عقود مبكّرة لنخبة الخرّجين: متى ذلك؟!

أعلنت وزارة التعليم العالي يوم 9 سبتمبر أنه تقوم بـ”دراسة مشروع عقود توظيف لفائدة طلبة خريجي المدارس العليا بسيدي عبد الله”. وقد استبشرنا خيرا بهذا الخبر البارز بما له من تداعيات إيجابية على مستقبل الاستفادة من نخب طلبتنا. والغريب أن نفس العبارة وجدناها على صفحات معظم الصحف الوطنية دون زيادة أو نقصان، ولم تولها وسائل […] The post عقود مبكّرة لنخبة الخرّجين: متى ذلك؟! appeared first on الشروق أونلاين.

سبتمبر 13, 2025 - 16:53
 0
عقود مبكّرة لنخبة الخرّجين: متى ذلك؟!

أعلنت وزارة التعليم العالي يوم 9 سبتمبر أنه تقوم بـ”دراسة مشروع عقود توظيف لفائدة طلبة خريجي المدارس العليا بسيدي عبد الله”. وقد استبشرنا خيرا بهذا الخبر البارز بما له من تداعيات إيجابية على مستقبل الاستفادة من نخب طلبتنا. والغريب أن نفس العبارة وجدناها على صفحات معظم الصحف الوطنية دون زيادة أو نقصان، ولم تولها وسائل الاعلام أي اهتمام من حيث التحليل أو البحث عن المزيد من المعلومات حول المبادرة. وهذا أمر مؤسف.
ومع ذلك، تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة تزايدًا في النقاش العام حول مسألة هجرة الأدمغة، خصوصًا في القطاعات التكنولوجية والعلمية. فطلاب المدارس العليا في قطب سيدي عبد الله، بوجه خاص، الذين يُفترض أن يكونوا نواة التنمية المستقبلية، أصبحوا منذ سنوات -وقبل تخرّج أول دفعة فيها- هدفًا مبكرًا للشركات والمؤسسات الأجنبية التي تتسابق لاجتذابهم حتى قبل إتمام سنوات تكوينهم. لا نحتاج إلى إثبات أن هذا النزيف يشكّل تحديًا “للأمن العلمي” والاقتصادي للبلاد.

ضرورة العقود المبكّرة ومكاسبها
نعتقد أن هذا ما دفع وزارة التعليم العالي إلى إطلاق مبادرة إبرام عقود مع طلبة المدارس العليا. وما من شك أن نجاح هذه الخطوة تحتاج إلى رعاية السلطات العليا وتعاون متين ودائم مع كبريات المؤسسات الحكومية والخاصة. نتمنى أن ترى هذه العقود النور قريبا وأن تضمن لهؤلاء الطلبة مستقبلًا مهنيًا مغريا داخل الوطن ينافس ما هو موجود في الخارج. وبذلك نؤمّن استفادة الدولة من الكفاءات التي أنفقت عليها من المال العام ما أنفقت. ولهذا فالفكرة، وإن كانت في بدايتها، تستحق التنويه والتشجيع لأنها تفتح أفقًا جديدًا في طريقة تفكيرنا حول العلاقة بين الجامعة وسوق العمل.
ذلك أن هجرة نجباء الطلبة في المجال التكنولوجي، بوجه خاص، بدأت قبل إنشاء مدارس قطب سيدي عبد الله، من معهد واد السمار للمعلوماتية إلى مدرسة الحراش المتعددة التقنيات ومدرسة القبة للأشغال العمومية، وغيرها. ولذلك فالرهان اليوم لا يقتصر على نجاح التجربة في بعض المدارس العليا بسيدي عبد الله، بل يتطلب إرادة سياسية قوية لتعميمها على باقي المؤسسات، خاصة تلك التي تُعنى بالتكنولوجيات والعلوم الدقيقة حيث يشتد الطلب العالمي وتشتد المنافسة على استقطاب الخريجين منها. لا بد أن نضيف في هذا السياق -حتى لا يقال عنا أننا “نخبويون”- أن كل خريجينا يستحقون الاهتمام، لكن الاهتمام بالنخبة ينبغي أن يكون مضاعفا لتعمّ الفائدة التي سنجنيها منهم على الجميع.
تشير الأرقام غير الرسمية إلى أن مئات ومئات الطلبة الجزائريين النجباء يغادرون سنويًا بعد وقبل التخرج نحو أوروبا وأمريكا الشمالية، أو يتم استقطابهم مباشرة خلال فترة التربص من قِبل شركات أجنبية تعمل بالخارج. هؤلاء الطلبة كلّفوا الدولة سنوات من التكوين المجاني، لكن ثمار تكوينهم تذهب إلى أسواق عمل خارج البلاد. ولذا فالعقود المبكرة تمنحهم التزامًا بالعمل داخل الوطن بعد التخرج خلال فترة معقولة على الأقل، فيخفّف ذلك من ثقل هذا النزيف ويُثمن استثمار الدولة في التعليم.
وفي هذا السياق، علينا ألا ننسى جانب الاستقرار النفسي للطالب: كثير من الطلبة يعيشون قلقا على مستقبلهم إذ لا يعرفون ما إذا كانوا سيجدون عملًا مناسبا بعد التخرج. ولذا فإن إبرام عقد مع مؤسسة عمومية أو خاصة يضمن لهم الإدماج المهني، فيبعث فيهم الطمأنينة ويحفّزهم على التركيز في الدراسة بدل الانشغال بالبحث عن فرص خارجية. ثم إنه عندما ترتبط العقود بحاجيات محددة (كالطاقة، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الصحة، أشغال الهندسة، …) فإن الدولة تضمن تكوين عدد كافٍ من المختصين في هذه المجالات وفق حاجتها المستقبلية بدل أن تترك الأمر للصدفة أو لسوق العمل غير المنظّم.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post عقود مبكّرة لنخبة الخرّجين: متى ذلك؟! appeared first on الشروق أونلاين.