلى جانب تقييم دائم لمدى نجاعة الإجراءات المتبعة.
وفي سياق متصل، أشار بداوي إلى أن الأمن الوطني عمل منذ أكثر من عقدين على تطوير بنيته لمحاربة الجرائم الاقتصادية والفكرية، حيث تم إنشاء فروع متخصصة على مستوى كل ولاية، تتكفل بالتحقيق في ملفات الاعتداء على الملكية الفكرية، بالتنسيق مع نيابة مديرية القضايا الاقتصادية والمالية، وكذا مكتب الإنتربول – الجزائر.
من أبرز محاور الاتفاقية أيضًا، التركيز على التكوين المتخصص في المجال السيبراني والفكري، وهو ما أشار إليه السيد بداوي باعتباره “ركيزة أساسية في رفع كفاءة الإطارات والأعوان”، خاصة في ظل التحولات التقنية السريعة وتنوع وسائل التعدي على الحقوق في البيئة الرقمية.
هذا التكوين سيتجاوز البعد الأمني، ليمتد إلى الإطار القانوني والتشريعي والتقني، ما يعزز من قدرة الفرق المختصة على التعامل مع قضايا معقدة مثل سرقة المحتوى، التزوير الرقمي، واستغلال الأعمال دون ترخيص.
من جهته، اعتبر السيد سمير تعالبي، المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، أن الاتفاقية “ترسي قاعدة متينة لتعاون ميداني وقانوني وتقني طويل الأمد”، مؤكدًا أن اللجان التقنية المشتركة ستعمل على إنتاج تقارير ميدانية دقيقة، وتقديم اقتراحات عملية تراعي تعقيد الظاهرة وطبيعة المجال الثقافي.
كما شدد تعالبي على أهمية التنسيق المستمر بين المؤسستين، خاصة في مجالات التحسيس والتكوين، مشيرًا إلى أن الدفاع عن حقوق المؤلف هو دفاع عن ركائز السيادة الثقافية الوطنية.
الاتفاقية الموقعة اليوم تكتسي بُعدًا استراتيجيًا يتجاوز التعاون الإداري أو الإجرائي، فهي تجسّد تحولًا في المنظور الرسمي للدولة تجاه الثقافة، حيث لم تعد تُرى كقطاع رمزي أو ترفيهي، بل كمساحة سيادية تُهدَّد من قِبل أدوات رقمية عابرة للحدود.
إن مكافحة التعدي على حقوق المؤلف ليست مجرد معركة قانونية، بل هي معركة من أجل حفظ الذاكرة، حماية الإنتاج الوطني، وصون هوية البلد أمام محاولات الاستغلال غير المشروع، خاصة في عصر تتسع فيه الفجوة بين الإبداع الأصلي والاستهلاك الرقمي المفتوح.
تشكل هذه الاتفاقية خطوة هامة نحو إرساء نموذج جزائري فعّال لحماية الملكية الفكرية، يقوم على تكامل الجهود بين مؤسسات الدولة، وتطوير قدرات الموارد البشرية، وتعزيز الوعي المجتمعي بضرورة احترام حقوق المبدعين.
ويبقى التحدي الأكبر في تحقيق فعالية على الأرض، تُترجم عبر التحقيقات، الملاحقات، حملات التحسيس، ودعم التشريعات، حتى لا تبقى هذه الاتفاقيات حبرًا على ورق، بل تتحول إلى أدوات فعلية لحماية الإبداع الوطني من الاستنزاف والسطو.
The post توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني و (أوندا) appeared first on الجزائر الجديدة.