ضباب في عيون عاصمة الضباب!

أجمل ما في هذا العصر أن الأقنعة لم تعد بحاجة إلى من ينزعها عن وجوه أصحابها، بل تسقط من تلقاء نفسها. وبريطانيا، أو “مملكة الضباب”، تمثل نموذجًا حيًا لمزاعم الحرية والديمقراطية التي تناثرت أوراقها على ناصية الصفقات السياسية الملوثة والمشوهة. الموقف البريطاني الأخير من حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، واصطفاف لندن إلى جانب الطرح …

يونيو 3, 2025 - 22:21
 0
ضباب في عيون عاصمة الضباب!

أجمل ما في هذا العصر أن الأقنعة لم تعد بحاجة إلى من ينزعها عن وجوه أصحابها، بل تسقط من تلقاء نفسها. وبريطانيا، أو “مملكة الضباب”، تمثل نموذجًا حيًا لمزاعم الحرية والديمقراطية التي تناثرت أوراقها على ناصية الصفقات السياسية الملوثة والمشوهة.
الموقف البريطاني الأخير من حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، واصطفاف لندن إلى جانب الطرح المغربي المُخزي من خلال ترويجها لما يسمى بـ”الحكم الذاتي”، لم يضف جديدًا سوى أنه نزع الغطاء عن وجه مملكة الحرية والديمقراطية الزائفة، التي طالما تغنّى ساسَتُها بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. وها هي “بريطانيا العظمى” تنقلب على كل مبادئها، وتختار الاصطفاف مع الدول الاستعمارية، مروّجة لخرافة “مملكة المخزن”، غير مدركة أن حرية الشعوب لا تُقرَّر بنكَتِ الساسة، بل بتضحيات الشعوب. بريطانيا، التي يحتفظ لها التاريخ المشؤوم بأنها كانت عاصمة “وعد بلفور” في القرن الماضي، هي نفسها اليوم تحاول الاصطياد في المياه العكرة، لتَعِد بما لا تملك، لمن لا صفة له ولا قيمة. والنتيجة من موقف لندن الجديد أن بريطانيا لم تعتبر من خطيئة بلفور القديمة، وهي تكرّر عبثها التاريخي بالتلاعب بمصائر الأوطان والشعوب. لكن ما تغفله لعبة الممالك هو أن الحرية قرارٌ تتخذه الشعوب، لا صفقة تُدار من وراء عبث وستار.