فراقُ الأحبّة ما أصعبه ؟!
أ. محمد بوركاب/ الحمد لله الذي لا يُحمدُ على مكروه سواه ، ولا إله إلا هو الحيّ الذي لا يموت ، (كلُّ من عليها فان ويبقى وجهُ ربّك ذو الجلال والإكرام) وصلى الله وسلّم على سيّدنا محمد الذي خُيّر فاختار جوار ربّه، وبعد: فإنّ العين لتدمعُ وإنّ القلب ليخشع، وإنّا على فراقك يا أخانا الحبيب …

أ. محمد بوركاب/
الحمد لله الذي لا يُحمدُ على مكروه سواه ، ولا إله إلا هو الحيّ الذي لا يموت ، (كلُّ من عليها فان ويبقى وجهُ ربّك ذو الجلال والإكرام) وصلى الله وسلّم على سيّدنا محمد الذي خُيّر فاختار جوار ربّه، وبعد:
فإنّ العين لتدمعُ وإنّ القلب ليخشع، وإنّا على فراقك يا أخانا الحبيب الغالي فضيلة الدكتور المقرئ الجامع عبد الهادي لعقاب لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عزّ وجل (ربّنا أفرغ علينا صبرا وتوفّنا مسلمين).
إنّ مصابنا لجللٌ ولا يسعنا إلا الترحم على فقيدنا راجين من اللّه أن يتغمده برحمته ويعلي من مقامه ويلحقه بالشهداء والصالحين.
لا يسعنا إلا أن يعزي بعضنا بعضا، فأتوجه بأخلص التعازي إلى أسرته الكريمة وزوجه وأولاده، وإخوانه القراء وطلابه وشيوخه وفي وقدمتهم سيدي الشيخ المقرئ الجامع موفق عيون، وعلماء الجزائر وزملائه في التدريس وسائر محبيه …
وأصدقكم القول أنّني شعرت اليوم بجزء منّي قد فارقني، وأظنه شعور جميع إخوانه القراء فلقد كان مِن نعم النّاس خُلقا وعلما وقراءة وإقراء وتفانيا في التعليم والإقراء والدعوة إلى الله …
فعزاؤنا اليوم:
1_ أنه انتقل إلى جوار ربه وهو أكرم الأكرمين، والله تعالى يقول (إنّ المتقين في جنّات ونهر في مقعد صدق عند مليك مُقتدر) وقال تعالى (وأعدّ لهم رزقا كريما).
2_ أنه كان مِن أهل العلم، واللّه تعالى يقول (يرفعِ اللّهُ الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وفي الحديث الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية وعِلم ينتفع به وولد صالح يدعو له) فرصيده جارٍ من خلال طلابه الذين تصدروا للتعليم والإقراء وانتشروا في ربوع الوطن في المساجد والمدارس والجامعات.
3_ أنه كان مِن أهل الله وخاصته وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنّ للّه أهلين، قيل مَن هم يا رسول الله؟! قال: أهلُ القرآن هم أهلُ اللّه وخاصتُّه) فهم المقربون من الله تحت عرشه.
4_أنه جمَع بين تعلُّم القرآن وتعليمه ، وفي الحديث الصحيح أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال (خيركم من تعلّم القرآن وعَلّمه) فهو خير النّاس بشهادة الصادق المصدوق صلى الله عليه! ومَن شهد له سيّد الخلق فهو حسبه.
5_ أنه من القرّاء الجامعين المتقنين رواية ودراية، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) والماهر : هو المتقن الحاذق وقال (يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارقَ ورتّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها من كتاب الله).
6_ أنه كان من الخطباء والدعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والله تعالى يقول {ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} وقال نبيه الكريم عليه أزكى الصلاة والتسليم (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجر من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئ).
7_ أنه كان دمِث الأخلاق خفيف الظل يدرك ذلك كل من خالطه وتعامل معه ناهيك عمن صاحبه وسافر معه، وفي الحديث الصحيح أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال (إنّ من أحبكم إليّ وأقربكم منّي منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا).
8_ أنه كان صابرا محتسبا عند نزول الشدائد والمصائب، آخرها المرض العضال الذى أودى بحاياته ليرفعه إلى مرتبة الشهداء وهو ما نرجوه له من الله، وقد ورد في الحديث الصحيح أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال (الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيدٌ، والغَرِقُ شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمعٍ شهيدة) والمطعون: هو من يصاب بالطاعون، ويلحق به كلّ من ابتلي بورم عضال فتّاك!
جعلني الله وإياكم عبيد إحسان لا عبيد امتحان، ورحم الله فقيدنا وأعلى من مقامه وجعله {مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا}.
آجرنا الله في مصيبتنا وأخلفنا خيرا مناها ، وختم لنا بالحسنى وألحقنا بالشهداء والصالحين (إنّا للّه وإنّا إليه راجعون)