صحافة “وادي الحراش‪”!‬‬

على هامش المصاب الجلل الذي هزّ الوطن إثر سقوط حافلة في وادي الحراش وما خلّفه الحادث من ضحايا ومأساة، برز مشهد آخر لا يقلّ فداحة عن الحادث نفسه؛ مشهد بعض وسائل الإعلام التي حولت الفاجعة إلى مادة استهلاكية، وجعلت من الضحايا وأهاليهم “فرائس” لسبق إعلامي رخيص، في متاجرة فجّة بصدمة الناس ومعاناتهم‪.‬‬ لقد بدا واضحاً …

أغسطس 18, 2025 - 00:44
 0
صحافة “وادي الحراش‪”!‬‬

على هامش المصاب الجلل الذي هزّ الوطن إثر سقوط حافلة في وادي الحراش وما خلّفه الحادث من ضحايا ومأساة، برز مشهد آخر لا يقلّ فداحة عن الحادث نفسه؛ مشهد بعض وسائل الإعلام التي حولت الفاجعة إلى مادة استهلاكية، وجعلت من الضحايا وأهاليهم “فرائس” لسبق إعلامي رخيص، في متاجرة فجّة بصدمة الناس ومعاناتهم‪.‬‬
لقد بدا واضحاً أنّ هوس السبق الصحفي عند بعض القنوات طغى على أبسط القواعد الأخلاقية والإنسانية، فاستبيحت مشاعر المكلومين، وغابت عن الشاشة حدود الحياء والمهنية، وكأنّ الموت مادة للترند لا أكثر‪.‬‬
غير أنّ موقف سلطة ضبط السمعي البصري جاء حازماً ومعبّراً عن حدّ أدنى من صون المهنة، حين أوقفت بث أربع قنوات لمدة 48 ساعة، في إشارة صارمة بأن الابتذال الإعلامي له حدود، وأن مهنة “صاحبة الجلالة” لا يمكن أن تختزل في لهاث خلف المشاهدات على حساب القيم‪.‬‬
إنّ المأساة لم تكن فقط في سقوط الحافلة وما تبعها من رحيل أرواح بريئة، بل أيضاً في سقوط بعض الأقنعة الإعلامية، التي أثبتت أنّها مستعدّة لدهس الأخلاق في سبيل دقائق من الإثارة. وهنا، يصبح لزاماً إعادة السؤال: أية صحافة نريد لوطننا؟ صحافة مسؤولة تحفظ الكرامة، أم صحافة تسقط مع أول حادث في واد الابتذال.