فارس هابش:الاقتصاد الجزائري بمنأى عن تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية

يشهد الاقتصاد العالمي اضطرابات متزايدة نتيجة تصاعد التوترات التجارية بين القوى الكبرى، لاسيما في ظل توجه الإدارة الأمريكية نحو فرض رسوم جمركية جديدة على عدد من الواردات الأجنبية. وتثير هذه الإجراءات الحمائية مخاوف متزايدة لدى العديد من الدول بشأن تداعياتها المحتملة على اقتصاداتها، وفي وقت تستعد فيه الأسواق العالمية لمواجهة الانعكاسات السلبية لهذه السياسات، يطرح تساؤل جوهري حول مدى تأثر الاقتصاد الجزائري بهذه التطورات، خصوصا في ظل العلاقة التجارية المحدودة التي تربطه بالولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، استبعد الخبير الاقتصادي فارس هابش في تصريح لـ”الجزائر الجديدة” أن تُشكّل هذه الرسوم تهديدا كبيرا للاقتصاد الوطني، مفسرا موقفه بجملة من المعطيات الرقمية والتحليلية التي تؤكد محدودية الروابط التجارية بين البلدين، واستقرار قطاع الطاقة الذي يُعدّ المصدر الأول للعملة الصعبة في الجزائر.

و يرى الخبير الاقتصادي في هذا الصدد، أن هذه الرسوم، رغم رمزيتها السياسية والاقتصادية، لن تُحدث تأثيرا كبيرا على الاقتصاد الوطني، مدعوما بعدة معطيات واقعية تخص هيكل التبادل التجاري بين البلدين.

وأوضح هابش أن الصادرات الجزائرية نحو السوق الأمريكية لا تمثل حجما مؤثرا في الميزان التجاري العالمي، مشيرا إلى أن البيانات الصادرة عن مرصد التعقيد الاقتصادي تُظهر أن واردات الجزائر من الولايات المتحدة بلغت خلال شهر أفريل الماضي حوالي 148 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات الجزائرية نحوها نحو 102 مليون دولار، ما يجعل الميزان التجاري يميل بشكل طفيف لصالح الجزائر.

وفيما يخص قطاع المحروقات، شدد الخبير على أن هذا القطاع الحيوي لن يتأثر سلبا بالقرارات الأمريكية، لكون الصادرات الجزائرية من النفط والغاز إلى الولايات المتحدة معفاة من هذه الرسوم، وفق ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال. وأضاف أن هذا الأمر يعزز استقرار أهم مصدر للعملة الصعبة في البلاد.

مع ذلك، نبّه هابش إلى أن قطاعات أخرى مثل المعادن، المنتجات الفلاحية، والصناعات الخفيفة قد تواجه تحديات، خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى إلى التوسع نحو السوق الأمريكية، حيث يمكن أن تؤثر الرسوم الجديدة على تنافسية هذه المنتجات دولياً.

وفي سياق متصل، رحب الخبير بالتحركات الجزائرية الرامية إلى تنويع أسواق التصدير، لا سيما عبر الاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخرا مع دول جنوب شرق آسيا، معتبرا ذلك خطوة إستراتيجية لتعزيز مرونة الاقتصاد الوطني والحد من التبعية للأسواق التقليدية.

واختتم هابش تصريحه بالتأكيد على أن الرسوم الأمريكية “لا تُشكل تهديدا حقيقيا في الوقت الراهن”، مستشهدا بسوابق في السياسة التجارية الأمريكية، خاصة خلال فترة الرئيس الأسبق دونالد ترامب، الذي تراجع عن عدد من قراراته الجمركية، وهو ما يفتح الباب لاحتمالات استثناء الجزائر من الإجراءات الجديدة، بالنظر إلى عدم تصنيفها ضمن الشركاء التجاريين الأساسيين لواشنطن.

فهيمة. ب